ناقشت quot;مجموعة دبي العالميّةquot; ومجموعة من البنوك الإماراتية والبريطانية الدائنة خيارات تسوية الديون، التي طلبت تأجيلها نهاية الشهر الماضي، مدة ستة أشهر، مؤكدة أنها في طريقها للتوصل إلى حلّ مرضٍ يحفظ حقوق كلا الجانبين. وكانت المجموعة قد أعلنت في السادس والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي أنها ستطلب من دائني شركتي دبي العالمية ونخيل العقارية تأجيل سداد ديون بمليارات الدولارات. quot;إيلافquot; وحرصًا منها على مواكبة الحدث ومحاولة لمس انعكاساته الشعبية في المنطقة والعالم طرحت استفتاء للتصويت يتعلق بهذا الموضوع.

إيلاف: جاءت نتائج الاستفتاء الأخير الذي طرحته quot;إيلافquot; أمام قرائها، والمتمثل في السؤال quot;طلب دبي العالمية مهلة ستة أشهر لسداد ديونها عمّا يشيرquot;، على الشكل الآتي: رأى السواد الأعظم من المستفتين (633 قارئًا للموقع) أنّ تأجيل ديون شركات تابعة لإمارة دبي يسفر عن أزمة ثقة في المنطقة ككل، وشكّلت هذه الإجابة نسبة 42.54 % من الإجابات الثلاث المطروحة أمام القرّاء.

أما الخيار الثاني، والمتجسد في الجواب: quot;يعبّر عن مفتاح لتجدد أزمة الائتمانquot; فاقترحه 390 مستطلعًا، شكلت نسبة إجاباتهم هذه 26.21 % من الخيارات المتاحة. في حين أكّد 465 قارئًا أنّ طلب تأجيل الديون سيكون تأثيره محدودًا، ولن يخلف تبعات، ومثلت إجابات هذه الفئة نسبة 31.25 % من الإجابات الكلية المطروحة للاستفتاء. تجدر الإشارة إلى أن عدد المشاركين الإجمالي في الاستفتاء الذي طرحته إيلاف أمام قرائها الأسبوع الأخير بلغ 1488 مشاركًا.

وكانت ديون دبي قد أثارت الذعر في العديد من أسواق المال العالمية أخيرًا، رافقه تراجع أسعار الكثير من السندات الإسلامية. وتأثرت بورصة باريس بالموقف الإماراتي، بينما كانت الأسواق الآسيوية الأكثر تضررًا، حيث تراجعت السندات الإسلامية المتداولة فيها بنسبة 15 % دفعة واحدة، إثر إعلان تأجيل الديون.

إلى ذلك، خفّضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني تصنيف ست شركات ضخمة تابعة لحكومة دبي، بينها سلطة موانئ دبي العالمية وهيئة كهرباء ومياه دبي والعملاق العقاري quot;إعمارquot;. بدورها، خفضت quot;ستاندرد آند بورزquot; للتصنيف الائتماني تصنيف خمس شركات، بينها سلطة موانئ دبي العالمية وإعمار، معتبرة أن قرار حكومة دبي quot;يمثل فشل حكومة الإمارة في تقديم دعم مالي مناسبquot; لشركة من الطراز الأول.

واستبعد اقتصاديون جزائريون أي أضرار بإمكانها أن تطال الاستثمارات الإماراتية في الجزائر، التي تربو عن 6 مليارات دولار، ورأوا أنها في منأى عن أي صدمات قد تهدّد مكانة دولة الإمارات كرابع أكبر مستثمر أجنبي في الجزائر، كما شدّدوا على أنّ المصاعب المالية التي تواجهها شركة دبي العالمية لن تؤثّر في نشاطات فرعها الذي يتولى تسيير ميناءي quot;الجزائر العاصمةquot; وquot;جن جنquot; في ولاية جيجل منذ العام الماضي ولغاية العام 2038.

أما في مصر، فأغلقت أولى جلسات البورصة المصرية بعد أزمة دبي، على انخفاض في المؤشر العام بنسبة 8 %. ورأى خبير أن المركز المالي في دبي هو المستهدف، من خلال الأزمة، لنقل الاستثمارات المالية إلى أوروبا. وأكد خبراء اقتصاديون مصريون آخرون أن دبي ليست مجرد إمارة، وإنما ارتباطها الاقتصادي بالعالم الخارجي، خاصة بأميركا وأوروبا، يجعل منها دولة اقتصادية كبرى، لذا فإنها تأثرت بشدة بالأزمة المالية العالمية، الأمر الذي كان له مردود سلبي على الاقتصاد العالمي ككل. لذا نجد أن معظم البورصات انخفضت مؤشراتها إثر خطوة تأجيل الديون الأخيرة.

وكان خبراء ومحللون أميركيون قد توقّعوا أن تتعرض البنوك الأميركية إلى هزات عنيفة جراء تلك الأزمة. وأكدوا أن تأثير أزمة دبي على الإقتصاد الأميركي والعالمي هو تأثير نفسي أكثر منه حقيقي، فالتأثير طفيف جدًا، حيث إن ما حدث أثار مخاوف المستثمرين. فالبنوك الأميركية كانت قد قدمت ضمانات لقروض حصلت عليها شركات في دبي، مصدرها بنوك بريطانية وألمانية، إضافة إلى أن اندفاع إمارة دبي لبيع ممتلكاتها العقارية في الغرب بأسعار بخسة، بهدف جمع الأموال لسداد قروضها، قد يدفع القطاع العقاري الأميركي إلى دوامة جديدة من الهبوط.

ويتوقع خبراء أن تتراجع تحويلات اللبنانيين المقيمين في دبي وحدها، وليس في كل الإمارات، وأن يكون هذا التراجع طفيفًا، فلا يلحق أذى فعليًا بحجم وبنية التحويلات إلى لبنان، التي استقرت عند 7 مليارات في 2009، بتراجع لا يتعدى 2.5 % عن 2008، وفق تقرير بنك عودة.

ويتباهى هؤلاء الخبراء، الذين يدورون في فلك المصرف المركزي، بأن لبنان أثبت قدرة على استشراف quot;الأخطارquot; على تنوعها في الاقتصاد العالمي وتجنبها، مما وفر له حصانة داخلية ومناعة في وجه الانهيارات وشظاياها، ندر وجودها في أي بلد آخر.
ويقدر إجمالي ديون دبي في عام 2008 بحوالي 80 مليار دولار بينها 70 مليار دولار في ذمة الشركات العامة منها 59 مليار دولار في ذمة مجموعة دبي العالمية لوحدها كما تواجه الإمارة التزامات ضخمة في العامين المقبلين، حيث من المقرر أن تسدد ديونًا في عام 2010 بقيمة 13 مليار دولار، لترتفع إلى 19.5 مليار دولار في عام 2011.