بغداد:&هذا جيل شعري عراقي جديد يولد ممسكا جمرة الابداع ويعلن انه امتداد لحركة الشعر العراقي المفعم بالقوة والثقة بنفسه، هذا جيل رسم من هذه اللحظة ملامح وجوده على الخارطة الشعرية وسيكون افضل لو ان النقد العراقي الحقيقي واكبه.
&
اجتمع 41 شاعرا وشاعرة من الشباب في فندق قصر السدير &بشارع السعدون ببغداد لاحياء الملتقى الأول للشعراء الشباب الذي حمل اسم دورة الشاعر الراحل حبيب النورس الذي نظمه نادي الشعر &في الاتحاد العام للأدباء و الكتاب في العراق تحت عنوان ( جواهريون )، حيث تضمن برنامج المهرجان الذي توزع على يومين القاء كلمات وعزف موسيقى وقراءات شعرية في يوم الاول فيما تضمن اليوم الثاني على اقامة جلسة نقدية تحت عنوان ( الأصوات الشعرية الجديدة / الأصالة و الأفق ) ادارها الشاعر نبيل نعمة الجابري فيما كان الباحثون : محسن العويسي،رؤى جعفر ،علي كاظم داود وحسن مجاد.
وتم انتقاء هذا العدد من خلال لجنة شكلت لهذا الغرض لكن الملفت ان هؤلاء الشعراء ليسوا اعضاء في اتحاد الادباء بل كانوا عبر اجتهاد اعضء (نادي شعر) لتحقيق طموحات شباب لم تسنح لهم الفرصة في اللتعريف بانفسهم او نتاجاتهم .
&
مفارقة المهرجان
& لكن المفارقة كانت في ما قدمه الشاعر الشاب كاظم خنجر ،من محافظة بابل، الذي قرأ قصيدته من آخر القاعة وليس على المنصة ،بدأها مرددا لمرات عديدة : (بللك الدم .. بللني الدم) ثم راح يقرأ نصه وهو يدور في القاعة ومنه :
(نحن العراقيين .. الجنود الاميركان في الهليكوبتر يرمون المناشير بسواعد موشومة على نسائنا النائمات فوق السطوح&
نحن العراقيين .. يوميا على الغداء تضع امهاتنا لنا الطائفية في الصحون نأكل منها حتى نبلغ افواهنا&
نحن العراقيين .. نصنع ابواب بيوتنا من الحديد لنصدأ خلفها
نحن العراقيين .. نطلق النار عندما يموت احدنا حتى نقتل الاخر&
نحن العراقيين .. دودة نائمة في تفاحة العالم)&
ثم يعود ليكرر عدة مرات (بللنني الدم بللك الدم) قبل ان يصل الى آخر القاعة ثم يمزق اوراق قصيدة ويغادر القاعة !.
&
للشعر كيان ووقائع
الى ذلك فقد اكد الفريد سمعان ،رئيس لجنة الملتقى، على دور الشعر في الحياة وقال : قضية الشعر في العراق تختلف عنها في البلاد العربية ، وبصراحة ان الشعر العراقي هو الذي يحتل الساحة العربية وشعراؤه كبار سابقا ولاحقا والعطاء الذي يقدمه الشعراء العراقيون عطاء جيد وجميل ورائع وفيه تدفقات انسانية وشعرية عظيمة يبتهج بها العراقيون جميعا ، واذكر ان في مهرجان المعري الذي اقيم في سورية لمناسبة مرور الف سنة ،قرأ الجواهري الكبير قصيدة عن المعري وكان من ابياتها (لثورة الفكر تاريخ يذكرنا/ بأن الف مسيح دونها صلبا) واثر ذلك نهض طه حسين بجبروته وطلب من الجواهري ان يعيد قراءة القصيدة من البداية.
واضاف: وفي وثبة كانون كان للشعر كيان ووقائع لا يمكن ان تحصى وتعد فقد اسقطت الجماهير معاهدة باكملها وجانب ذلك كان للشعر قصائد جميلة ورائعة، وفي الستسنيات برز الشباب والقوا بيانهم الشعري وكان فتحا جديدا في الحداثة الشعرية وقد ترك اثارا ما زالت حتى الان نستقيها ونحاول ان نستفيد منها ونعمر بها بيتنا الشعري .
وتابع: حسنا فعلت لجنة الشعر باختيار هذه الدورة باسم الشاعر الرائع حبيب النورس ، وهؤلاء الشباب المشاركون في المهرجان ما هم الا اكليل نضعه على رؤوسنا ونسير به في الشارع الشعري العربي .
&
ليسوا اعضاء في الاتحاد
من جهته اكد الشاعر ابراهيم الخياط ان الشعراء المشاركين ليس من بينهم عضو في اتحاد الادباء، وقال: اتحاد الادباء حين يعقد هذا الملتقى يحاول ان يوصل اكثر من رسالة ، الرسالة الاولى :ان تسمية الملتقى (جواهريون) دلالة اننا ليس لدينا الرمز الكبير فقط الجواهري بل يمكن ان يكون لدينا اكثر من جواهري وهؤلاء في طريقهم بقدر ما يتم تبنيهم من قبل النقد العراقي يمكن ان يكون لدينا اسماء بارزة شبيهة بالجواهري لاسيما ان تاريخ الشعر العربي يدل بمجمله على انه شعر عراقي ، والرسالة الاخرى : ان الاتحاد يريد ان يمركز المشهد الثقافي في بغداد لذلك أل على نفسه ان يأتي بالشعراء وهؤلاء طاقات واعدة من مختلف المدائن العراقية مهما كانت بعيدة عن المركز ، الرسالة الثالثة اننا في خضم حرب مع الارهاب ونحاول ان نقول هنا ان المعركة لا تكون مع الارهاب عسكريا فقط وانما هي معركة الجمال واللغة والحياة وهذه القاعة تحاول ان تحمل هذه الاسلحة التي ننتصر بها على الحقد والكراهية والموت المجاني الذي يبثه الارهاب .
واضاف: كل هؤلاء الشعراء المشاركين ليسوا اعضاء في اتحاد الادباء، فلذلك اهتمام الاتحاد بالشعر وليس بالشعراء الاعضاء ، وهؤلاء طاقات واعدة ويمكن صقل هذه التجارب ولكن اؤكد ان اغلب الجوائز التي تطلق في البلدان العربية يتم قطفها من قبل العراقيين وهؤلاء جزء منهم .
&
جواهريون تسمية نقابية
اما الشاعر عمر السراي عضو لجنة الملتقى فقال : مهرجان (جواهريون) هو مهرجان حلّ بعد ان الغينا دورة مهرجان الجواهري المعروفة للسنة الفائتة ، قلنا بإن هناك مهرجان الجواهري كرس لشعراء كبار في السن سنة بعد سنة ، وتم وجود رأي اخر ان هناك شريحة من الشباب لم تستطع ان تشارك بصورة جيدة في المهرجانات ولم تأخذ فرصتها لذلك هذا المهرجان حمل اسم (جواهريون) نسبة الى الجواهري مؤسس اتحاد الادباء، يعني التسمية نقابية وليس تسمية شكل فني ولكنه مهرجان متخصص للشباب من باب ادارة مهرجانات صغيرة لكنها نوعية ومميزة واغلب الشعراء المشاركين هم من كتاب قصيدة التفعيلة والنثر والعمودي حيث لا اشتراطات على الوزن ولا على الشكل الذي يقدم بل فقط مجموعة من الشعراء الذين هم كبار تجربة ولكن ربما صغار في السن .
&واضاف:اسماء الشعراء المشاركين اشرف عليها لجنة في نادي الشعر ولم تتدخل قيادة الاتحاد الادارية كمكتب تنفيذي او مجلس مركزي في اعطاء توجيهات او غيرها بل ترك الامر لنادي الشعر الذي هو يستقريء الساحة الشعرية لذلك انتقت هذه اللجنة هي التي انتقت هؤلاء الشعراء من مناطق العراق كافة .

