بغداد: على الرغم من مرور ست دورات متتالية على مسابقة ادب الرحلات التي تنظمها اسرة الراحل ناجي الساعاتي والنجاح الملفت لها..& الا ان وزارة الثقافة لم تلتفت اليها.
&&&& يثير عدم وجود اهتمام رسمي بجائزة الساعاتي لأدب الرحلات العديد من التساؤلات على الرغم من محاولات القائمين على الجائزة ان يكون لوزارة الثقافة دور فيها يعزز حضورها بشكل اكبر واسع، سيما انها الاولى من نوعها في العراق والوطن العربي، فضلا عن ان مسابقة الكتابة في ادب الرحلات تعد ملفتة للانتباه بشكل مميز كونها تتناول ادبا جميلا يتضمن مشاهدات حية، لانه (يعكس ويوثق كل ما صادف الرحالة عبر رحلاته كلها، حيث إن الكاتب أو الرحالة ينقل كل ما رآه خلال رحلاته ويصف الأماكن التي زارها كلها ويصف عادات الشعوب وأهلها وينقل كل المواقف التي تعرض لها خلال رحلته أو رحلاته التي قام بها خلال حياته. وكتب الأدب الخاصة بالرحلات هي من المراجع الجغرافية كما انها مراجع تاريخية مهمة إذ أنها تصف وبشكل دقيق جداً التفاصيل التي عاشها وعاصرها الرحالة خلال سفره عدا عن الناحية الاجتماعية). فيما يشهد هذا النوع من الادب تراجعاً كبيراً على مستوى العالم لاسباب منها ما يرجع بالدرجة الأساسية إلى أن (رحلات اليوم هي رحلات جاهزة كاملة تامة).

خارج نطاق الاهتمام الحكومي
& والغريب ان المسابقة، رغم حرص القائمين عليها على ان تكون عربية او عالمية، الا انها ظلت خارج نطاق الاهتمام الحكومي، في حدود المؤسسين لها مع تعاون في (المكان) من اتحاد الادباء والكتاب في العراق،فيما نأت وزارة الثقافة عنها على الرغم من محاولات اهل المسابقة باشراك الوزارة لتكون برعايتها لتنال انتشارا واسعا ولطبع الكتب الفائزة على الاقل،ولكن ليس هنالك من رد ايجابي.
هذه الجائزة التي تحمل اسم الراحل ناجي جواد الساعاتي توزع جوائزها في التاسع من مايس/ مايو من كل عام& وبرعاية ودعم من نجله الدكتور سعد الساعاتي، وتاتي تزامنا مع الذكرى&& وفاة& الاديب الراحل ناجي& وتبلغ قيمةالجائزة المالية 700 دولار للجائزة الاولى و500 دولار للجائزة الثانية.

لا مجيب!
&&&& فقد اكد المشرف العام على المسابقة توفيق التميمي ان خاطباتهم للوزارة كانت بلا مجيب، وقال: الوزارة أصلا لاتدرك قيمة جائزة كهذه، قيمة الجائزة وأثرها في تفعيل الثقافة العراقية برافد جديد لم تشهده عبر تاريخها الا بنماذج فردية محدودة أمثال: محمد شمسي والحاج الساعاتي نفسه، وفيما خلا ذلك فهذا الأدب أرساه الرحالة الأجانب والذين عرفونا بأسرار مواقعنا وأثارنا وجماليات طبيعتنا العراقية
واضاف: أراد الدكتور سعد الساعاتي ولجنة الحفاظ على تراثه فتح نافذة جديدة للثقافة العراقية وكوة في قاعاتها التقليدية التي تحتفي بالشعر ومهرجاناته لتواصل ذكرى جهود هؤلاءالرواد.
وتابع: الوزارة هي وريثة التقاليد البالية للانظمة الفاشية التي حكمت العراق فمن أدارها الا باستثناءات نادرة لا تكفي للوعي بقيمة مثل هذه المبادرات التي تتطور وتاتي ثمارها بدعم مؤسسة الدولة الثقافية كما معمول بالدول المتحضرة، الوازرة الحالية ورثت أرستقراطية طبقة موظفين الوازرة السابقة حتى اصبحت مجاميع للعاطلين يديرها مسؤولون جاءوا بمظلات محاصصة ما بعد صدام، ادارات بهذا المستوى وجيش من موظفين عاطلين وتحج بموقف الدولة المالي والحزبي كلها تجعل الوزارة تتذرع بعدم المشاركة بمثل هذه الفعاليات التي ينتظر المشرفون عليها مبادرات منظمات مدنية محلية وعالمية قبل وزارة مشلولة لا حول لها ولا قوة، لم تعكس وجودها على تقدم الثقافة وتحسين واقع المثقفين منذ انطلاق مرحلة الحرية الجديدة، علما اننا في كل احتفالية نجدد مطالبتنا لوزارة الثقافة ومديرية شؤونها الثقافية بدعم المطبوعات الفائزة بطبعها على الأقل ولكن لا من مجيب.

