&

صدر للشاعر والإعلامي اللبناني بسام منصور ديوان جديد هو «يكفي أن تعبر الليل» (دار النهضة العربية -بيروت). وكان مضى زمن لم ينشر بسام منصور ديواناً، لكنّ عدم إقباله على النشر لم يعنِ أنه انقطع عن كتابة الشعر، شاغله الأول والأخير. وها هو الديوان هذا، خير شاهد على مضيّه في الكتابة أولاً، ثم على بلورة تجربته التي تجلّت في ديوانيه السابقين «وجاء أنه» 1986 و «الفصول السبعة» 2002، وعلى تطويع أدوات القصيدة وفتح أفقها على معطيات جديدة وغير مألوفة، يتصالح عبرها الجماليّ باليوميّ، الميتافيزيقي أو الوجودي بالواقعيّ، والحلميّ بالتاريخيّ.
وتنم قصائد هذا الديوان عن بلوغ بسام منصور شأواً في اختبار قصيدة النثر، متكئاً أولاً على خبرته بمعايير هذه القصيدة في تجلّياتها الغربية والعربية، ثم على ثقافته في ميدان الشعر الحديث الذي دأب على مواكبته خلال إقامته الطويلة في باريس التي لجأ إليها بعد اندلاع الحرب الأهلية في لبنان التي وجد في شرارتها الأولى بارقة مأساة تراجيدية عبّر عنها في قصائد عدة.
&
لم يكتب بسام فقط قصيدة النثر، بل كتب القصيدة التي تنصهر في جوهرها تجربة الشعر الحرّ في مفهومه العالميّ، وعماده الإيقاع الداخليّ والصورة والمجاز والصنعة الشفيفة، وقد أضفى عليه سمة غنائيّة نابعة من وجدانه الأول، هو ابن الريف والمدينة في آن.
عمل بسام منصور في الصحافة منذ استقراره في باريس عام 1976، وتنقل بين مؤسسات صحافية، مجلة «المستقبل»، ومجلة «النهار العربي والدولي»، ومجلة «كل العرب»، و«إذاعة الشرق» في باريس. كما عمل مراسلا لعدد من المؤسسات الإعلامية العربية والأجنبية الناطقة بالعربية من العاصمة الفرنسية. وشغل في العشرين سنة الماضية منصب المسؤول الإعلامي للمنطقة العربية في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، اليونسكو، حيث أشرف على تأسيس موقعها وتحرير موقعها على الإنترنت ووسائل تواصلها الاجتماعي.
مجموعة يكفي أن تعبر الليل تضم ما 26 العشرين عنوانا ولا يعتبرها قصائد لأن «ضمن هذه المجموعة هناك مجموعات أخرى أو محاولات لمجموعات والعنوان هو مؤشر إلى لعبة نصوص متواصلة وليس لانتهاء قصيدة» كما يقول. وفيها مجموعة نصوص تحت عنوان «الخالد الوحيد في جهنم»، أهداه إلى الشاعر الراحل أنسي الحاج.
يعتبر بسام منصور أنه لم ينقطع عن الشعر والأدب ولكن طريقته في النشر مختلفة. والشعر لا يأتي بالكثرة بل في المحاولة الدؤوبة والصادقة في كشف أسرار الذات والكون. من عناوين المجموعة : خذ الشعر بقوة، قوة خرجت مني، في مديح الكسل، تعالي نتبادل الأدوار، قصعة الكيف ركوة القهوة، لحاف الريح، المحاولات العشر، تنتظر أن يذوب الثلج، الزجاجة الفارغة تبقى وحدها، لم أمت يوما مصلوبا والخالد الوحيد في جهنم. يحاكي في مطلع هذا العنوان الأخير الشاعر الراحل أنسي الحاج: «هكذا قبلت أخيرا/ ولم يحن الوقت ولن/ ضجرا قررت أن ترحل/ واللعبة لم تبدأ بعد واللاعبون ندر/ فجأة يتوقف صداحك/ والنشيد لم يزل تمتمة/ وكنت تنوي أن تزيل الجليد الاستوائي/ بكلامك المتساقط/ من ربيع إلى شتاء/ اعتقدت أنك أكبر من الكوكب/ وأن الحروف المتراقصة/ تعيد الكون إلى براءته/ ولكنك تخليت فجأة وقررت الهرب/ من هذا الصقيع الذي لا ينتهي/ متدثرا معاطف احلامك/ تاركا المائدة/ واللاعبون لا يعرفون بماذا يبدأون.»
&