( رفقاً بنا يا إله المتاهة الباردة، فنحن أبناؤك النجباء وحراس ملكوتك البعيد. انتشل أرواحنا من سراب اللازورد ودع رسائلنا محفورة في قلب العالم الجديد، العالم النابض بالحرية والخلاص الأبدي).&
&
إضاءة شاحبة تتسلل إلى القاعة المظلمة وترسم مثلثاً يتوسطه شاب تتحلق الحيوانات من حوله وهو يعزف لحناً ساحراً بقيثارته، وتعلو المثلث عين كبيرة، إنها عين العالم التي ترى كل شيء، أو العوالم التي ترانا ولا نراها منذ الشهقة الأولى. طيف بنفسجي يسيل على زجاج النافذة يملأ المكان ويقترب منك ببطىء مرعب حاملاً صورتك الأولى وهي تتناسل صورا صغيرة وتتكرر إلى مالا نهاية. تخترق الترددات وعيك المتشظي وتهمس لك في المدار اللولبي:.&
& ( هنا يطوى الزمان في كتاب قديم هنا يتوهج الصمت ويرتل أناشيدنا الخالدة. ستحملك ريح الحقيقة وروحها وتطوح بك بعيداً عن لعبة الزمن وخطوط الوقت المتشابكة). &
هكذا وبضحكة ساخرة فارقت الأرض الملوثة بالأوهام والصحو الكاذب ودخلت متاهة تترد في انحناءاتها تلك الموسيقى الغامضة والبعيدة، الموسيقى القادمة من أراضي الشرق القديم. & & & & & & & & & & & & & & &&
&هناك في مرايا الصمت والعتمة الباردة أصبح ذرة وحيدة وتائهة في الكون، لكن إن سافرت هذه الذرة بسرعة الضوء ستبتلعها بحار الجاذبية وربما يولد منها كون جديد.&
&يرتفع الصوت القادم من أعماق الجليد :.. أنت حلم في جسد شفاف لكل العصور والأزمنة البشرية، ليتك كنت كوكباً آخر يضيء عوالمنا السبعة&
&لكن الفرق بيننا واسع وشاسع، والطريق التي تجمعنا لن تجمعنا أبداً؛لأنها مرعبة وكئيبة ومحفوفة بأشجار الدخان وعويل الشياطين.&
ليمضِ كل منّا إلى طريقه، لكن قبل ذلك دعنا نقرأ بعضنا قليلاً. لنجعل العالم كرة زجاجية صغيرة ندحرجها في فجوة معتمة، ونرى وجوهنا التي تستطيل فيها بين الأزل والأبد، أو صورتنا الأولى قبل أن تتشوه ملامحها بغبار النجوم.&
هناك قبل رعشة التكوين وفي لحظة كونية مضيئة كنت قادما ًمن الماضي وعائداً إلى المستقبل، كنت هناك دون أن تدري، فهنيئاً لك أيها الإنسان، هنيئاً لك يا سيد الظلال والصقيع، أما أنا فسيصل وهجي إلى أرضكم الجديدة بعد ألف عام أو أقل، سأذوب في الضباب المتكاثف فوق الجبال، سأراقص الماء والهواء والتراب، وأبقى مشعاً ومتموجاً كالموسيقى في متاهات الحالمين.&
آن الآوان للمجرات التي ودعت بعضها أن تعود وتتعانق من جديد، فنرى الآلهة الرمادية وقد عادت محمولة على عربات من نار ودخان أخضر، آن الآوان أن تعاود البدايات سيرتها الأولى؛لننفذ من أقطار الدوائر اللامتناهية إلى المركز الأزلي، حيث القلب النابض باللازورد والعواصف القرمزية.&
كان هذا ببساطة سريَّ الخالد ومعراجي الوحيد إلى الأعالي. أنا من سلالة الشماليين الذين هبطوا نهاراً بأجسادهم الضخمة الشفافة، وهم يرددون أناشيد الآلهة وتراتيلها دون أن تتحرك شفاههم وافواههم، لكنهم تركوا لنا رسائلهم وأساطيرهم محفورة على جدران المعبد ويعرفها سادن المعبد الذي يحرس بوابة العالم السفلي. عندما بدأت حكايتي تتخذ مسارا منحنياً ودائريا ً عرفت أنني كنت ملكاً لشعب إهليليا المقدس حكمت مساحات واسعة من امبراطورية الشمس وكنت أرى نفسي واقفاً على إحدى القمم الصخرية بشعر طويل منسدل على الكتفين ولحية أطلسية تشي بالقسوة والصرامة، مرتدياً ملاءتي البيضاء وتاجي الذهبي. أحمل بيميني سيف أجدادي المعقوف وبيساري عصا ليزرية تومىء إلى العربات القادمة من السماء وإلى الشعلة الأبدية لأبناء شعبي. عمري الآن هو ثلاثون ألف عام، كان تمثالي منحوتاً على قمة جبل اهليليا لمئات الأعوام قبل أن يغمره الطوفان، أما إيقونتي الضائعة فهي إيقونة الحكمة السداسية، سرقها مني "بوسيدون" و توارثها الأنبياء والملوك منذ عهد "المينويين" والإغريق إلى يومنا هذا. لكني سأعود حتماًعند غسق النهايات أحمل عرش الماء على كتفي، وأغني لكل طفل وزهرة وشجرة، فهناك ما يكفي من الحقيقة كي يكون البشر أصدقاء الآلهة وحراسها، أما أنا فيكفيني من الحقيقة فقط أن أكون ذلك الصدى الذي لم يولد بعد. يكفيني فقط أن أولد إنساناً وأموت إلهاً. &
........................................................&
*بوسيدون:- إله البحر في الميثولوجيا الإغريقية وهو إله الزلازل والعواصف الرعدية والماء ويعتبر من آلهة الأولمب العظيمة ومن أقدمها.&
&