شهدت الأسواق المحليّة والعالميّة انتعاشًا ملحوظًا، فور إعلان حكومة دبي صباح أمس عن سداد صكوك نخيل العقاريّة، وإزاء ذلك أبدت مؤسسات ماليّة ومصرفيّة عالميّة ارتياحها لهذا الإعلان الذي صاحبه قانون الإعسار، مؤكدين أن تعديل القانون سيدعم دبي كمركز مالي عالمي رائد، ويعيد دبي إلى مكانتها كمقصد للاستثمارات الأجنبية.كما أصدر حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم قرارًا بتشكيل لجنة قضائية خاصة للفصل في المنازعات المتعلقة بتسوية الوضع المالي لمؤسسة دبي العالمية والشركات التابعة لها.

دبي: لفت مصرفيون إلى أن إعلان دبي سيؤدي إلى انتعاش كبير وملموس في القطاع المصرفي المحلي، ولعدم اضطرارها إلى أخذ مخصصات أكبر مع نهاية العام. وفي إطار تداعيات الإعلان، أغلقت غالبية أسهم أسواق الإمارات بالنسب القصوى، حيث سجل سوق دبي 10.3 %، وسط غياب عروض البيع، فيما قصد مؤشر سوق أبوظبي نسبة 79 %. وفي إطار ردود الأفعال المتباينة، رحّب بنك quot;ستاندرد تشارتردquot; بإعلان دبي، معلنًا أنها سوف تلبّي سلسلة من الالتزامات المقبلة في quot;مجموعة دبي العالميةquot;، بما في ذلك صكوك نخيل، وأن هذا الإعلان من شأنه دعم دبي على المستويات الاقتصادية كافة.

وأكد الرئيس التنفيذي لمجموعة quot;ستاندرد تشارترد بيتر ساندسquot; أن الإعلان يكشف عن القوة الحقيقية لاتحاد الإمارات، مشيرًا إلى أن هذا الإعلان سوف يعزز الثقة العالمية والإقليمية في دبي بشكل خاص، والإمارات بشكل عام، وسيمنح دبي دفعة قوية لمواصلة بناء مكانتها كأحد المراكز المالية العالمية الرائدة.

ولفت الرئيس التنفيذي في ستاندرد تشارترد الشرق الأوسط شاين نيلسون إلى أن الأحداث التي شهدتها دبي أمس تبعث برسالة تهدئة للأسواق العالمية، التي تأثرت بأشكال متباينة، كما إن quot;بيان الحكومة يشكل عاملاً إيجابيًّا على الصعيد الدولي، ويدفع دبي لتصبح منصة قوية للنمو والاستثمار في المستقبل، خاصة مع صدور قانون الإعسار. وأضافت ميريل لينش لإدارة الثروات أن الإعلان عن سداد الصكوك المستحقة أكبر مما كانت تتوقعه الأسواق والأفراد، حيث جاء الإنقاذ في وقت حيوي ومهم، تحتاجه الأسواق المحلية والعالمية، ورأت أن quot;من شأن ذلك تعزيز الثقة بدرجة كبيرةquot;.

وأكّد أمير صدر، مدير quot;ميريل لينشquot; الشرق الأوسط، أن تخصيص جزء من هذه الأموال لسداد ديون المقاولين المستحقة داخليًا من أهم النقاط التي ستدفع عجلة الاقتصاد في دبي، لتستعيد مكانتها العالمية على مستوى العالم ، فضلاً عن تحسن المناخ الاستثماري بعد هذا الإعلان، وزيادة ثقة المستثمرين، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي. كما أشاد بقانون الإعسار الذي صدر أول من أمس، حيث سيدعم هذا القانون وضع دبي والإمارات على المستوى الدولي، مشددًا على أن هذا المرسوم جاء في التوقيت المناسب، حيث بات أكثر ما يقلق المستثمرين ويخيفهم من زيادة حجم استثماراتهم في دبي هي الشفافية وحماية الدائنين.

وأوضح أن دبي لا تزال تتمتع بجاذبيتها للاستثمارات الأجنبية، خاصة مع توافر العديد من الفرص التي ولدتها أزمة الديون، فضلاً عن استمرار الصناديق السيادية في دعم المشاريع والاستثمارات المحلية، إضافة إلى اقتناص بعض الفرص الاستثمارية الخارجية. وأكد صدر على تحسن مناخ الائتمان والإقراض على المستوى المحلي والعالمي للمشاريع والشركات في دبي، مشيرًا إلى أن الإعلان زاد من حجم الثقة في الاقتصاد الإماراتي، ولا سيما دبي، لكنه عاد وألمح إلى ضرورة توصل دبي إلى نتائج تساعدها في إعادة هيكلة ديونها بالشكل المطلوب، للمحافظة على وتيرة التهدئة التي سادت الأسواق منذ أول من أمس، والتي من المتوقع أن تساهم بشكل كبير في استقرار البورصة العالمية.