لا استجابة لمطلبنا
& من جانبه اكد واثق الهاشمي، منظم الاحتفال بالجائزة، ان الوزارة وعدت ولم تنفذ وعودها، وقال: كنا نذهب ونطلب أن يكون هنالك دعم من الحكومة لكن للأسف لم تكن هنالك استجابة من وزارة الثقافة.
واضاف: صارت المشاركة في المسابقة أوسع، وتهدف عائلة الساعاتي الى أن يكون أدب الرحلات منحصرا في العراق ولتقديم جوائز& اكبر ونتاجات اكثر لهذا الادب المهم اخذ ينحصر في العراق، وكان للمرحوم ناجي جواد الساعاتي اهتمام بهذا الادب ومن الرواد الداعمين له اذ الف نحو15 كتاب لهذا الادب، لذلك ارى ان اهتمام وزارة الثقافة به ضروري.
&وتابع: ارتأى سعد نجل ناجي جواد الساعاتي ان يقوم بتطوير الجائزة وخصص لها جوائز مالية لكي توزع على الكتاب الفائزين سنويا احياء لذكرى والده، خاصة مع ازدياد حجم المشاركات العراقية والعربية والدولية ومع الأصداء الإعلامية الواسعة للجائزة من خلال مشاركة الأدباء والكتاب، وكنا نطمح بالتفاتة من وزارة الثقافة بدعم وطباعة القصص الفائزة& حيث وعدتنا الوزارة وعلى مدى عدة سنين و لكنها لم تنفذ وعودها تجاه هذه الجائزة.&

لا تكلف الدولة كثيرا&
&& اما الفائز بالجائزة الاولى لاخر نسخة من المسابقة باسم فرات فقد اكد على ضرورة ان تهتم الوزارة بالجائزة، وقال: أرجو أن تهتم وزارة الثقافة أكثر بالجائزة وتتبناها ليس نشرًا للكتب الفائزة فقط، وإنما رفع قيمة الجائزة لتكون قدرها الأكبر باللغة العربية، قياسًا ببقية جوائز أدب الرحلات، وأن تكون الكتب الفائزة مطبوعة وجاهزة حين توزيع الجوائز، وأن تساهم في تسليط الأضواء عليها أكثر، فالعراق من البلدان التي تعدّ مهدًا لأدب الرحلات في العالم، ولا يُكلّف الدولة كثيرًا طبع كتابين أو ثلاثة سنويًّا مع مبلغ عشرة آلاف دولار للفائزين. ريادة العراق بأدب الرحلات يجب أن يُسلط عليها الضوء عن طريق جائزة ناجي جواد الساعاتي ودعمها معنويًّا وماديًّا كما أوضحت أعلاه.
&&& واضاف عن فوزه: كل فوز هو مسؤولية أكثر منه ارضاء للذات المبدعة، وأرى أن أهمية أي جائزة تكمن في ما تتركه من أثر ودافع لدى الحاصل عليها محفزة إياه إلى المثابرة والمضي بوعي ومسؤولية، أي أنها ثُقل الإلتزام مضافة أكثر منها واجهة اجتماعية وإرضاء لنرجسية الكاتب، وشخصيًّا كتبتُ كتابين في أدب الرحلات فاز كلاهما بجائزةٍ، الأول مسافر مقيم.. عامان في أعماق الأكوادور، وقد فاز في الإمارات بجائزة ابن بطوطة لأدب الرحلات، والثاني هو هذا الكتاب (الحلم البوليفاري.. رحلة كولومبيا الكبرى) وقد فاز بالجائزة الأولى في مسابقة ناجي جواد الساعاتي لأدب الرحلات في العراق. الكتاب هو عبارة عن أدب رحلة في ثلاثة بلدان هي كولومبيا والبيرو والأكوادور، وفيه حديث عن ماركيز وعن شاعر الأرجنتين الكبير خوان خيلمان الذي التقاه المؤلف في كيتو عاصمة الأكوادور، وعن خوان مونتالفو كاتب الأكوادور الأول وسرفانتس أمريكا الجنوبية، وعن رحلات الكاتب في أعماق هذه البلدان وآثارها وغاباتها وجزرها وكهوفها وشلالاتها ومدنها وجبالها، كما تعتبر المقدمة ليس تلخيصًا للكتاب أو تعريفًا به وإنما رؤية الكاتب باسم فرات لمفهوم أدب الرحلات، ويختتم الكتاب بقصائد كتبها الشاعر والكاتب في أماكن متفرقة من رحلته وإقامته في الأكوادور لم تُنشر في كتاب من قبل.

