&
&
&استفحلت ظاهرة تزوير الكتب في العراق حتى صارت من اخطر المشاكل التي يعاني منها قطاع الطباعة ونشر الكتب ، فقد وصلت الى الحد الذي صارت مثل (لعبة مسلية) للكثيرين الذين يرون فيها تجارة رابحة ، ولا يهمهم ما يتعرض له اصحاب المكتبات ودور النشر والتوزيع من خسائر فضلا عن كونها تضر بسوق الكتب العراقية لاسيما ان ثقة الناشرين العرب بالناشرين واصحاب المكتبات العراقيين ستهتز ، مؤكدين ان اتحاد الناشرين لايقبل هذا السلوك ويرفضه رفضا قاطعا .صار من السهل جدا على اي صاحب مطبعة او بائع كتب ان يشتري نسخة واحدة من اي كتاب يشاء ، سواء لمؤلفين عراقيين او عرب او اجانب، ومن ثم يقوم باستنساخه او بطيعه طباعة رخيصة وعرض الالاف من نسخه للبيع بابخس الاسعار& ، وحتى يمكن تزوير متن الكتاب باضافة او حذف ،مما يؤثر على قيمة الكتاب ذاته فضلا عن الضرر الذي يلحق بدور النشر ،الناشرة للكتاب او المستوردة له، ومن هنا اطلق العديد من المثقفين العراقيين والناشرين واصحاب المكتبات حملة للتنديد بهذه السلوكيات ، وقد حملت الحملة شعارات مثل (التزوير جريمة اخلاقية وقانونية) و (احذر شراء الكتاب المزور) و (لا لتزوير الكتب) ، مؤكدين ان الحملة مستمرة بشكل يومي من خلال نشر هاشتاك موحد للناشرين العراقيين ينشر في وقت واحد ويرى العديد ممن التقيناهم واستطلعنا اراءهم ان ما يهم (المزورون) هو الربح، والدلالة على ذلك انهم يزورون كتباً متوفرة في السوق وبأسعار مناسبة، بل ان بعض الكتب المزورة اسعارها مثل او أغلى من الكتب الأصلية، وحين تتم مواجهتهم يردون ببساطة (& إن الكتب تسقط حقوقها بعد أربع سنوات !) وهكذا يشرعن سرقته ورزقه الباطل!!، ويطالب& البعض من اصحاب دور النشر بفضح من يقوم بهذا التزوير، ومن دون أية اعتبارات شخصية او تجارية، ويدعون دور النشر العربية إلى رفع دعاوى قضائية ضد المزورين العراقيين، ومن يتعامل بالكتب المزورة ويبيعها في المكتبات، مطالبين اتحاد الناشرين العراقيين اتخاذ موقف حقيقي وصريح ضد المكتبات التي تعرض الكتب المزورة علناً، وهم معروفون جميعاً ويبيعون ما يزورونه علناً.& كما يرى البعض ان ،بين الناشرين،ناشرين ليسوا سوى لصوص وضيعين، يسرقون جهد وحقوق المؤلف ، فبعضهم يعيد طبع الكتاب مرات عديدة خلسة ودون ان يذكر تسلسل الطبعة (على الاقل لاعتبارات معنوية) وبعضهم الاقل يصدر عشرين طبعة بغلاف الطبعة الثانية او الثالثة .

لايوجد قانون
&مع تأكيدات عدم وجود قانون فاعل يمكنه محاسبتهم وقانون حق المؤلف رقم 3 لسنة 1971 وتعديله قرار 34 لسنة2004 لا يحفظ حقوق المؤلف ولا دار النشر..، يرى مثقفون واصحاب دور النشر ان& الحل الوحيد هو فضح المزورين في وسائل الاعلام..

ما معنى بتزوير الكتاب؟
يعرّف البعض مصطلح (تزوير الكتب) انه : عملية سطو، و تطاول على حقوق دور نشر أخرى باستنساخ الكتاب دون الحصول على موافقات قانونية تُجيز لهم طباعة الكتاب. هناك من يحاول أن يوهم القارئ بشكل أو بأخر أن النسخة المزورة هي نسخ أصلية بسعر زهيد!. لكنها في الحقيقة طبعت بجهاز صغير يسمى ( REZO ) .. بمواصفات تفتقر الجودة كونه لم يمر بمراحل الطباعة الفاخرة من حيث التجليد و اختيار الورق و الحبر المناسب. الكتاب المزور : عمره قصير، يُقرأ بصعوبة، لايمكن تصفح الأوراق بسهولة .. كما أنه ملوث غالبا وضار بالصحة بسبب ردائة الورق و الحبر. القراءة هي و سيلة للارتقاء و السمو و البحث عن الصدق. لا أن نساهم بسرقة جهود الأخرين.

