بسبب سياسة التقشف وعدمْ إقرار الموازنة المالية منذ سنة ٢٠١٣ من قبل الحكومة المركزية في بغداد& بدأ الانتاج المسرحي بالتضاؤل في إقليم كردستان وعلى الرغم من زوال الرقيب الذي كان حجرة عثرة امام الابداع المسرحي ووجود فسحة من الحرية. في الثمانينات إزدهرت الحركة المسرحية في كردستان وماكنا نعرف المسرح الاستهلاكي أو التجاري وكانت لغة الحوار والالتزام السياسي وإتجاه المسرح السياسي والعروض المسرحية ذات محتوى إنساني والالتحام المنشود مابين المسرح والجماهير رغم ماكنا نواجه من تحديات كنا نسعى الى تحريرالانسان من الحزن والخوف وخلق مجتمع جديد يخرج من إنعزاليته وكانت بداية النهضة في المسرح الكردي& أعطت وأينعتْ ثمارها في مدينة السليمانية بوجود معهد الفنون الجميلة خريجي وخريجات أكاديمية الفنون الجميلة جامعة بغداد وكذلك وجود الفرق المسرحية الاهلية ساهم الجميع في تطوير الحركة المسرحية وإقامة الندوات الفكرية لدور المسرح وأهميته من الناحية الفكرية والجمالية وخلق جيل من المسرحيين لهم ثقافة وتجربة مسرحية لديمومة المسرح الكردي وخلق تقاليد مسرحية جديدة من التلقي والاستقبال من خلال عروض مسرحية عديدة تتميز بالدقة والاناقة في نسيجها الاخراجي والخروج من إطار الاخراج التقليدي وتجاوز قواعد التمثيل الكلاسيكي وخلق مناخ تعليمي يجمع مابين خشبة المسرح والجمهور ومحاولة جادة لكي نؤرخ لميلاد مسرح كردي جديد بفضل تأزر الجميع المؤلف والمخرج والممثل وربما أقول وبكل أسفْ هذه الظواهر المسرحية لم تؤتي ثمارها بسبب هجرة البعض وإنعدام التخطيط العلمي وغياب الاسس الواقعية وحالة الانفصام مابين رجال المسرح ورجال السياسة وغياب مسرح الكلمة والجمهور وغياب المعونات المالية المهمة للفرق المسرحية ومديريات السارح لدعم الانتاج المسرحي ويبقى طموح الفنان هو الخروج من مسرح الصالونات والوصول الى مسرح جماهيري وصياغة مسرح جديد ومنهج جمالي يستقطب الجمهور أي مسرح يخرج من كوة المباشرة وتقديم مسرح بطقوس جديدة.لكون المسرح هو فن حوار المجتمع مع نفسه ولذلك ممكن ان يصبح المسرح فن نقاش للترويج لما يحصل مثل ترويج الشركات لسلع تجارية وممكن المسرح أن يغير سياسة دولة وهناك مسرحيات تغيير المناخ العام في المجتمع والرأي وعلى ضوئه تتكون السياسات ونحن نعرف دور الاعلام في تغيير المجتمع مثلما حصل في السبعينات ووصول المرأة الى صندوق الانتخابات في كل العالم ودورها الفعال وتغيير نظام الكون وكانت مسرحية بيت الدمية للكاتب النرويجي هنريك إبسن ثورة المرأة& ضد عبودية المجتمع الذكوري ومسرحيات فيها الحث السياسي وإنتقاد الواقع أو السخرية من شخصيات مسرحيات ساخرة من رؤساء وإدمانهم على الحروب وقفشات وهزل من الحروب وعمليات التوسع مثلآ في الثلاتينات كانت النوادي الليلية تسخر من سياسة الفاشية في مسارح برلين وبرودواي وخير دليل وساطع مسرحية يوإس لبيتر بروك على مسرح الدويتش سنة ١٩٦٦ كانت مسرحية تنتقد الحرب وتعرض في مسرح حكومي يبقى الحرب شيئ فضيع ومفزع كنا في الثمانينات نعرض مسرحية مصير الانسان للكاتب الروسي شولوخوف في مدينة السليمانية كنا ندين الحرب من خلال استهلال الاغنية الجماعية& الايام السوداء وايام الحروب وفي الحرب تفقد الحبيبة حبيبها وتفقد الام إبنها وفي الاتحاد السوفيتي كانت هناك فرقة مسرحية سياسية تدين السلطات في مسرحية الانسان الحي وهي تهاجم سياسة إدارة المزارع التعاونية وقد منعت وفي السويدفي السبعينات عرضت مسرحيات تدعوا للمساواة وسنْ قوانين جديدة لصالح المرأة وكانت فرقة المسدس وفرقة اونجا كلارا تقدم عروض مسرحية في المدارس والساحات العامة تدعوا لحرية المرأة واستقطبت هذه العروض جمهور واسع ربما يسأل القارئ مثل هكذا فرق ومسرحيات لها فسحة من الحرية ومناخ ديمقراطي يستطيع الفنان ان يجهر بصوته وهل تصلح في بلدان ومجتمعات الشرق الاوسط المغلفة بستائر سوداء ،كتبنا كثيرآفي الصحف والمجلات وفي الشبكة الاخطبوطية وفي موقع التواصل الاجتماعي عن هموم المسرح في أوطاننا ربما أثارت كتاباتنا من خواطر وإتهامات أو تأييد من عشاق المسرح وتبقى هموم كل المسرحيين وكفأتهم وصرختهم عبارة عن نقوش وتواريخ ربما تزيل كل البقع وتزيح كل الطارئين على الثقافة المسرحية ولغرض حماية هذا الارث والصرح الثقافي وتكريم الرواد وتشجيع الدماء الشابة الجديدة وعدم إغفال الاخرين وخلق مجلة رصينة تعني بشوؤن ثقافة المسرح ومحاولة أرشفة المسرح وتكريم النقاد وتشجيع الحركة النقدية لكي نتجاوز حدود أزمة المسرح وتكريم كل صناع الفرح والجمال في المسرح وترميم المسارح القديمة وعدم إهمالها وبناء مسارح جديدة وفق معمارية وتقنيات حديثة مثل مسارح دوارة ومتحركة والتشجيع على إقامة مهرجانات للمسرح ومسرح الطفل لغرض التواصل الحضاري والفكري مابين المسرحيين والجمهور وتقديم عروض مسرحية متنوعة وتشجيع مسرح الكوميديا الساخرة والناقذة والهاذفة وتخصيص ميزانية لمديرية المسارح والفرق المسرحية وفق خطة سنوية من قبل الدولة أو حكومة الاقليم او الحصول على معونات ودعم من قبل الشركات ورجال الاعمال والمصانع لدعم الفنان والعروض المسرحية وإعطاء أهمية لدور المسرح دليل على مدنية الدولة أو إقليم كردستان وحالة التحضر وذلك لاهمية المسرح في خلق جيل واعي ومحمي من كل الافكار الهدامة والانحراف وبذلك نتجاوز النظرة الدونية للفنان كونه مجرد أداة تسلية& أو ترفيه من خلال تقديمه لعروض مسرحية فيها الاسفاف والضحك على الذقون ولغرض إنتشاله من حالة المسخ والعوق الفكري& ومحاولة تشجيع ودعم معاهد وكليات الفنون الجميلة وخلق جيل من الخريجين يعملون ويرفدون الوسط الثقافي وارسال المبدعين الى الخارج لغرض الدراسات العليا وتطوير قدراتهم ومهارتهم الفنية والفكرية.

عصمان فارس مخرج وناقد مسرحي ستوكهولم