&بغداد: صدر للشاعرة العراقية رفيف الفارس مجموعة شعرية تحمل عنوان (من يطرق باب الضوء...)، عن دار ضفاف للطباعة والنشر والتوزيع، صممت الغلاف الشاعرة ذاتها فيما لوحة الغلاف للفنان التشكيلي العراقي احمد الزعيم.
&&&&&& ضمت المجموعة بين غلافيها 14 قصيدة توزعت على 76 صفحة من الحجم الصغير، هي : صلاة فجر، مطر،مستثنى بالوجع،كما النخيل،مسافات العطش،يوما سأبصر عينيك، تعاويذ الغياب، ابجديات، استميحك شوقا، اساطير الجمر، ليس وداعا.. سمرة الفجر، فنجان قهوة، في دمي موعدك ونبضات، وقد افتتحت الشاعرة مجموعتها بأهداء حمل عشر كلمات جاء فيها ( شاســـعُ الــرّوح، إليكَ بكلِّ ما أنتَ عليه، لانك الغد الاخر...).
& اتسمت بعض القصائد بكلمات افتتاحية مأخوذة عن شعراء وقدوضعتها الشاعرة للتعبير عما يجيش في داخل قصيدتها وتعدها مدخلا مناسبا، مثل الشعراء مظفر النواب ومحمود درويش وعبد الرزاق عبد الواحد ولميعة عباس عمارة، وهي تنسج على منوال الكلمات تلك روح قصيدتها، ومثال ذلك ما اخذته من لميعة (صليتك خمسين عاما،فدعني أذق راحة الظل قبل السفر)، فهي تتماهى مع الكلمات تلك فيما سياقها يتطلع الى وجه آخر تحاول الشاعرة قراءته ومن ثم الانسجام مع ملامحه لتقول ما يمنحها فيضا مما يختلج في ذاكرتها او قلبها.
&(وهناك
في البعيد
على قارعة الطفولة
يأتي صوتك
ملؤه الحنين
يوما سأبصر عينيك
&وأنتظر لحظة القراءة
ابحث& عن كل همسة ونأمة
وأتحول الى ارض خضراء وشمس
ألواح سومرية ومسلات
ابحث دوما عن حروف لا تكتبها
تتناسل في ألف قصيدة من زمن الانتظار...)
&&& قراءة عناوين القصائد يمكن الاحساس بأن العناوين يمكن ان تكون قصيدة اذا ما اعدنا ترتيبها وقرأناها معا،ومن خلال عناوين القصائد ايضا، ترسم الشاعرة وجدانياتها التي تتنوع مضامينها بشيء من الهدوء لكنها في بعضها ترفع من درجات حرارة الصوت فيشعر القاريء انها تصرخ بكل ما في عمقها من حدة، تبدأ هادئة كأنها تتأمل فضاء الفكرة التي تتحدث عنها لكن صيحاتها تتعالى رويدا رويدا، فتفرغ كل ما في نفسها من حب او وجع لاسيما عندما تتحدث عن الشؤون التي تهتز لها مشاعرها وتكتظ في نفسها صورها.
&
(يلقي ظله على ضفة محسرة الماء
وأطفال يلهون بالموت
والجوع
وعلى الضفة صياد يقلب حظه بالرزق القليل
كما النخيل
لا ينحني ولا يستكين
لقيظ أو لبرد
ضاربا في الارض الجذور
السعف في السماء)

وفي وجدانياتها تراها تسرج نبضاتها وتحاول ان تعبر عن ما يكنه وجدانها بكل ثبات، فتأتي ملتمة على نفسها كأنها تصطك بعلامة السكون التي ترغم العبارات على توقفات ثابتة تشير الى ان العمق الذي تنطلق منه المشاعر ساخن، تحاول ان تكون جادة الى اقصى درجات الجدية في تحكمها بمشاعرها، كما في قصيدة (مَسافات العـَطشِ) :
(من خلف الاساطير تعود
متمردا تعاند القدر
تهدج
أمتزج
تعبد
بالروح
بالجسد
بما فيك من نار ونور
&بما فيك من اسى يثور ).

اوكما في قصيدة (صلاة فجر) :
(ينذرني بعدك هبة للغور
&لا ينبض بي الا صدى نبضك
يسابقني دمي الى قرار اوتارك
أتهجدك فجر أمنية وانتظار,
وعلى بقايا قوسي من بقايا الغابات
دامر معتق بالتميمات
تشهقه الانفاس وسع الذكريات
وفي الروح مسار القمر )

او كما في قصيدتها (ليس وداعا.. سمرة الفجر) المهداة الى (الانسان نيلسون مانديلا) التي جاءت ليس رثاء الزعيم الجنوب افريقي بل كانت ترنيمات وهدهدات تمتزج ببعضها& لتمنح مانديلا الانسان كلماتها الشاهدة على انسانية الرجل وعظمته :
(ورحلت..
صيفا اسمرا.. وربيعا,
سدا من رحيق و حرير
وكم من طوفان.. يحتاج سدك
محاطا بالامنيات رحلت
وامتنان نوافذ الفجر
وحنو اضلعك على سجانٍ فقير
أفلا تشهد السماء انطفاء الشموع
والصمت يدوي بهمس الامنيات المفجوعة
صعبة هي خيارات الخلود
واخًترت.. الحب.. للخلود).

.. بقي ان نقول ان المجموعة تمتلك مساحات للتأمل،ففيها الكثير من التأملات التي تحفل بالصور الشعرية الجميلة والمشاعر الشفافة المتدفقة بعفوية والممتلئة اشتعالات من الوجد والحنين وجماليات اخرى.
&