ايكس اون بروفانس (فرنسا): يعيد المخرج النمسوي مارتن كوسيج النظر جذريا في الاخراج الجديدة لاوبرا "الخطف في السراي" لموزار التي تقدم في المهرجان الدولي للفنون الغنائية في اكس اون بروفانس في فرنسا، وصولا الى الغاء مقطعين يشيران الى تنظيم الدولة الاسلامية.
فبعد الهجمات التي وقعت في فرنسا والكويت وتونس في السادس والعشرين من حزيران/يونيو، رأت ادارة المهرجان والمخرج ان بعض المشاهد "لا تحتمل"، ولاسيما مشهدان يشيران بشكل واضح الى تنظيم الدولة الاسلامية. ففي ذلك اليوم، اسفر هجوم في فندق في تونس عن مقتل 38 شخصا، وفجر انتحاري عبوته داخل مسجد شيعي في الكويت موديا بحياة 26 مصليا، وفي فرنسا هاجم رجل رب عمله في مصنع كيميائي وقطع راسه وحاول ان يسبب انفجارا في المصنع. وفي المشهد الاول من الاوبرا التي تستمر حتى 21 تموز/يوليو، يظهر مقاتلون اسلاميون متطرفون وهم يحتجزون مواطنين اوروبيين في صحراء، ويتأهبون لقتلهم تحت راية سوداء وامام عدسات الكاميرا. لكن المخرج ازال العبارات التي كانت على العلم الاسود، والتي تشير الى تنظيم الدولة الاسلامية، وكذلك حذف مشهدا تظهر فيه الرؤوس المقطوعة للرهائن. ويقول مدير المهرجان برنار فوكورول لوكالة فرانس برس "ان قضية الصورة اصبحت حساسة جدا، لا نريد ان تخرج صور من العرض وتنشر على الانترنت خارج سياقها". ويضيف "هذه ليست رقابة، هذا نضج". وهي المرة الاولى التي يتدخل فيها فوروكول منذ العام 2007 لتعديل شيء ما في احد العروض. ويوضح وجهة نظره بالقول "بعد الاعتداءات التي وقعت الجمعة 26 حزيران/يونيو، لم تعد الاشارة الى داعش في عرض للاوبرا مناسبة".
وعلى غرار كل سنة، يقدم المهرجان عملا لموزار. وهذه السنة اختيرت اوبرا "الخطف في السراي" التي تصور اجواء شرقية، لكنها اتخذت هذا العام بعدا مختلفا. فقد حول المخرج النمسوي احداث خطف لبريطانيين جرت في العام 1782 الى العام 1920 حين كانت القوى الاستعمارية تتقاسم الشرق الاوسط. لكن مشاهد عدة من الاخراج الجديد تشير الى امور راهنة مثل المقاتلين المتطرفين الملثمين المدججين بالسلاح.
ولم يتردد المخرج في ادراج حوارات باللغة الانكليزية في اوبرا مكتوبة اصلا باللغة الالمانية. وتجري احداث الاخراج الجديد للاوبرا وسط ديكور متقن لصحراء رملية. ومخرج العمل مارتن كوسيج معروف بطريقته الاخراجية التي تعكس عنف المجتمعات الراهنة.
ففي العام 2010، حول كوسيج اوبرا "روسالكا" للمؤلف دفورجاك من قصة معاناة حورية بحر، الى قضية رجل يحتجز ابنته في قبو ويغتصبها. وأتى ذاك العرض بعد بضعة اشهر على انكشاف قضية احتجاز اب لابنته على مدى 24 عاما في قبو تحت منزله الواقع على بعد 100 كيلومتر من فيينا، واغتصابه لها على طول هذه المدة، وهي قضية اثارت صدمة كبيرة في النمسا.