جيل شعري جديد
فيما اعرب الشاعر الدكتور عارف الساعدي عن امله بظهور جيل جديد من الشعراء وقال : بحكم ما سمعناه ان هذا الملتقى سينجب مجموعة من الشعراء ستكون حالها حال الاجيال الشعرية التي ظهرت من جيل السبعينيت وحتى جيل التسعينيات التي اقيمت له الملتقيات التي برزت بها ملامح محددة، واعتقد ان هذا الجيل الجديد سيخرج من عباءة هذا الملتقى الذي على الاقل نحو 60% &من المشهد الشبابي موجود في هذا الملتقى .
&واضاف: تنوعت النصوص ما بين النثر والعمود ، ووجدنا شبه فراغ كامل لقصائد التفعيلة والعمود تتنازعه حركة التحديث الموجودة لاجيال قصيدة شعر ، وجدنا التحديث الشكلي والشعري مع هذا وجود حركة شبابية ممتازة سيظهر جيل من هذا الملتقى بحاجة الى غطاء نقدي فقط، الى دراسات واعية وحقيقية تتابع هذا الجيل لان ما اعتدنا عليه من نقد ان كل ناقد يتابع جيله ولا يتابع الاجيال الاخرى ، بمعنى اننا لم نجد اسم نقدي معروف يكتب عن الاسماء الشعرية الشابة فهو يعتقد ان التجارب لم تختمر بعد علما ان الكتابة عن هذه التجارب هي التي ستقوّم المشهد الشعري القادم لذلك هي ليست مطالبة اخلاقية فقط بقدر ما هي متابعة حقيقية للمشهد الشعري وعليهم بالتغطية النقدية .
&
بعض من قصائد بعض الشعراء
&
الشاعر الشاب اسماعيل الحسيني من النجف :
عقد يمر كعمر للعصافير&
عقد ونهرك في ايدي النواعير&
بغداد اي صباح صار يجمعنا&
صبح تسلل من شيب النواطير
ضعت فضعنا وما استاءت مروءتنا&
بأن نثبت جرحا بالمسامير&
كنا نأمل ان نلفيك ضاحكة&
حتى ضحكت ولكن للتصاوير&
عمرا نقاتل عن دين بلا سند
حتى نسدد ربا للسماسير&
بغداد الف نبي في طفولتنا
ولم نر الله الا في التفاسير&

