&

ترجمة : د. محمد عبد الحليم غنيم&
&
&أحكم وضع المعطف المبتل عليه، وارتدى القبعة والحذاء و أغلق الباب الخارجى فى رفق، ثم كان هناك صوت طقة. بقيت ماما واقفة فى المدخل وسط الظلام، بينما أجلس أنا فى أعلى السلم، أراقب كل ما يحدث، أغلقت عينى عندما حدقت ماما فى وجهى واختفيت.
& &لم يعد أبى فى صباح اليوم التالى، ولم تعد أمى له مكانا على مائدة الإفطار، ولم أسألها أين ذهب، ولم تخبرنى هى كذلك.
& &قالت :
- كلى بيضك... حافلة المدرسة على وشك الوصول.
أكلت ولكن البيض كان بارداً ومخاطياً، غص به حلقى، وعندما بدأت فى السعال، صفعتنى ماما بقوة على ظهرى، فصرخت.
& قالت :
- كفى عن الشكوى... أنت لم تعرفى معنى البؤس بعد.
&وعنما لم تقبلنى ولم تقل لى مع السلامة عند الباب الخارجى، عرفت أنها لن تعود لتقبيلى مرة أخرى .
صعدت سلم الحافلة بالطريقة التى تعودت أن أصعد بها، خطوة خطوة، لكن الأطفال الآخرين ظلوا يصوبون نظراتهم نحوى حتى انزلفت فى مقعدى، ثم خرقت الكلمات أذنى :
- اغتصب أبوك المرأة البيضاء.. نعم فعل ذلك.
& لا أعرف معنى الاغتصاب، لكننى أعرف الكلمة، أعرف ما حدث للسيد بيلوز بعد أن اغتصب السيدة البيضاء. لقد قالوا عنه كل أنواع الأشياء الرديئة داخل غرفة المحمكة، وكذلك عن زوجته وأطفاله، و فى الشارع بصق الجميع عليه، وعندما تم تعليقه من رقبته وسط الساحة الواسعة، وشاهد الجميع الفضاء الخالى المحيط بهم انه محبوب، مازلت أتذكر كم كانت عيناه واسعتين، و كم كان خائفاً. عرفت أنه لا بأس فى ذلك، بينما كانت الحافلة تخلف وراءها غباراً وقذارة وتكسر عظامنا طوال الطريق إلى المدرسة، كنت أفكر فى أبى، تخيلته وهو يجرى عبر الحقول فى معطفه المبتل وقبعته المحكمة وحذائه يضرب بسرعة باطن قدميه الشاحبتين، وفكرت فى فى مدير الشرطة وهو يطارده والبندقية فى يده، وكلابه تلهث بجواره مفتوحة الأفواه، يسيل اللعاب منها.
& عندما اهتزت الحافلة بقوة وتوقفت أمام المدرسة.تطلعت إلى الحقول والعصافير تطير وتنقض وتصوصو فى بهجة. وعلى حافة حقل الذرة كان هناك ولد صغير، يداه مشبكتان فوق رأسه، وشئ يتلوى بين أصابعه، قفزت من فوق مقعدى، نزلت السلم مسرعة، أخذت السلمتين فى مرة واحدة&
قلت :
- ما الذى معك هناك... ما الذى فى يدك ؟
حدق الولد فى وتراجع خطوة إلى الخلف، كانت ذقنه بازرة بشكل واضح.
- ليس هذا من شأنك.
فقلت وأنا ألوى ذراعه :
- دعنى أرى. دعنى أرى الآن وإلا سأقول.
أنزل الولد ذراعيه، وفتح أصابعه قليلاً، فبرز العصفور برأسه، ونظر إلىّ بعينيه الضعيفتين الصفراوين، وكان هناك دم على المنقار.
قال الولد :
- إنه مريض. كنت أنوى أن آخذه إلى البيت وأضعه فى السرير و أقدم له الحليب والخبز.
ظل العصفور محدقاً فى، رامشا بعينيه، لا يصوصو أو يزقزق، فقط كان يحدق كما لو كان قد وقع فى فخ. قلت وأنا أمد يداً :
- دعنى آخذه.
يمكن القول أن الولد لم يكن يريد أن يعطينى العصفور، لكننى كنت أكبر منه وأقوى بالتأكيد، فوضعه بلطف فى كف يدى الممتدة.
قلت وأنا أغلق عينيه بإبهامى&
- من الأفضل ألا تتألم، ويفضل أن يكون ذلك سريعاً.
كسرت رقته.. كانت هناك طقة
----------
المؤلفة : كالى تايلور/ Cally Taylor ، كاتبة انجليزية تعيش في بريستول، وتعمل فى لندن، بدأت كتابة القصة عام 2005، نشرت معظم قصصها على شبكة الأنترت، وفازت قصصها بالعدلهايد من الجوائز.. ترجمت روايتها الأولى : يمكن للسماء أن تنتظر الى ثلاث عشرة لغة .لها أيضا ثلاث مجموعات من القصص القصير.&
&