مسرحية "البطة البرية" للكاتب النرويجي هنريك أبسن
المكان: المسرح الملكي دراماتن في ستوكهولم
المخرجة السويدية أنا بيترسون

سبق لهذه المخرجة أن فازت بجائزة الثقافة عن مسرحية الانسة جولي على خشبة المسرح الحميمي لسترندبري وكذلك بجائزة النقاد السويديين، والمخرجة أنا بترسون وهي طالبة تدرس الدكتوراه في مادة البحث السرحي جامعة ستوكهولم وتعمل ممثلة ومخرجة حاولت في مسرحية البطة البرية خلق حالة التناقض مابين اللغة والمعالجة والناس ليس كما هم في حياتهم وربما يعيشون بدون استقرار والتركيز& على هياكل مهمة وجود اسرتين ومجتمعات صغيرة تعيش في ضيق وكل الشخصيات الشخصيات والناس تعيش في دراما هنريك أبسن وتمارس الشخصيات الادوار الاجتماعية بهدوء قسري وفق مساحات محدودة وفي هذا العرض تلعب الموسيقى دورآ مهمآ وتكامليآ في العرض المسرحي وهناك مجموعة الهيب هوب دي والمخرجة فسرت النص وعالجته بطريقة المسرح البصري وعالم اسرتين يوحي من خلال البوستر والفلم لعينين مفتوحتين وتسليط الضوء على حالة التناقض الاسري العجوز إكدال وإبنه هيلمر وزوجته حينا وابنتهما هدفيج ويبقى صاحب العمل السابق هاكون يدفع إجور إكدال . وفي هذه المسرحية كل شيئ له وظيفة ودلالة عالجت المخرجة أنا بيترسون النص برؤيا ووصفات فنية متنوعة إعتمدت على عنصر الابهار وسرقة عين المتفرج وأغرقته في عوالم مختلفة ومتنوعة ومتعددة لذلك إنكسر التقليد من خلال خلق لغة جديدة تشكلت وفق مواصفات العرض المسرحي باستخدام شرائح الفديو وفي بعض اللحظات للمساعدة على تحديد المشهد وإضفاء جو المتعة مثل مشهد المطر والماء وخلق حالة النص الموازي أو التفسير المناسب لنص مسرحية البطة البرية من خلال خلق جو من السحر المرئي في أكثر من لحظة وخاصة في استخدام الاضاءة الحمراء وهي توحي لجو القتل أو الانتحار في لحظات الدم والموت وتبقى مسرحية البطة البرية فيها العديد من الرموز وهل كانت هدفيج أو جريجرز صورة لشخصية إبسن وهل جريجرز يمثل صورة& وانعكاس لشخصية هنريك إبسن أو شخصية إكدال المتعلق بحب الغابات وهدفيج المتعلقة بحب أعماق البحر والجميع يعيش في موطن الاحلام وتبقى صورة استوديو المصور وعالم المسدسات وخرير الماء والمطر ودخول رجال يحملون دمى لرجال بدون رؤوس وشاشة تعرض عليها صور وأفلام فيديو ومشهد الرقص وسقوط الاحذية من سقف المسرح الى أرضية المسرح وفي فصل الاستراحة وضعت المخرجة تمثال لهنريك إبسن وجينا تحلق لحيته والشيئ الغريب في هذا العرض مشاركة عمال المسرح في العرض من خلال دخولهم وخروجهم مع قطع الديكور وتغيير الديكور أمام الجمهور وكذلك لصق الاشرطة البيضاء وتحديد حركة ومكان الممثل أو الممثلة على شكل مربعات توحي الى غرف ضيقة واماكن محددة لايمكن الخروج منها أو تجاوزها مع وجود كاميرا التصوير ،والمسرحية لاتخلو من الملهاة وأجواء الدسائس في عائلة إكدال ومراوغات جريجرز النزيل في بيت هيلمر وهو يحاول اقناع هيلمر بخيانة زوجته جينا حينما كانت تعمل في بيت والده وربما هدفيج ليست ابنته.