بغداد: وانا اطالع الكتاب استوقفتني كلمات للشاعرة الكبيرة لميعة عباس عمارة عن السياب تقول فيها: ولو امتد العمر ببدر لكان الان لاجئا في دولة ما مثل اكثرنا، يعيش الكفاف مستسلما للكآبة، هذا في احسن الاحتمالات !!!.
صدر عن دار الروسم في بغداد كتاب يحمل عنوان (حامل الخرز الملون / دراسات وشهادات تقرأ السياب) اختارها وحررها زعيم نصار وميثم الحربي، وزيّن الغلاف بلوحة للرسام العراقي ستار كاووش، يقع الكتاب بـ 270 صفحة من الحجم المتوسط،وتضمن احدى عشرة دراسة وسبع شهادات فضلا عن مفتتح جاء فيه: في هذا الكتاب (دراسات وشهادات) تتناول السياب من زوايا تأمل متعددة بتعدد المفاتيح القرائية لمنجز الافق الفسيح في عالم كتابة الشعر من حيث الاساليب واللغة ونوع الهموم والقيم التي تم انتاجها في المتن الشعري.
&&&&& وفي المفتتح ايضا نقرأ ملاحظة : في هذا الكتاب تتم الاشارة، التي يجب اخذها بالحسبان ونحن باشر القراءة عن وحول وفي السياب، الى ان مشروع التحديث وتجوهره يختلف اختلافا كبيرا عن محطات التحديث الشعري في العالم فـ (ليس في الامكان مقارنة حركة التحديث الشعري في الشعر العربي بالتحديث في الشعر الاميركي او حتى الفرنسي، فهذا امران لا يتوافر لديهما الزمن الشعري الممتد لدينا، اساسا كما ان ديناميكية الحياة الثقافية في اميركا وفرنسا على سبيل المثال تجعل التجريب والتغيير ممكنين ولازمي احيانا، بينما سكونية المجتمع العربي تقف عائقا فعليا امام اي تغيير في الثقافة والسياسة.
وكذلك فيه: كتاب استذكار السياب هذا يختلف في اهميته عن بقية الكتب التي تناولت لحظة الشعر الحديث عراقيا وعربيا، فمن خلال الجهد النقدي يتعامل مع السياب بوصفه منتجا للشعر وليس للقصائد، ففي الاول اتساع وتفجير واقتراح مغامرات ذهنية في التفكير الشعري وفي الثانية ضيق ومحدودية، فهذا هو السياب.

11 دراسة متنوعة
الدراسات كانت متنوعة توزعت على ما يتعلق بحياة السايب وقصائده، فقد كتب صالح زامل دراسة بعنوان (اساءة المثقف، قراءة في ذهنية السياب) حيث (الاساءة جزء من فضاء شعبوي كا يمثل مزاج العراق بعد ثورة 14 تموز 1958 وتحديدا بعد سنة 1959 حيث احتدمت الصراعات في العراق لتصل اوجها)، وكتب حسن السلمان (الابداع والحس النقدي.. السياب انموذجا) قال فيه (انه يدلل وبشكل لايقبل الشك بوصفه مثقفا على صعيدي الخطاب بشقه الفكري /الرؤيوي وشقه الجمالي على ايمانه العميق بان الابداع هو في التحليل الاخير ابداع حر وومارسة ذات طابع انساني بامتياز) وكتب الدكتور حاتم الصكر دراسته بعنوان (القناع الضدي.. قراءة نصية لقصيدة (المخبر)، وجاء فيها (هذه القصيدة تنتمي سياقيا لفترة التزامه الحزبي في الحركة الشيوعية في العراق وايمانه بالفكر الماركسي ومقولاته حول الطبقات ودورها في التاريخ)، وكتبت الدكتورة نادية هناوي دراستها تحت عنوان (النزعة الدرامية في شعر السياب.. قصيدة اسير القراصنة انموذجا)، قالت فيها (في القصيدة نلمح الزوع الدرامي واضحا كونه السمة الغالبة في بناء القصيدة وعلى وفق رؤية شعرية متميزة في التعامل مع الحياة وتفصيلاتها الدقيقة والانسان وتناقضاته المختلفة)، فيما كتب حسن الكعبي عن (الرمزية في شعر السياب. انشودة المطر انموذجا) جاء فيها (فالشاعر احدث تنويعات على كلمة مطر وقد اضفى هذا الترديد على