&ست دورات متتالية
&& يذكر أن فعاليات الجائزة في دورتها الأولى انطلقت بتاريخ 18 آيار/ مايو 2010 على قاعة الجواهري في مقر الاتحاد العام للادباء والكتاب، وفاز بجائزتها الأولى مناصفة كل من الكاتب والإعلامي توفيق التميمي عن مخطوطته (مقاربات الأمكنة ) والقاص والروائي محمد سعدون السباهي عن مخطوطته (رحلة إلى بومباي)،وفاز بالجائزة الأولى بدورتها الثانية الباحث والكاتب شاكر لعيبي عن مخطوطته (تحقيق رحلة أبي دلف الثانية) وفاز بجائزتها الثانية الكاتب نعيم عبد مهلهل عن مخطوطته (أيام سومرية في طنجة)، أما في الدورة الثالثة فقد فاز بالجائزة الأولى مناصفة كل من الشاعر صادق الطريحي عن مخطوطته (رحلة السواد) والشاعر صلاح حسن عن مخطوطته (من بغداد حتى حوض الكاريبي) في حين حصل على الجائزة الثانية الكاتب خضير فليح الزيدي عن مخطوطته (الباب الشرقي)، وفي الدورة الرابعة فاز الكاتب والروائي& العراقي الموصلي ابراهيم سليمان عن مخطوطته (سندريلا بلون الشقائق )، فيما فاز بالجائزة الثانية الكاتب والروائي حسن البحار عن مخطوطته رحلة ابن البحار، وفي الدورة الخامسة فاز الكاتب والشاعر العراقي المقيم في السويد عبدالكريم راهي عن مخطوطته (ساعات الصفر)،وفاز بالجائزة الثانية مناصفة مع& الدكتورة فاطمة فوزي عبدالعاطي عن مخطوطتها& (ندف الثلج )) الكاتب العراقي علاء مشذوب عن مخطوطته (رحلات الى عواصم& ايران )، اما جوائز الدورة السادسة فكانت الاولى من نصيب الشاعر باسم فرات ” الحلم البوليفاري/ رحلة كولومبيا الكبرى”، بينما نالت مخطوطة ” سمات الأخضر المتألق” للناقد والقاص جاسم عاصي الجائزة الثانية.

من هو الساعاتي؟
&&&&&&& ناجي الساعاتي اديب وكاتب عراقي معروف وان كان اشتهر بتجارة الساعات ومنها حمل هذا اللقب الذي اشتهر به، ويعد من علامات بغداد المهمة ولا زال اسمه مميزا عن عامة الناس، ولد في العراق عام 1922، واخذ مهنة تصليح الساعات من والده ومنها تطور عمله، حيث اصبح وكيلا لماركات عالمية، لكنه كان شغوفا بالقراءة والكتابة والادب ومشاركا في المناسبات الثقافية والشعرية التي تقام في بغداد وبيروت والقاهرة، توفي عام 2000 في لندن التي عاشت فيها الغربة في ايامه الاخيرة التي انتقل اليها بسبب ظروف الحصار الاقتصادي على العراق. نشر مقالاته الاولى في جريدة الهاتف لصاحبها جعفر الخليلي،وفي جريدة البلاد لصاحبها روفائيل بطي، وجريدة الأيام لصاحبها عبد القادر البراك. وبعد مرحلة نشر المقالات ظهر له اول كتاب عام 1957بعنوان(رسائل من الهند) وهو عبارة عن رسائل ارسلها الى ابنته الكبرى، يصف فيها احوال الهند وطبيعتها وطباع اهلها. وفي عام 1959 اصدر كتابه الثاني الذي يحمل عنوان (قصة الوقت) الذي ترجم الى اللغة الانكليزية ونشر في سويسرا، وفيه بحث تاريخي وعلمي لقصة الوقت منذ السومريين حتى ابتكار الساعات الحديثة،وظهر الكتاب بمقدمة مهمة للدكتور العلامة مصطفى جواد،وتوالت بعدها اصداراته الثقافية بين ادب الرحلات والقصص القصيرة التي ظهرت له منها مجموعة باسم (مع الايام) ومن ثم كتاب في النقد بعنوان (كتب قرأتها)، وواصل بعد ذلك كتب رحلاته التي ابتدأت برحلته الى الكويت عندما كانت محمية بريطانية في بواكير نهضتها الحديثة زمن الحاكم عبدالله السالم الصباح، ليسافر منها وبدون جواز سفر الى ايران ويتحدث فيها عن مناطق كانت غير معروفة بالنسبة لللعراقيين ووصل الى الهند وكان اول رحالة عراقي يصف الهند واحوالها، وغدا كتابه ((رحلة الاندلس)) من اكثر كتبه انتشارا، وكتاب سويسرا خيمة العالم لخص فيه جولاته الكثيرة الى ذلك البلد، كما نشر كتاب بعنوان (بغداد سيرة ومدينة) والذي طبع في عمان عام 2000. وكان كتاب (رحلتي الى جزر نيوزلاند) والذي نشر في مدينة حلب السورية نهاية عام 2000 اخر كتب الرحلات و اخر ماكتبه قبل ان يرحل عن عمر 78 عاما تاركا اثاره الطيبة.
&