أنا وهو...

أعني ظلي الذي يتفاداني وينفصلُ عني
وجدتُني في الطائرة من دون علمي.
كان الضوءُ قويّاً على الأرض.
مَنْ وضعني عليها من غير علمي؟
كنتُ أقطع مسافة في صقع خيالي، اخالني أعرفه،. وأنا لا أعرفه.
بيدي مُسوّدة حياتي، أحذفُ كلمة هنا ، لأضيفَ عبارةً هناك. أكملتُها، بعثرتُها على الريح، ستحملُها أنّى تشاءُ.
بين المبتدأ والخاتمة زمنٌ، صبرٌ ، وجعٌ .
للنهر موهبةُ الجري، ولي عنادٌ لا يهدأُ ولا ينكسرُ.
أركبُ متنَ أمنيتي ، تقودني الى تياه مدن منسية ،عبرنا مسالكَ العمر. تغيّرنا ولم تتغيّرْ. انمحى أُوارُها وجدارها وتلاعُها وغلافُها وغِلالُها وجبالها.. بل بقيت سِلالُها تنطوي على خياس الزمن. عافتها نفوسُنا، لكنْ..حظيتْ بضوع ِ ريحان وياسمين وقمر.
&ضبابُ العمر لا يشفّ عمّا وراءه. بل ظلّتْ قاماتُنا تتهدّل في ممرّات الندم المكبوت، والأمل الضئيل القامة.
عابراً تضاريس الوجع، سائراً طيلة العمر في أزقة اللاجدوى، مُطفئاً بسمة عزيمتك، قامعاً قامةَ نعمتك ، ثمَّ...لاتبينُ معجزةُ عرفانك. ..............
أفأنتَ مثلي تتنفّسُ ضوء المعرفة ينهالُ عليك من ملكوت ملغومة بالضجر الوهِن؛؟
&ساحراً فاجراً، ساخطاً، ناسياً نضارتك، ساخراً بأبجدية براعتك تظهرُ وتنطفيءُ.
دمُ دمامتك يتيبّسُ، يعروه شحوبٌ يشوبُ لغةَ مزماره .. فما هو سوى قصبة تجيد الغناء

تلك التي....

لديها حقوقٌ ،عقوقٌ ، وزمزمة ُحزن وحذر.
لدينا أفانينُ دنى، وأحزمةٌ من غضب.
&لديكم أدواتُ حلم، وأغطية غدر تسترُ اورامكم . وما بقي للآخرين أسرَةُ سعفٍ ، وقُلة ُماء صدئة. فيا مكرُ، تعالَ ، خضْ معي في الجدل العقيم كالذي لا يوصلُ بنا الى التفاهم، بل الى تفاقم الخلاف.
خلّ ِ يا قهري الفقيرَ لُقيماتِك اليبسة َ لفطور الصباح. دعِ الشمعة تذرف ضوءها في غلس الغرفة تمسحُ ظلال الأرق.
هلمَّ يا جناحَ المُخيلة ، خذْني الى فلج يتسّعُ لقاماتنا الواطئة. نستحلْ كرةً من القلق المُحمّص تحت قيوظ الفِكَر. تعالَ نتراشقْ بالكلام الهُلام، بالشكس الناعم ، بالنظرات المقيتة. فبين السفينة والشاطيء ثرثرةٌ وصمتُ موجٌ وانتظار، وسماءٌ هتّانةٌ بالجمرات.
وأنا ؛؛ مَنْ سأكون حين يكتمُ الزمنُ بريق وجهي؟
الطرقاتُ مُحتقناتٌ باللهب يغشانا صبحاً ومساءً.
تمهّل حين تُكلمني، ففي سمعي وقَرٌ وكلسٌ.
المسافاتُ مضبّبَةً بالعتاب الرقيق ، بالندم السائل يُرَاقُ على أُدم العيش . مرايانا مصدوعةٌ، مغشوشةٌ، صدئةٌ، غافلةٌ عن جريان الوقت تحت دفء أنفاسنا. طيوفٌ من البله تتمشى بين آماد النظر ونبض الشرايين وسخونة الحمّى تجتاب سوح أيامنا.
لديهم عيونُ الحكمة تتمرأى ما خَفي من شجن تحت أديم النهار.

......

في الضحى، حين يشعُّ الهرمُ بين الجوانح نلوذ بما بقي فينا من شظايا الصبر، نعلكُ ظلَّ انكسارنا ، ننتظر.
&فربّتما ظرفٌ آخرُ يستجدُّ ، تمرّ فوقنا ديمتُه، تهطلُ بماء يُطفيْ ثجيج أحباطنا.

ليلٌ يرحلُ

أخي يتركُ قدحَ الشاي سُدى ويمضي.
الى أين سيكون مشوارُك؟ يصمت، يختفي.
كان يحتسي شايه، أعجبتني قيافتُه. أهداني ابتسامته. لم أرَ شفتيه تبسمان، بل، مطبقتان، أو مترهلتان، أو تكتمان غيظاً.
طفلةً عذبة الملامح: لمَ تركنا؟ سالتْ. أهزُّ لها رأسي: لا أعرفُ ، وتنطفيءُ خلف ابتسامتها.
&البابُ نصفُ مفتوح، أرى الطست والوغف والفخذين الناصعين، أرى كفيها تدعكان الغسيل بشراسة. والتعب، ، الصبر ، الرضا على وجهها. كنتُ أتلصصُ عليها، ترتبكُ، تغطّي ساقيها، بل تنهض لتوصدَ الباب من دون ان ترفع صوبي نظرَها. مضت الى الطست، وجريت ُأبحث عن مشهد آخرَيقتنصُني من مرقدي . يخضُّ آدميتي، ينقلني حين يُداهمني الخطرُ الى وجود مختلف.
احسُّ كأنّي قشّة ٌيحملني خرير الساقية الى منفى آخرَ. الأماني تسوقُ ركابها الى عُريّ مجهول. ونحن نتقهقرُ الى مجهول ما ورائي. فكري خزينةٌ فارغة مُعبأةٌ بترهات ألتقطُها من هنا وهناك. مساري يُفضي الى متاه ٍ ضرير, والزمنُ ساعي بريد يؤخر رسائلي. ووسادتي مُكتظة ٌ بمرئيات حلمية تقتربُ وتبتعدُ. لستُ مستاءً من بحلقتك الفارهة فيّ، بل من صولتي العشوائية تتخبّط في لظى الهجير، أمنحني قضمة ًمن تفاحتك يا أمس ِكي لا أنساك.
....

أراني أسمعُ نبضَ صورتك الطائفة في نظري. قد تراني مقلوباً أمشي على رأسي. تُرى مَنْ منا يجثو في كيس الفراغ؟ أنت دوماً تسبقني في المبادرة، فهنيئاً لك مثواك الأبدي ، وسقياً لي البقاء على الجرف أغترف لآلئي من ذاكرة الشاطيء....