«إيلاف» من بغداد: تحت شعار (انا عراقي ..انا اقرأ..) انطلقت عصر يوم السبت فعاليات مهرجان قراءة الكتب بموسمه الخامس على التوالي على حدائق ابو نؤاس بالقرب من تمثال شهريار وشهرزاد، وسط حضور جماهيري كبير من مختلف الاعمار من الجمهور المتابع للقراءة ، تميز بمشاركة عدد كبير من المثقفين والادباء والاعلاميين ، ، حيث يقوم المهرجان على اهداء الكتب الى القراء مجانا من خلال عرضها في العديد من الاماكن في الحدائق ، وقد شهد المهرجان، الذي يعد اكبر مهرجان تطوعي للقراءة وتوزيع الكتب مجانا في في الشرق الاوسط ،عرض نحو 20 الف كتاب ، ويؤكد القائمون على المهرجان إلى ان تفاعل الناس الكبير واهتمامهم حيث ان الحضور هذا العام أكثر بكثير مما كان متوقعاً، وشملت الفعاليات عروضا فنية ورسم حر ونحت حر وعزف وتشكيل حر وزاوية الطفل حيث شاركت دار ثقافة الاطفال ايضا في المهرجان الذي تستمر فعالياته عدة ايام.

كان المكان عالما من فرح وبهجة وكتب ورسم والوان وموسيقى ومحبة، فمثلما تصافحت الايادي كان الكتاب الاقرب الى الاكف والاعين والابتسامات ، فهنا الكتب توزع مجانا (خذ الكتاب الذي يعجبك ولا تنظر الى ثمنه فهو هدية لك) ، وكأن كل شيء في المكان يقول للحاضرين اقرأوا .. اقرأوا فليس سوى القراءة والكتاب تنهضان بالعراق ، واذا ما احتضنت الطاولات الممدودة الكتب فهناك على الارض انتشر الكثير منها ، والاجمل ان العديد من الشباب والشابات اتخذوا لهم اماكن في الحدائق وراحوا يقرأون ااتعبير عن سرورهم بالمهرجان واحتفاءهم بالكتاب.

العراق المدني المتحضر

ومن السهل ان تسمع الكثير من كلام المديح للمهرجان والقائمين عليه لاسيما انه اصبح تقليدا سنويا في مثل هذا الوقت من كل عام ، مثلما صار من السهل ان تسمع من يقول (الكتاب سلاحنا الوحيد بوجه العتمة) و(مبادرة انا عراقي انا اقرا....حجرة كبيرة في مياة الثقافة العراقية الراكدة بسبب تقاعست المؤسسات الحكومية) ويستشهد البعض بقول (جون لايلي) (خير لك ان تزخر مكتبتك بالكتب.. من ان تمتليء محفظتك بالنقود..!) او هناك من يردد على مسامع الاخرين (العراق المدني المتحضر ..هنا في (أنا عراقيّ أنا أقرأ)

ويؤكد القائمون على المبادرة انها تهدف الى تحديد يوم وطني للقراءة ، و اعادة احياء الكتاب ، واحياء فعالية المكتبات الجوالة ، ودعم المقاهي الثقافية ، والاهتمام بالحواضر الثقافية كشارع المتنبي ، و تطبيق تشريعات تضمن حقوق الملكية الفكرية وتضمن حركة الكتاب العراقي استيرادا وتصديرا ، وتوفير الكتب الالكترونية ، وغيرها من الاهداف التي تصب في معالجة ظاهرة العزوف عن القراءة.

العراق .. اول من قرأ

 وقد افتتح المهرجان باحتفالية ابتدأها عضو اللجنة التنسيقية للمهرجان الشاعر احمد عبد الحسين بقوله : للمرة الخامسة على التوالي يزدحم هذا المكان بعشاق المعرفة وتزدحم القلوب بفيض محبتكم ايها الاصدقاء ، خمسة اعوام عاهدنا فيها انفسنا ان نكون اوفياء للعراق الحلم ، العراق الذي يخرج من رماد الحروب والكراهية مبتسما وفي يده كتاب لاننا اصغينا بعمق الى صوت ابينا العراق هذا الذي عمره الاف الاعوام وسمعناه يقول هامسا لا تجعلوا اياديكم يا ابنائي تعتادعلى ملمس السلاح لان هذه الايادي انما خلقت لتحمل الكتاب .

