تنفذ النقابات المهنية والعمالية والصحية في فلسطين إضرابًا تحذيريًا عن العمل احتجاجًا على رزمة القوانين التي تنوي الحكومة تطبيقها وإقرارها.


رام الله: أكدت النقابات الفلسطينية في بيانات عدة تلقت quot;إيلافquot; نسخًا منها أن إضرابهم الذ لوّحوا به قائم، وسيتم وفق الموعد المحدد، كما ستنظم النقابات اعتصامًا أمام مقر مجلس الوزراء الفلسطيني بمشاركة ممثلين عن نحو خمسة وعشرين نقابة في القطاعين العام والخاص.

يأتي هذا الإضراب، حسب بيان مشترك للنقابات، وصل إلى quot;إيلافquot; نسخة منه، في ظل عدم تجاوب الحكومة مع مطالب النقابات، التي تتلخص في اللقاء والحوار معها حول رزمة القوانين التي تنوي العمل على إقرارها وتنفيذها.

وأوضح البيان أن هذه القوانين تتعلق بقانون التقاعد، وقانون الحق في الإضراب، وقانون التنظيم النقابي، وقانون التأمين الصحي الإلزامي، وقانون خصم الضريبة على تقاعد العاملين. وبينت النقابات في بيانها، quot;أن هذه الخطوة تأتي نتيجة للتجاهل المتواصل من قبل الحكومة لدور النقابات وعدم التعامل معها في ما يتعلق بموظفيها، خاصة أن جل هذه القوانين تمس الموظفين كافة بشكل خطر، وتنتهك حرياتهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، مما تعتبره النقابات تجاوزًا لا يمكن السكوت عنهquot;.

وأكدت النقابات مجتمعة، أن quot;عدم تجاوب الحكومة معها وإصرارها على مواصلة إدارة الظهر لها، سيؤدي حتمًا إلى تفجر الأوضاع وتصاعدها، وصولاً إلى الإضراب الشامل في القطاعات كافةquot;. وكانت النقابات الداعية إلى الإضراب التحذيري اتهمت الحكومة بالتفرد وتنسيب القوانين للرئيس الفلسطيني لإقرارها والمصادقة عليها، وهي قوانين تمس حياة كل المواطنين، دون التشاور معها، في حين نفت الحكومة هذه التهم.

ودعت حوالي 25 نقابة في القطاعين العام والخاص في بيان لها الخميس الماضي، إلى إضراب تحذيري والتوجه لمجلس الوزراء للاحتجاج على ما أسمته قراراته الفردية، التي تخص تنظيم العمل النقابي، وتنظيم الإضراب، وتعديلات قانون الخدمة المدنية، وتعديلات قانون الضريبة، والتأمين الصحي، والتعديلات على قانون التقاعد الخاص بالقطاعين العام والخاص.

الأمين العام لمجلس الوزراء الدكتور نعيم أبو الحمص نفى هذا الأمر في تصريح صحافي، وأكد أنه غير صحيح، موضحًا في الوقت عينه أن الحكومة لم تغلق الباب أمام الحوار. وأكد أنه تم توضيح الأمر لعدد من ممثلي بعض النقابت بأن مشاريع القوانين التي يجري الاحتجاج بشأنها ما زالت في مراحلها الأولى من حيث تعديل الأنظمة، ولا توجد مسودة لأي مشروع من هذه المشاريع.

وأوضح أبو الحمص، 'أن الكثير من القوانين التي تحتج عليها النقابات لا يوجد حتى مسودة أولى لها، مثل تعديلات قانون الخدمة المدنية، وتعديلات على قانون التقاعد، وبخصوص قانون تنظيم الإضراب قدمت مسودة من وزارة العمل، ولم تعرض على مجلس الوزراء. أما تعديل قانون الضريبة فرفع للرئيس للمصادقة عليه، والاحتجاج عليه يجب أن يوجه لوزارة الماليةquot;.

النقابات تطالب بفتح باب الحوار
بدوره، أكد بسام زكارنة رئيس نقابة العاملين في الوظيفة العمومية، في اتصال هاتفي مع quot;إيلافquot; أن قرار الإضراب التحذيري نهائي ولا رجعة عنه. وقال إن quot;الحكومة تتبع سياسة إدارة الظهر وعدم التعاطي مع النقابات وتتجاهل مطالبهاquot;، وفيما إذا ما كان هذا الأمر مجرد اتهام وتجني من قبل النقابات على الحكومة، أشار زكارنة إلى أن quot;النقابات قامت بإرسال نحو 11 كتابًا خطيًا للحكومة، لم يتم الرد على أي منها حتى اللحظةquot;.