احراج للناشر العراقي
فقد اكد مازن لطيف، صاحب دار& (ميزوباتاميا) للنشر والتوزيع، هذه الظاهرة احرجت الناشرين العراقيين امام الناشرين العرب وقال& : ظهرت ظاهرة استنساخ الكتب في بداية تسعينيات القرن الماضي حيث الحصار الاقتصادي والنظام المستبد، فلم يكن وصول او دخول الكتاب العربي سهلا علينا وكنا نحثل على اغلب الكتب نسخة واحد ونستنسخها .. استنسخنا كتبا سياسية ودينية وثقافية كادت تؤدي بحياتنا للتهلكة. واضاف: بعد سقوط النظام اصبح الانفتاح والحرية امرا واضحا في عراق ما بعد 2003 ودخلت للعراق جميع الكتب لكن لايزال استنساخ الكتب وتزويرها مستمرا ويزداد يوما بعد يوم دون مراعاة للمؤلف والناشر والقارىء ،يحصل المزور على نسخة واحدة ويستنسخ منه الاف النسخ ويبيعها بسعر رخيص جدا جدا. وأوضح: هذه الظاهرة احرجت الناشرين العراقيين امام الناشرين العرب حيث تضر بكتبهم وايضا احرجت الناشر مع المؤلف والقارىء.. يطالب الناشرين العراقيين بالحد من هذه الظاهرة غير القانونية وغير الاخلاقية بتدخل الجهات المعنية& بذلك..وتليع : الكثيرون هم من يقوم بالتزوير ، اصحاب مكتبات وباعة الكتب، حتى اصبح سعر الكتاب بـ 2000 دينار (نحو دولار ونصف) ، ومن المعروف ان تأثيره ان الناشر يطبع الكتاب ويصرف الاف الدولارات وبعطي حقوق للمؤلف وبعدها يقوم المزورين بطبع الكتاب الاف النسخ من دون اي موافقة قانونية ويباع الكتاب بثمن بخس وختم بالقول : كل الدول بها نظام يحمي المؤلف والناشر الا نحن،

مهنة سهلة للطارئين
اما الكتبي بلال محسن البغدادي، صاحب دار سطور للنشر والتوزيع، فقد اكد ان التزوير اصبح مهنة النشر سهل جدا للطارئين ، وقال : التزوير عملية سطو وتطاول على حقوق دور نشر أخرى من قبل بعض ضعاف النفوس باستنساخ الكتاب دون موافقات قانونية. واضاف: هناك من يوهم القارئ أنها طبق الأصل وَمِنَ الدار الأم بسعر زهيد لكنها طبعت بجهاز صغير (Rezo). الضحية بهذا الموضوع ثلاث (المؤلف. دار النشر. القارئ).. الكتاب المزور عمره قصير و يصعب قراءته لكونه لم يمر بمراحل الطباعة الفاخرة من حيث التجليد و اختيار الأحبار.. وتابع : هناك مطالبات من دور نشر عربية لمحاسبة التزوير، فقدنا المصداقية امام دور النشر، و اصبحت هناك قاعدة لدى القارئ العراقي ان الكتاب لا قيمة له .وتابع : المشكلة اصبحت مهنة النشر سهل جدا للطارئين من خارج (شارع المتنبي) بعيدا عن المهنية و الانضباط، اضرب لك مثل على بعض سلوكيات المزورين ، دور النشر الرصينة في شارع المتنبي لها خط استيرادي مع معظم الدور العربية، فور وصول الكتاب الاصلي يحصلون على نسخة واحدة ومن ثم يتم تزويرها بمطابع بدائية في أزقة شارع المتنبي ومن ثم بيعها باسعار زهيدة وختم بالقول : هؤلاء الموزرون اعدادهم تتزايد