 واضاف : وللعراقي مع القراءة هي الاولى قبل ان يبدأ العالم حكاياته ، فهو اول من قرأ لانه اول من كتب ومن انامله انبثق تور الكلمة الذي اضاء الوجود، وحين يقرأ العراقي فهو لا يفعل شيئا سوى تأكيد عراقيته واعلان هويته الاسمى من كل هوية.

للقراءة فعل الجمال

واذا كان المهرجان قد ازدان بحضور الاطفال الذي اتى بهم اهاليهم لاستطلاع المشهد الجميل وغرس حب الكتاب في نفوسهم ، فقد ازدان ايضا بحضور العديد من المثقفين والادباء والاعلاميين الذين لم يجدوا الا ان يصفقوا للمهرجان ومنظميه .

‏ فقد قال الروائي حميد الربيعي‏ : وشهدت شهرزاد... ان ثمة جمهور كبير ، جله من جيل الشباب وبكثرة نسوية واضحة ، علقوا امالهم على جذوع الشجر .

 واضاف : جمهور الدورة الخامسة " انا اقرا ..انا عراقي " كان كثيف الحضور وعلامات الاقبال على اقتناء الكتاب واضحة ، كما ان طاولات عرض الكتب كانت مغطاة بكميات كافية .

وتابع : ثمة رغبة حقيقية ، عندما يقتنى الكتاب ، بالحرص على القراءة . البعض افترش الارض وبدا التصفح ، وان امراة جميلة ، خجلت من التصوير ، منهمكة في المطالعة ، قالت ان الكتاب الذي اختارته شدها من الصفحات الاولى .

وختم بالقول : للقراءة فعل الجمال ..الجمهور والمكان والنشاط تدلل على ان بغداد يرجى فيها الخير وستظل مدينة للقراءة والمعرفة .

فيما قالت الشاعرة والصحافية امنة عبدالعزيز‏ : مهرجان ينشط ذاكرة المجتمع وحث المواطن على القراءة ، اليوم في هذا المهرجان شعرت بالسعادة وأنا أجد التدافع على أقتناء الكتب بكل تنوعاتها.

واضافت : السؤال: ماذا لو قرأ الشعب بشغف وتسلح بالمعرفة الحقيقية ؟ هل سيبقى مكان للتفرقة والتمايز بين أبناء الوطن الواحد؟ هل سيبقى سراق بيننا يمتصون دماء الناس ؟أذن الوعي يأتي من خلال المعرفة والقراءة وطرد الجهل والأمية المتفشية..

وختمت بالقول : تحية لكل من ينشر العلم والمعرفة في أروقة الوطن..

من جانبه قال الشاعر ‏مهدي القريشي‏ : ما يجري على حدائق ( ابو نؤاس ) كان عرساً بحق ، حيث الاحتفاء بالكتاب والنزهة مع المعرفة والجمال من خلال القراءة وقد توج المهرجان بحشد هائل من الشباب والشابات ، ذكرني هذا المشهد بمشاهد مماثلة في سبعينيات القرن الماضي بالاندفاع للمشاركة في صنع الجمال وتأثيث العقل بالمعرفة حيث معارض الكتاب ودور السينما والعروض المسرحية

واضاف : كثرت طاولات عرض الكتاب لكننا لم نشاهد ولو طاولة واحدة لمنشورات اتحاد الأدباء ولو كانت على هامش المهرجان . 

وختم بالقول : شكرا لكل من ساهم في إنجاح هذه الفعاليةالثقافية الاجتماعية الجميلة والرائعة ولكل من حضر وكل من تبرع بكتاب وكل من اقتنى كتاب

 مبادرة أنا عراقي أنا أقرأ، أسسها مجموعة من الشباب العراقيين، المتطوعين والمدنيين، انطلقت قبل خمسة أعوام ، وتعتمد في عملها على جمع تبرعات من قبل دور النشر العراقية، اضافة الى جمع الكتب من خلال صندوق لجمع تبرعات الكتب من الافراد المارين في شارع المتنبي اضافة الى حملات عبر مواقع التواصل الاجتماعي مرفقة بأرقام هواتفنا ليتم الاتصال بنا في حالة رغبة احد المواطنين بالتبرع .