إلى جانب ذلك، رحّب بنك (HSBC) البريطاني بإعلان حكومة دبي دعمها لشركة quot;نخيلquot; والوفاء بموعد تسديد صكوكها، وقال البنك إن هذه الأنباء quot;موضع ترحيب من قبل الأسواق المالية الدوليةquot;. وأوضح في بيان صادر منه quot;أن هذا الدعم جاء ليؤكد وحدة دولة الإمارات العربية المتحدة، ويظهر الدعم القوي الذي توليه الحكومة الرشيدة في دولة الإمارات للقطاع المؤسسي في البلادquot;. وتابع البيان: quot;لطالما كان بنك HSBC، وسيبقى دائماً من أقوى المؤسسات المالية المؤيدة والداعمة لكل من دبي وأبوظبي ولسائر الإمارات الأخرى في الدولةquot;.

من جهة أخرى، أكّدت مؤسسة التصنيف الائتماني quot;ستاندرد آند بورزquot; أنها لا تعتزم تغيير تصنيفاتها للبنوك الإماراتية التي أعلن كثير منها تعرضه لمجموعة دبي العالمية، بعد تأكيد البنك المركزي مجددًا تصريحاته بشأن توفير الدعم. وأشار تقرير الوكالة إلى أن تحرك البنك المركزي الإماراتي للحد من المخاوف بشأن الضغوط التي تواجه القطاع المالي، دعم البنوك المحلية التي تعرضت لمجموعة دبي العالمية، بعدما وضعت مؤسسة التصنيف الائتماني أربعة بنوك إماراتية تحت المراقبة الشهر الماضي لإجراء تخفيض محتمل، وذلك بعدما أعلنت حكومة دبي هيكلة مجموعة دبي العالمية.

وقال كبير مديري التصنيفات التحليلية للمؤسسات إيمانويل فولاند quot;سيمنع التطور الجديد في التسديد المتوقع لصكوك نخيل بعض البنوك من تسجيل خسائر، ولكن ما زالت هناك مخاطر أخرىquot;. أما الرئيس التنفيذي لشركة quot;شعاعquot; للأوراق الماليةquot; محمد علي ياسين فاعتبر أن إعلان دبي أمس عامل إيجابي للاقتصاد الإماراتي والأسواق المحلية والعالمية.

وأشار ياسين إلى أن الكثير من الانعكاسات الإيجابية ظهرت بعد صدور بيان حكومة دبي مباشرة، ومن بينها انخفاض أسعار شهادات التأمين على الديون السيادية لحكومة دبي بنسبة 30% تقريبًا، إضافة إلى الانتعاش في أسواق المال.

ولفت إلى أنه على الرغم من مفاجأة الإعلان والحل، إلا أنّه يعد الحل المثالي لأزمة ديون دبي، وهذا ناتج من رضا جميع الأطراف عن الحل المقدم، ولكن يتبقى ما ستؤل إليه إعادة جدولة ما تبقى من ديون، وإعادة هيكلة الشركتين العقاريتين، كما إن المصارف ستنهي عامها ببيانات وأخبار إيجابية. وقال رئيس إتحاد المقاولين في الإمارات أحمد بالحصا إن قرار حكومة دبي تخصيص جزء من الدعم الذي حصلت عليه لتسوية ديون المقاولين يشكل جزءًا أساسيًّا من خطة حل إلتزامات الشركات، وأضاف quot;لم يتم حتى الآن صرف أي مبالغ للمقاولين، لكننا نترقب بدء عملية الصرف في الأيام المقبلةquot;.

وتوقع أن ينطبع انعكاس الإعلان على كل القطاعات التي ستشهد تحسّنًا قريبًا، مشيرًا إلى أن دبي قدمت نموذجًا متفرّدًا في المنطقة، وأنه على ثقة من قدرتها على تجاوز المصاعبquot;. وفي سياق متصل، أصدر حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم قرارًا بتشكيل لجنة قضائية خاصة للفصل في المنازعات المتعلقة بتسوية الوضع المالي لمؤسسة دبي العالمية والشركات التابعة لها.

ويأتي هذا القرار من منطلق حرص حكومة دبي على حفظ حقوق دائني دبي العالمية والشركات التابعة لها، وانطلاقاً من التزامها الرامي إلى تعزيز دور إمارة دبي في الاقتصاد العالمي، وضمان حصول المؤسسات التمويلية على كامل حقوقها المالي، وتعهدًا منها بالعقود المبرمة مع دائنيها، وتأكيدًا لقدرتها على الوفاء بهذه الالتزامات بالنظر إلى ما تمتلكه من اقتصاد قوي راسخ وقادر على امتصاص تبعات الأزمة المالية العالمية.

وسيكون مقر اللجنة في مركز دبي المالي العالمي، وتتخذ قراراتها وأوامرها بالإجماع، أو بغالبية أصوات أعضائها، وتصدرها باسم حاكم دبي. ووفقًا لقرار حاكم دبي، فإن القرارات والأوامر الصادرة من اللجنة ستكون قطعية غير قابلة للطعن بأي طريق من طرق الطعن أو إعادة النظر.