صدر للكاتب والناقد العراقي الدكتور جمال العتابي &كتاب جديد يحمل عنوان (افق مفتوح: قراءات نقدية في الرواية وموضوعات اخرى) عن دار الجواهري في شارع المتنبي ببغداد ودار العودة ببيروت، وهو كتاب جدير بالقراءة لتعدد موضوعاته وتنوعها فضلا عن اسلوبه الرشيق والموضوعي في النقد والعرض ورسم الانطباعات وقد حرص على ان تكون مواد الكتاب حافلة بالمعلومات التي تمنح القاريء معرفة ودراية وتضعه امام آفاق مفتوحة ومشجعة &لقراءة الروايات التي تناولها في الكتاب مثلما منح القاريء فرصة التعرف على موضوعات اخرى كأنه اراد التنبيه اليها .
& & جاء الكتاب في 175 صفحة من القطع المتوسط ، حيث تناول المؤلف اثتني عشرة رواية فيما كانت الـ(الموضوعات ألأخرى) تتناول قراءات في الشعر والفن والثقافة فضلا &عن انطباعات وعروض كتب،فيما افتتح الكتاب بمقدمة كتبها الكاتب رياض رمزي بعنوان (جمال العتابي.. حياة من لونين) ،سرد فيها جوانب من السيرة الشخصية للناقد &عبر مراحل &عديدة من حياته الثقافية ، فهو يقول عنه : إن الرجل موضوع هذه المقالة كان يرى الموت في كل مكان ، فقد قرر لتجنب اللقاء به ، أن لا يقوم بأي عمل كي لا يترك أي شكل من أشكاله يتجلى له ويفتك به . إذن قرر أن يعيره أقصى انتباه، كان شعاره (من لا ترضى الحياة به فليتعرف على انواع الموت باختيار اقلها اذى).
يقول الكاتب رياض رمزي معرفاً عن المؤلف قائلاً: والآن لماذا قرر جمال ألا يكتب رواية بل يكتفي بالنقد؟ هل من يعيش رعب العبودية بحاجة إلى الكتابة عنها؟! .. كلا؛ لأنه ان كتب عن العبودية سيكثر من الشكوى ويشتم المستعبدين، وربما يقال له: أنك مهما أبدعت من خيال فلن توفق في تصوير يوم عبودية واحد مر على العبد..ما هو اصدق؟ ان تكتب رواية لتقول ان هذا حدث من الخيال ا وان تقول لماذا حدث هذا الذي يفوق الخيال؟
&
محور في الرواية
& &تضمن &الكتاب ثلاثة محاور يحمل كل منها عنوانا هي : ” في الرواية ” ، ” في الشعر ” ، و”الغاية واحدة”، ففي محور الرواية يختار عملا &روائياً لروائية واحدة وأعمالا &لعشرة روائيين & من العراق وعملا لروائي تونسي، وهذه الروايات هي : الاولى :(فندق كويستيان) لخضير فليح الزيدي بعنوان (يسر الكتابة واغواء القراءة) قال عنها انها تنتمي لروايات الواقع العراقي او ما يعرف بروايات الوجع العراقي والتي كتبت مؤخرا، تتمحور الرواية حول شخصيتين رئيسيتين من اصول كردية، احدهما اقدم على الهروب من الخدمة العسكرية والافلات من فرن الحرب حتى استقر في المانيا، اما الشخصية الثانية فأكمل خدمته العسكرية وكان قارئا شغوفا للصحف، وتنطلق الحكاية من هاتين الشخصيتين الصديقتين، يذكر العتابي ان الرواية حملت هاجسا يبصر فيه كاتبها عراق الحروب،والثانية : رواية (تسارع الخطى) لاحمد خلف بعنوان (الشكل الثقافي النوعي في السرد) ، وفيه يقول (أحمد خلف يعتمد بنى نصية صغرى ترتبط بالبناء الأساس وتقيم معه علاقات أينما وجدت، تلك البنية الأساسية في النص ، لها شبه استقلال ، وإن كان تعلقها به خاصا ومتميزا، تسارع الخطى كشف لواقع الدمار ، لا تكتفي الرواية بعرضه ، إنما تحيله إلى إشارات معرفية ، على مستوى الذاتي بما يعنيه من وعي ومعرفة وإحساس وعلاقة وحلم)،والثالثة : رواية عباس لطيف (شرق الاحزان) بعنوان سر النهايات الفاجعة، قال فيها ان لطيف لجأ الى اساليب متعددة في السرد من ضمير المتلكم الى الغائب فالمخاطب، وقسم الى مقاطع اسهمت في استكمال زوايا الرواية للشخصيات المحورية والكشف عن ابعادها المختلفة عبر اكثر من زاوية،والرابعة : رواية اسماعيل سكران (جثث بلا اسماء) بعنوان كشف لاخلاقيات الحروب ،قال ان الرواية قدمت كشفا دقيقا لاخلاقيات تلك الحقبة، اذ عاش العراقي في حالة انتهاك لقيمه بانهيار المنظومة القيمية فيه واكتسب النظام السلعي شرعبة وجوده في ظل الظروف الشاذة التي يعيشها