القصيدة جوا طقوسيا او قداسيا يوحي بابتهالات الشاعر في حضرة انثى) وكتب عبد الكريم كاظم (ذاكرة تستأنس بهطول المطر) قال فيها (رغم مرضه العضال وما جر عليه من مآس وهموم بقي السياب ذاكرة شعرية تحلم دائما بابادة اليأس مثلما هي ذاكرة تستأنس بهطول المطر وانها ايضا ذاكرة مستعادة تنوس بين الحلم والضوء والحزن والامل) اما علي حسن الفواز فكتب دراسة عن (قراءة ثقافية.. الاثر الشعري ومعطى التحول) قال فيها (يثير الشاعر السياب سؤالا دائما حول مدى امتداده شعريته في مجرى التاريخ الشعري المعاصر وفي مجرى تراكم لحظته الثقافية مثلما يثير حافزا لاستكناه الكثير من تبديات التغاير في الشعرية العراقية)، وكتب الاستاذ الدكتور حمد محمود الدوخي (ورقة السينما على شاشة النص الشعري)، جاء فيها (ان افادة السياب من التقنية السينمائية، حتى وان بقيت ضمن شكل الافادة المباشرة، تشكل دليلا على حدة وعي السياب الذي فطن مبكرا الى فاعلية هذه التقانة الكبرى، وكتب الدكتور جاسم محمد جسام دراسته بعنوان (قراءة في البنى النصية للمتن السيابي) قال فيها (يستعين السياب احيانا بالتكرار للكلمة او سطر شعري لنهايات قصائده وهذا ما نلاحظه في القصائد ذات المقاطع المتعددة)، فيما كتب بشير حاجم عن (علائقية البناء في قصيدة السياب) ومسك الدراسات& للشاعر الراحل كمال سبتي بعنوان (في الليل.. والاستثناء الشعري) جاء فيها (هذه القصيدة شغل كلاسيكي نادر في الشعر العربي الحديث).

7 شهادات مهمة&
&& اما الشهادات فكانت للشاعرة لميعة عباس عمارة بعنوان (لو عاش لاصبح منفيا)، تناولت بعض ذكرياتها معه وقالت (بدر شاكر السياب شعلة انطفأت قبل ان ينفد الزيت وثمرة قطعت قبل ان يتم نضجها) مشيرة بسخرية (ولو امتد العمر ببدر لكان الان لاجئا في دولة ما مثل اكثرنا، يعيش الكفاف مستسلما للكآبة، هذا في احسن الاحتمالات)، وللشاعر سعدي يوسف (الشاعر الذي حول المجرى) قائلا (لقد تعرض بدر للسجن والنفي.. لكنه اطلق الشرارة التي اندفعت مشاعل)، وللشاعر فاضل العزاوي (قوة الاسطورة السيابية) وفيها (فإن الشعر العربي مع السياب وبعده صار غير ما كان عليه قبله، هو الاول الذي فتح الباب المغلق لجميع الشعراء الذين دخلوا البيت بعده واكتشفوا ا فيه )، وللشاعر زاهر الجيزاني (شاعر الالم والمرض والحب الرعوي) قال فيها (السياب يحمل صورة واحدة ثابتة عن المرأة هي الريفية الحالمة العليلة من الحب ) وللشاعر الراحل حسين عبد اللطيف شهادة هي الاطول بعنوان (السياب وعلاقته بالتراث العربي وعروضه) قال فيها (بعد ان رحل السياب غدت قصيدته ذات طوابع قارية خصوصا تلك التي جرت على نسق الشعر التقليدي والتي شكلت منجزه الشعري تقريبا بوضوح غرضها وبساطة معالجتها وبحدة جرسها او موسيقاها الخارجية)، وللشاعر محمد تركي النصار (السياب – اضاءة) ومما جاء فيها (شخصيا اعد عنصر القوة الاكبر في تجربة السياب الشعرية هو اتساع افقها الانساني وانفتاحها على الاخر وصهرها للتجارب والاساطير وخلاصة الجواني المضيئة في الارث الانساني الشامل وخاتمة الشهادات للشاعر كاظم جهاد (رفيق البدايات.. شقيق النهايات) قال فيها (الكل، حتى بين الاجانب، يشهدون انه هو الانقى والاجمل على النفس وقعا، شعراء الغرب يرددون ذلك وطلبة السوربون الذين اتلوه عليهم يؤكدون ان جاذبيته لا تضاهي).
&