& جريجرز يلخص حكاية البطة البرية ويبقى هو المسئول عن حالة القطيعة مابين هيلمر وزوجته جينا , وجريجرز يعيش على دسائس مفرطة بالفتور ومجتمع خانق ومجامل ومستبد هذا المزيج الغريب من البوهيمية وكل محاولات ومرواغات جريجرز لايمكن ان يزدهر اي مجتمع بدون جو يسوده التسامح وغياب الشذوذ والكراهية والاكاذيب& ولكن موقف ابسن غير ملتزم بموقف جريجرز ولكنه يوضح بعض الثارات الشخصية وربما شخصية جريجرز تمثل شخصية& المصلح الاجتماعي أو ربما شاذ عقليآ والكاتب هنريك ابسن إهتم بجميع شخصيات مسرحية البطة البرية لكي يؤكدْ ويبرزْ وهم الحياة ومع ذلك اصبحت شخصية جريجرز عالة على ابسن وعلى بيت إكدال وهل يكفي التضحية بالارانب والبطة& أكثر من التضحية بترك هيلمر لاسرته وقد ينهار بنيان أسرته وفي مشهد بكاء هيلمر وهو يصرخ لقد إنهار بيتي ولكن البنت هدفيج تصرخ ابي وتحاول ان تقف الى جانبه وهو يرفض أن تقترب منه وتبدأ ثورة الاب هيلمر ونفوره من اسرته حين يشك إن هدفيج قد لاتكون إبنته تحول الى وحش أعمى يرفض استقبال إبنته رغم إن زوجته جينا تطلب منه ان يهتم بإبنته هدفيج ولكنه يشعر بخيانة زوجته وهو يصرخ اريد ان أتحرر من المتطفلين وتبقى الطفلة هدفيج تشك بموقف والدها ربما يقصدها وهي تتعاطف مع والدها هيلمر المحطمْ ويبقى السؤال المحيرْ هل هي ابنة هيلمر أم ابنة فرليه الاب وتعيش يأس الطفولة الاسود لقد ضحتْ هدفيج بحياتها وانتحرت قربانآ لوالدها هيلمروهي تقول سأموت سوف تأسفون, وقوة البطة البرية كقدرة الاشباح في مسرحية هاملت او الساحرات في ماكبث وتبقى الفتاة هيدفيج رمز الضحية التي تقدم الفداء ولكن جريجرز يحرضها على قتل البطة لكي توحي بحبها لوالدها هيلمر ولكنها تطلق الرصاص من خلال المسدس على نفسها وتظهر بقعة ضوء حمراء وظهور عينين على الشاشة يغطيها الدم ويبقى موت هدفيج& فاجع ، اتجهت المخرجة انا بيترسون في تفسيرها ومعالجتها لجسد النص المسرحي بطريقة ومفهوم بوست مودرن لجسد العرض المسرحي وتحويله الى كثل وصور فنية مختلفة باستخدام اساليب فنية متعددة ومختلفة وفق علامات نصية واستخدام تقنيات السينما والشاشة والفديو وكانت المخرجة موفقة في المزج مابين تقنيات الفنون المسرحية والسينما والتلفزيون وفق إطار تبادلها للشاشة وخشبة المسرح واشغلت المخرجة الشخصيات كأدوات للكورس في إثناء الاداء الحكائي وتتابع الانطباعات السمعية والبصرية من خلال المجموعات وشعورنا بمتعة العرض جماليآ وتفاعل سكونية النص التقليدي عبر تأويله وإعادة إكتشافه ضمن إيقاع جديد وبطريقة الكوركراف والرقص وتشكيل لوحات منحوتة من جسد الممثل منسجمة مع الاقتباس من مخزون النص عبر تفكيك النص الاصلي ومحاورة أحداثه باستخدام الموسيقى ورؤيا إخراجية وتمثيل وسينوغرافيا والملابس وخلق ايقاع فني وفق وعي فني راقي يربط اتجاه مابعد الحداثة مع نص مسرحي بالغ الرهافة&

عصمان فارس مخرج وناقد مسرحي ستوكهولم