quot;هل

في دول الخليج الست تكمن أحلام ملايين العمال الأجانب في القدوم والعمل وتكوين الثروة، وعلى ضفاف شواطئها، وفي حبات رمالها وأجوائها المتقلبة يشارك نحو 15 مليون عامل أجنبي معظمهم من شبه القارة الهندية في نهضة اقتصادية هائلة ومتسارعة. ومع قرب نهاية العام الجاري يتأكد لمتابعي الشأن الخليجي أن دول مجلس التعاون الخليجي تستقبل مع نهاية كل سنة أعدادًا متزايدة من تلك العمالة جراء التوسع الكبير في المشاريع التنموية. وأنه يصعب على تلك الدول الاستغناء أو حتى التقليل من الأعداد الكبيرة للعمالة الأجنبية في أراضيها. ومع كل عام تتصاعد نداءات محذرة من الآثار الاجتماعية والاقتصادية الخطرة التي تنتظر دول الخليج نتيجة وجود هذه العمالة.

الرياض: في استعراض مختصر لعدد الأيدي العاملة في دول مجلس التعاون نجد أن الإحصائيات تشير إلى أن نسبة العمالة الأجنبية في السعودية، تقدر بنحو 37 %من سوق العمل، خاصة وأن عدد العمال يتزايد باستمرار، فعلى سبيل المثال لا الحصر، منحت السعودية رخصًا لأكثر من 1.7 ملايين عامل في عام 2007 فقط، فيما تقدر نسبة الأجانب في البلاد بحوالي 33 % من عدد السكان. وطبقًا للأرقام الصادرة من صندوق النقد الدولي، فإن نسبة السكان الأجانب في دولة الإمارات العربية المتحدة تشكل 80% من التعداد الكلي للسكان. وانخفضت في نهاية عام 2007 نسبة المواطنين إلى 10% فقط من إجمالي قوة العمل، فيما بلغ عدد الجالية الهندية 1.5مليون. وهو ما دفع المجلس الاستشاري في إمارة الشارقة للمطالبة بتحديد نسبة العمالة الأجنبية الوافدة في الإمارات، وما تفرزه هذه العمالة من ظواهر كهروب الخادمات، والإقامة غير الشرعية، وما يرتبط بها من مختلف الجرائم. وفي دولة قطر، بلغت نسبة العمالة الأجنبية نحو 70%، وذلك خلال عام 2006. فيما يشكل الأجانب في البحرين حوالي نصف السكان في إحصائية عام 2007م. ويعرب الكثير من المسؤولين والمعنيين بالشأن الخليجي عن قلقهم من فكرة توطين العمالة الوافدة في دول الخليج.

التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية

وأمام هذه الأرقام المخيفة، دعا الكثيرون إلى قرع ناقوس الخطر، والتحذير من إمكانية حدوث إضرابات مشابهة للإضرابات العمالية الأخيرة في الكويت والإمارات، والتي شكلت تحديًا لمظاهر الاستقرار في المجتمعات في أكثر من بلد خليجي، وذلك بسبب ارتفاع عدد العمال الأجانب في المنطقة، والذين يقدر عددهم بنحو 15مليون،غالبيتهم من الآسيويين، وتقدر قيمة تحويلاتهم بأكثر من ثلاثين مليار دولار سنوياً. وتمثل استنزافاً مستمراً للموارد الاقتصادية وخسارة تقدربـ 9 %من الناتج الإجمالي السنوي لدول الخليج.

فالاضطرابات العمالية في دول الخليج تتواصل منذ سنوات عدة. ومنها تظاهرات منطقة جبل علي في دبي في أكتوبر/تشرين الأول 2007، ثم تظاهرات سائقي التاكسي في دبي، الذين نفذوا إضرابًا على خلفية زيادة أسعار الوقود، وكذلك انتفاضة العمال البنغاليين في الكويت، التي بلغت حد مواجهة قوات الأمن وتهشيم السيارات وإشعال النيران بالمنشآت العامة.

ويرى الكثير من الخبراء أن انخفاض نسبة السكان المواطنين إلى نسبة متدنية، من شأنه أن يؤثر في هوية المواطنين، كما إن تصادم وتصارع حضارات العمالة الأجنبية وهيمنتها على المجتمعات الخليجية يؤثر في القيم الوطنية، إضافة إلى أن معظم العمالة الأجنبية من الذكور، مما يؤدي إلى حدوث خلل في التوازن النوعي بين الجنسين والمشاكل الاجتماعية والأخلاقية والأمنية التي تنتج من ذلك.

ويبدي خبراء في الشأن الخليجي مخاوفهم من إمكانية تدويل أية أزمة محلية واستصدار قرارات من مجلس الأمن تفرض توطين العمالة الأجنبية في الخليج أو حتى إضفاء الشرعية الدولية على أي محاولة من قبل تلك العمالة للسيطرة على مقاليد الأمور في موقع ما في الخليج تشكل فيه غالبية يجب أن لا ينظر إليه أنه أمر مستبعد الحدوث. مدللين على ذلك بالقول إن quot;العمالة الأجنبية التي استقرت في شبه جزيرة ملقا بكثافة كبيرة استطاعت وبموجب حق تقرير المصير في عام 1965 أن تسلخ ذلك الجزء من ماليزيا وتقيم دولة هي سنغافورة مدعومة بقرارات الشرعية الدوليةquot;. ويتوقع وزير العمل البحريني مجيد العلوي أن يصل عدد الأجانب إلى حوالى 30 مليونًا في غضون عشر سنوات. وهو ما يعني وجود شعب آخر يعيش في الجوار. وكان العلوي، حذر من أن مشكلة العمالة الأجنبية في الخليج قد تغيير وجه المنطقة بكاملها خلال العقد المقبل، واصفًا إياها بأنها أشد خطرًا على الخليج quot;من القنبلة النووية وإسرائيلquot; معًا.