البلد ، والخامسة رواية عامر حمزة (سابرجيون) بعنوان رواية رثاء للاماني الضائعة،قال عنها : الغرابة في العنوان تثير التساؤل والبحث عن معناه، وان الرواية ارتكزت على سرد الضمير الثالث (هو) ورصد المشهد بحرية كاملة دون منافسة من صوت اخر ، والسادسة رواية رياض رمزي (التيس الذي انتظر طويلا) الامتلاك القوي لادوات التعبير عن الارادة ،قال الرواية تنتمي الى مكان واضح الملامح فهب لا تبتعد عن هواء العراق ورياح السموم فيه ،والسابعة رواية محمد علوان جبر (ذاكرة أرانجا) &بعنوان قراءات في ذاكرة أرانجا، يوحي عنوان الرواية بصلة أحداثها بالتاريخ ، وتشي بذلك مفردتاه (ذاكرة) و(أرانجا) وهو الاسم التاريخي القديم لمدينة كركوك التي يُفترض أن تدور فيها الأحداث ، لكن المدينة ، مكانا، ظلت على الهامش ، مع أنها شهدت أحداثا مأساوية في مرحلة من مراحل تاريخها الحديث، والثامنة رواية الدكتور حسين سرمك حسن (ما بعد الجحيم) بعنوان نص مغمس بالدم قال عنها ولا غرابة أن يأتي العنوان بهذه الصياغة فالرواية رواية حرب والروائي شاهد عيان بفعل طبيعة عمله طبيبا &في جبهات القتال،والتاسعة رواية ضياء الخالدي (قتلة) قتلة مع سبق الاصرار والترصد،والعاشرة رواية حنان المسعودي (خمس نساء) ،والحادية عشرة رواية عبد الرحمن مجيد الربيعي (الوشم) بعنوان ” تجليات السياسي في النص الروائي العراقي:الوشم لعبد الرحمن مجيد الربيعي نموذجا ،حيث يخصص المؤلف النصف الأول لدراسة مهمة عن الرواية العراقية منذ نشأتها وهو يقول : ورغم أن الرواد الأوائل كانوا رواة أكثر مما كانوا روائيين فإنهم أسسوا قاعدة الانطلاق الفنية في الكتابة الروائية، ويقول :إن الرواية السياسية الممالئة للسلطة فقط ، هي التي ازدهرت في عقد الثمانينات لتواطؤ الكاتب مع النظام الذي انبرى لعقلنة عبثية الحروب ، فيما كانت الرواية الثانية عشرة للكاتب التونسي رواية شكري المبخوت التي فاز عنها بجائزة البوكر العربية عام 2015 (الطلياني) بعنوان (أثر الدرس ودهشة السرد) . &
&
محور الشعر&
أما في محور ” في الشعر” فقد تناول د. جمال العتابي أعمال ثلاثة شعراء هم : رشدي العامل وجواد الحطاب وريسان الخزعلي . . فعن قصائد رشدي العامل وتحت عنوان (كلمات تولد في معبد الجمال) يقول أن : رشدي العامل ، وإن انتمى لتيار اليسار ، فإن تجربته تلك كانت حافلة بالمذاق الحار ، في ذروة مجد هذا التيار أواسط الخمسينات والستينات، وظل شعره يعبّر عن تلك المرحلة بأصدق النماذج تمثيلا لاتجاه الأدب الواقعي) ويستشهد بنماذج من شعره بما يؤكد أن قصيدة العامل مفتوحة على أفاق متعددة، فيما تناول المؤلف مجموعة الحطاب (بروفايل للريح.. رسم جانبي للمطر .. تنويعات على نصب الحرية)، فيما تناول المؤلف نقد مجموعة الخزعلي

محور الغاية الواحدة
بتناول محور” الغاية واحدة ” عدة موضوعات متنوعة ما بين الفن التشكيلي والخط والزخرفة & من خلال الحديث عن (تشكيلات صادق الصائغ المدهشة) ومحمد سعيد الصكار (ساحر الكلمة واللون)،كما يذهب الى الموسيقى من خلال الموسيقار الراحل طالب القره غولي (عودة إلى الينبوع السومري) ،ويجد الناقد فرصته لعرض كتابين من خارج المحورين السابقين أحدهما كتاب (الدكتاتور فنانا) لرياض رمزي والاخر كتاب (شذرات من تاريخ جمعية الطلبة العراقيين في المملكة المتحدة) للكاتب قحطان الملاك بعنوان (تجارب تنمو بداخلنا وتفيض) ، كما تضمن المحور وتحت عنوان (الغازية : بقايا قصص وأسرار) يكتب المؤلف العتابي &نصا نثريا جميلا يستذكر فيه مدينته الاولى موطن الاحلام كما قال عنها ،واختتم الكتاب &كتابه بمقال حمل عنوان (وزير من الزمن الذي مضى) تحدث فيه عن جوانب من سيرة إبراهيم كبة احد أبرز وزراء ثورة 14 تموز 1958 ، من خلال قراءته لكتاب (إبراهيم كبة ودوره السياسي والفكري في العراق 1919 ــ 2004 تأليف أحمد مريح المنصراوي).
&