وقرأ الشاعر مهند الخيكاني &من بغداد:
انا ذلك الغريق الذي يراه الجميع بخير،&
ذلك الهواء النائم في صدره&
تلك اللقطة الاخيرة من التلويح بل اكثر من ذلك
انا ذلك الجنين في بطن تلك المرأة الشاحبة&
وذلك الاب المحتمل المنشغل بشواربه
انا ذلك اللقيط بجان جينيه&
والسجين عند ديستوفسكي&
انا تلك الحماقة التي تصدر عن الخجل&

اما الشاعر حسين الاسدي من البصرة الذي اعجبني قوله (لا تشتر العبد الا والعصا معه/تلك العصا الان صارت في يد العبد ) فقد قرأ:
ماذا سأفعل يا رباه كي ابقى
&كل الحبال تراني تحتها عنقا
ما زلت احمل اثام الشراع على
&ظهري وترجمني الشطآن بالغرقى
وليس للحلم ابواب لادخله&
ورغم ذلك قد راودته طرقا
بين انهيارات تاريخي وقفت&
وما عرفت اي صخور تحتها القى
ما من نبي هنا الا وناقته&
حرب اصدقها كي اصبح الاشقى

اما محمود جمعة من الموصل فقرأ:
في حضرة الشيطان نسفح بوحنا
بشفاهنا يتكامل الاغواء
نمشي على جمر الكلام بحكمة
ببلوغها يعيا هم الحكماء
ونفلسف الدنيا بسطر موجز&
سئل الوجود دليلنا الاضواء

&وقرأت الشاعرة زينب العابدي من البصرة :
الى الصور التي تحيي الزوايا
ويحيي لونها وجه الحداد
الى الطفل المعتق في المرايا&
ويشرب عمره عمر السهاد
الى الله المنظر خلف سقف
تناشده المواجع والايادي
اياد ساءها طول انتظار&
يؤازر صبرها آت وغادي
&
&

&