غياب الرادع القانوني
من جانبه قال حسين مايع، مدير دار قناديل للنشر والتوزيع : في الآونة الأخيرة وفي ظل غياب الرادع القانوني انتشرت ظاهرة قرصنة الكتب، وهي سرقة علنية وبطريقة لا اخلاقية، من خلال شراء نسخة من كتاب له رواج ونسخه وتصويره دون أخذ إذن دار النشر ولا المؤلف، وبذلك يعد العمل مصادرة لجهود كبيرة بذلها الناشر والمؤلف. واضاف: نطالب الجهات الحكومية المختصة بالوقف ضد هذه الظاهرة التي أساءت كثيرا للعراق عامة ومهنة النشر خاصة، وفي الوقت نفسه نطالب دور النشر العربية والمحلية التي تبيع كتبها بأسعار مرتفعة أن تخفص أسعارها حماية لكتبهم من التزوير وخدمة للقارىء العربي.
&
مستنسخ : لسنا مزورين بل نبحث عن عمل
الى ذلك اهتديت بسهولة الى احد الذين يستنسخون الكتب ، وقد رفض كلمة (تزوير) مثلما طلب عدم ذكر اسمه، مؤكدا ان عدم وجود اعمال في العراق هو السبب في اللجوء الى هذا العمل& ،وقال :& انهم يحاربون الفقراء برزقهم !!، اصحاب دور النشر (حرامية) دعهم يرحمونا ومن ثم يمكن ان نفكر بانصافهم من المزورين واضاف: ماذا نعمل ولا يوجد شغل ، فلو كان هنالك شغل لا اعتقد ان احد يمكنه ان يعمل في بهذه الشغلة (التعبانة) . وتابع : لو يتساهل اهل دور النشر ما كان لاحد ان يستنسخ& كتبهم، اصحاب دور النشر لا يدفعون حقوق نشر ، والكتاب يكلفهم دولارا ونصف ، لكنهم يبيعونه بـ 7 او 9 دولارات،& هذا الظلم بعينه، ومن ثم يعتبون على (الفقير) الذي يشتري كتاب باربعة او خمسة الاف دينار .واوضح : بالمناسبة كتب الاستنساخ اغلى من الكتب المطبوعة، لكن المستنسخين يقبلون بهامش ربح قليل عكس اهل الدور فيظهر الفرق الشاسع نتيجة جشع اصحاب الدور،& وهنا اتساءل : من الانساني هنا المستنسخ ام الناشر ؟ . واستطرد : الذي يحدث حاليا (استساخ) وليس تزويرا،لا يوجد تزوير ، ثم انه لا يوجد في العراق شيء اسمه (حقوق نشر )، فهناك الكثير من دور النشر ينشرون كتبا قديمة ولا يدفعون مقابلها شيئا ،لا للورثة ولا للكتاب . وقال ايضا : خلاصة كلامي : لو كان& ثمن الكتاب يتناسب مع ما صرف عليه زائدا الارباح ماكان هناك تزوير ، لأن ثمن الكتاب المستنسخ يساوي ثمن طبع الكتاب ان لم يكن اغلى ، والفرق في الربح، وما تسميه (المزور ) عنده ضمير لا يأخذ هامش ربح كبيرا على عكس الناشر الجشع الذي لا يقبل الا بهبرة كبيرة وختم بالقول : دع اللوم يقع على الناشر الذي يبيع الكتاب ابو الخمسة الاف ديناء بعشرة وابو العشرة بعشرين واكثر ، ولايقبل بهامش ربح اقل من 70 %، والوضع سيء، وبالمناسبة اصحاب دور النشر يعيشون كالملوك، وهم ابخل من البخل، لا يدفعون ضريبة ولا يمنحون حقوق نشر للكتاب واذا دفعوا يدفعون (فلس ونص) وغالبا ما ياخذون فلوسا مقابل طبع الكتب ،فمن الضحية ومن الجلاد؟
&
ممارسة غريبة وغير مبررة
الى ذلك استأسنا اخير برأي للشاعر والكاتب محمد غازي الاخرس الذي اكد ان ما يحدث ممارسة غريبة وغير مبررة، وقال :هذه الظاهرة خطيرة وتنبئ بانعدام النزاهة والمهنية في مجال يفترض ان يكون مثالا بهذا الجانب. نتحدث عن دور نشر وتأليف وطبع وقراءة ، اي عن دائرة ثقافية واحدة من مهماتها ترويج وترسيخ مفاهيم احترام حقوق الاخرين سواء كانت مادية ام معنوية.واضاف: ما معنى ان يعاد طبع كتاب ما بطريقة القرصنة او الاستنساخ السيء دون اخذ اذن او بدون اتفاق مع دار النشر صاحبة الحقوق الحصرية؟ انها سرقة لا تختلف عما يفعله لصوص الليل وعصابات المافيا، انه نهب وسلب علني ومن يتعاطى بهذا الفعل ليس ناشرا في الحقيقة ولا هم يحزنون، انه لص لا يعير للمفاهيم الثقافية التي يبيعها اي اعتبار . وتابع: يكفي ان يدر عليهم هذا العمل اللا أخلاقي ارباحا حتى يمارسوه بكل خسة، في التسعينات أنتشرت في العراق وعلى نطاق واسع ظاهرة الاستنساخ لكنها كانت اضطرارية لان العراق حوصر آنذاك ولم تعد تدخله الكتب الحديثة، فاضطر المتعاملون بهذا المجال الى استثمار ما يتيحه الاستنساخ من حلول. الان، الوضع مختلف والعراق صار سوقا مفتوحة للكتب ولذا تبدو سرقة حقوق النشر ممارسة غريبة وغير مبررة. انها تعكس صورة جد سيئة عن العراق وتروج عنه صورة البلد المنفلت من القوانين علما ان الظاهرة عربية وليست عراقية فقط لكنها في العراق تبدو أوسع بكثير مما في بقية بلدان العالم العربي.