&
"أنا من أهوى 600 طريق إلى العشق" كتاب وكتابة عن العشق والهوى، وفنون الحب، والعلاقات الإنسانية، لا تفصل بين الغرام كمعنى جميل وبين الجسد، يفصِّل فنون الدلال والتمنُّع، الإقبال والانصراف، كيف تحب، وكيف تتواصل مع من تحب، كيف ترضيه وما احتياجاتك منه.
هنا 600 طريق في فنون العشق، كتبها الشاعر أحمد الشهاوي بروح العاشق وحماسة من أضناه الهوى، ليس ذلك فقط، وإنما يقف ويشرح لماذا تَصّدُ المرأة ولماذا تقبل، ومتى يصيبها الملل من معشوقها، ومتى تعطيه بلا حساب.&
يقول الشهاوي يشغل "الحب" بمناخه المتعدّد، ودلالاته غير المتناهية مساحة شاسعة في التراث العربي، وهذا المناخ المتعدّد للحب لا يفصل بين الروح والجسد، ولا يقع في هذه الثنائية الضارة، ولا يرى أحدهما سلمًا يؤدي إلى الآخر، ذلك أن الوجدان العربي كان مشتعلًا، برفقة توهج العقل العربي في عصور ازدهاره".
وإذا كان هذا التراث العشقي قد انقطع عنَّا، أو انقطعنا عنه، فإن الشهاوي بهذا الكتاب "أنا من أهوى 600 طريق إلى العشق" ومن قبله كتاب "العشق"، وكتاب "أحوال العاشق"، و"الوصايا في عشق النساء" بجزئيه، قد استحضر هذا التراث بروح عصره، مجدّدًا فيه، ومضيفًا إليه، وهو منذ البداية يضع &يده على مربط الأزمة، وهي تخلّي العربي عن قيمة الحب والعشق، وعدم احترام جسده، وتقدير روحه، وتحوّله إلى كائن خائف من الحياة، غير منخرط فيها. فحاول الشهاوي أن يمنح الحب المتحقق عبر الالتحام الجسدي المكانة الأسمى: "لا لن يكذبني أحد إذا قلت إن الكون جزء منك".
وإذا كان العربي، قد اشتهر بالحب العذري في فترة من الفترات، فما هي إلَّا مرحلة اكتسبت شهرتها من استثنائيتها، وسرعان ما رجع نهر الحب مكتملًا بتحقق الجسد في العاطفة والعاطفة في الجسد؛ وهو ما انتبه إليه أحمد الشهاوي في هذا الكتاب عبر لغته المركزة &والصافية والمكتنزة، لتناسب مقام الاتحاد: "الروح هي من ترقص في سرير العشق، وما يفعله الجسد هو أن يردد الإيقاع"، أو: "الجسد لا يمنح إلَّا بوحي من الروح، وكل جسد يقود ذاته فاقد لرأس رجاء روحه".
بهذا الكتاب الذي يتجاوز الشعر، اكتنازًا وتكثيفًا، وروحًا، وأجواء يضع الشهاوي نفسه في مصاف الناثرين الكبار، الذين استوعبوا تراثهم الإنساني والروحي، وصَدَقُوا أنفسهم &وقرّاءهم، فلم يَلْتفُّوا عليهم، ويدغدغوا مشاعرهم بطرطشات عاطفية مبتذلة، بل استخرجوا من قلوبهم قيم العشق والحب، ومن قبل ذلك وبعده: الاكتمال الإنساني. حيث يمثلِّ الكتاب طريقة جديدة، في التعبير&
عن المشاعر البشرية النبيلة، والاحتياجات الجسدية الحارقة، هروبًا من ضيق الفن الشعري أحيانًا، ونعيا على ابتذال تلك المشاعر والاحتياجات في فنون السرد، أغلب الأحيان، إذ&
يحاول هنا توسيع قماشة التعبير عن النفس البشرية بطرّق جديدة ومبتكرة، تقتحم المسكوت عنه، وتعريه، وتعرض للهواء الطلق، فليس أقدر من الشاعر على الغوص في مكامن النفس، والتعامل مع تقلباتها، سموّها وانحطاطها لفهمها، والتعامل معها باحترام لبشريتها.
و"600طريق إلى العشق" لا تعني الحصر عدًّا. ولكنها تعبير جازي عن تعدّد مداخل الروح للحب والعشق والوله، لا يمكن أن يحدّها، أفق، أو تقف في طريقها عقبات دينية أو اجتماعية، أو مواضعات خلقية عفى عليها الزمن، فبين الروحي السامي، والإيروتيكي الملح، انفصالهما واندماجهما، آلاف الطرائق، بعدد أنفاس الخلائق، قفز أحمد الشهاوي في المحيط مستخرجًا ومجليا جماله وروعته وتعدده.
&