سيدني: تُعد الرواية التي عُثر عليها مؤخراً في منزل أسرة بيو باروخا في مدينة "بيرا" بنافارا الإسبانية، مُسك الختام لثلاثية الكاتب عن الحرب الأهلية الإسبانية.
تبدأ رواية "تقلبات الحظ" غير المنشورة بسرد حكاية رجلٍ يسافر، سيراً على الأقدام، من مدريد إلى فالينسيا، ويطّلع خلال رحلته على ما آلت إليه إسبانيا عقب الحرب الأهلية. بهذا العمل الأدبي يكون الكاتب الإسباني بيو باروخا، الذي كان ولد في سان سيباستيان عام 1872، وتوفي في مدريد عام 1956، قد أغلق ثلاثيته " عن الحرب الأهلية الإسبانية "لاس ساتورناليس"، والتي ضمّت "الكانتور باغابوندو"، و"ميسيرياس دي لا غيرّا"، المنشورة في 2006، وتمثل هذه الرواية آخر عمل لباروخا تمّ العثور عليه ضمن مجلّدٍ منسي في أرشيف إيتزا في نافارا الإسبانية، وتنعكس فيها ثلاث نواحٍ تتعلق بالكاتب: هاجسه بالنزاع الإسباني، وتحليل أسباب هذا النزاع، وعلاقة حب فاشلة، دائمة الحضور في رواياته، وإسلوبه المباشر والواضح.
تظهر هذه الرواية للوجود بعد 65 عاماً من كتابتها، والتي ستصدر عن دار النشر "إسباسا" في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وفقاً لما أعلنته صحيفة "آ بي سي" الإسبانية الإسبوع الماضي. وحسب خوسيه كارلوس ماينر، المشرف على نشر الكتاب "أن هذه الرواية تؤكد الفكرة المطلقة لسلبيات الحرب الأهلية. ورأي باروخا فيها على أنها حرب وحشية، وألقى اللوم إلى حدٍ كبير على سوء فهم الديمقراطية السياسية، وتسييس المجتمع الإسباني، بما في ذلك الجمهورية، وحيث كانت البرجوازية الضحية الرئيسية". أن الرواية تعكس جزءاً من وجهة نظر خوان دي أويارثون، ذلك الرجل الذي يطوف إسبانيا سيراً على الأقدام، ويمكن من خلاله قراءة حياة باروخا، المتجسدة في حبه للسير وتأمل المناظر الطبيعية، وهاجس الحرب الأهلية. ومع تطوّر أحداث الرواية، تنكشف أيضاً جوانب من السيرة الذاتية للكاتب. تلك الرحلة الدائمة الرسوخ في رأس بيو باروخا، رحلة الإنتقال من مدريد إلى فالينسيا، ومن فالينسا إلى باريس، وبعدها إلى أمريكا.
يؤكد خوسيه كارلوس ماينر قائلاً "لم نكتشف (شجرة العلم)، وهي ليست من أعماله العظيمة، إلاّ أنه كان شديد الإهتمام لوضع خاتمة لثلاثية الحرب وتأملاته عنها".
وكما هو الحال مع أويارثون، فأن عقدة الرواية الجديدة تنقسم إلى ثلاث محطات، تنبع وتولد من "تقلبات الحظ"، هذه الرواية القصيرة التي تعود إلى أوائل أعوام الأربعينات، تتطور وتنمو لتغدو طويلة، كما في هذا الكتاب غير المنشور سابقاً.
من المؤكد أن الرواية قد كُتبت في مدريد، ما بين الأعوام 1948 و1952، ولكنها ظهرت في إيتزا بنافارا، في ذلك المنزل ذو الثلاثة طوابق والمحاط بالأشجار التي كان بيو باروخا إشتراها في عام 1912 في ضواحي بيرا، بالقرب من جدول المياه التابع لكسانتيليريكا في نافارا.
وعند صدور رواية "تقلبات الحظ" في الخريف القادم، سيكون المشروع الأدبي والفكري للكاتب بيو باروخا قد إكتمل. وإذا كان باروخا قد تناول الحرب الأهلية في الجزء الأول والثاني، فأن الجزء الثالث يبدأ من مرحلة ما بعد الحرب، والحرب العالمية الثانية.
أن النسخة الأصلية لرواية باروخا الجديدة هي عبارة عن بضع صفحاتٍ مكتوبة بخط يده، كان الكاتب يمررها إلى شخصٍ آخر لكتابتها على آلة طابعة، في أغلب الأحيان يكون ذلك الشخص خوسيه غارثيّا ميركاديل، مثلما يتذكر خوسيه كارلوس ماينر. ومن المعروف أن بيو باروخا كان يسرّه نقل ما مكتوب إلى آلة الطابعة وبشكلٍ أفقي، بحيث يكون كل سطر قد إزداد طولاً، بحيث يسمح للكتابة بسرعة عند إدارة ذراع آلة الطابعة. ويبلغ عدد صفحات الرواية أكثر من 200 صفحة بقليل، مزوّدة بالعديد من الشروحات والملاحظات.
وكان أمضى باروخا مرحلة ما بعد الحرب في الكتابة عن الحرب الأهلية، ومع العثور على هذه الرواية تكون وجهة نظره وتصوره عن هذه الحرب قد إكتملت. وجهة نظر ذلك الرجل الذي يسير ويسير من مركز البلاد، بحيث يرى في الوقت ذاته أن قتامة إسبانيا الأمس لا تزال جاثمة هناك.&
&