وعن أهمية الإضراب بالنسبة إلى النقابات، أكد زكارنة أنه يهدف إلى دعوة الحكومة لعدم اتخاذ قرارات منفردة، وأن تفتح باب الحوار مع النقابات وتشركها في صياغة القرارات المصيرية، منوهًا إلى أن الإضراب يشكل مناشدة للرئيس محمود عباس بعدم اعتماد القوانين دون إشراك كل القطاعات ذات العلاقة، مطالبًا الحكومة باحترام النقابات والرد على رسائلها.

ولفت إلى أن الإضراب والاعتصام الذي سينفذ أمام مقر مجلس الوزراء سيشكلان فرصة لرفع العلم البرازيلي بشكل لافت للنظر إلى جانب العلم الفلسطيني تقديرًا وشكرًا للحكومة البرازيلية والشعب البرازيلي لاعترافهم بدولة فلسطينية على حدود عام 1976.
وشدد زكارنة على ضرورة تعاطي الحكومة مع النقابات، مؤكدًا أنه إذا ما استمرت في سياساتها المتمثلة بإدارة الظهر فإن النقابات ستصعد من خطواتها وفعالياتها الاحتجاجية خلال الفترة المقبلة.

وقال إن quot;النقابات ستمنح الحكومة مدة شهر بعد الإضراب التحذيري لفتح باب الحوار، وإذا ما استمرت على ما هي عليه الآن، ستتداعى النقابات لاتخاذ سلسلة فعاليات احتجاجية، وقد يصل بها الأمر إلى تنفيذ إضراب مفتوح عن العملquot;.

في ما يتعلق بتصريحات وزير العمل الفلسطيني الدكتور أحمد مجدلاني، التي جاء فيها أنquot; وزارة العمل لم تسمع ولم تبلغ من أي من النقابات بالإضراب، وأن الإضراب من وجهة نظر الوزارة لا يستوفي الشروط القانونيةquot;، قال زكارنة quot;قمنا بإرسال 11 كتابًا إلى الحكومة الفلسطينية تتعلق بمطالب النقابات ولم نحصل على أي رد حتى الآن، ومن حقنا القيام بخطوات احتجاجيةquot;.

ويرى زكارنة أن هذا العمل النقابي المشترك يشكل نقلة نوعية في العمل النقابي، رغم وجود مساندة دائمة من النقابات في ما بينها، إلا أن هذا العمل المشترك يشكل مرحلة جديدة من العمل الجماعي النقابي في القضايا الاجتماعية والمتعلقة بصياغة القوانين المتعلقة بأعضائها.

النقابات الصحية تشارك بقوة
رئيس نقابة المهن الطبية أسامة النجار من جانبه شدد في اتصال هاتفي مع quot;إيلافquot; على أن القيام بهذه الخطوة يهدف إلى دعوة الحكومة إلى إعادة فتح الحوار مع النقابات، ومطالبتها بإتاحة المجال للنقابات لممارسة دورها الاجتماعي والاقتصادي، لأنها شريك في عملية التنمية، ومن المفروض أن يتم التوقف عندها والحوار مع النقابات بخصوصها.

وأشار إلى أن النقابات باتت تشعر أن الحكومة تعمل على تغييب النقابات عن هذا الجهد، وتقر القوانين والأنظمة من وجهة نظرها دون الأخذ برأي الأطراف ذات العلاقة، منوهًا إلى أن النقابات قامت بإطلاع المجلس التشريعي على هذه التطورات رغم الحالة التي يمر بها المجلس التشريعي.

الجامعات تخوض الإضراب احتجاجًا على قانون الضريبة
من جهته، أوضح الناطق الإعلامي الرسمي باسم مجلس اتحاد النقابات في الجامعات الفلسطينية الدكتور موسى عجوة أن يوم الاثنين هو يوم إضراب شامل في كل جامعات الوطن في الضفة الغربية وقطاع غزة. ولفت عجوة في بيان تلقت quot;إيلافquot; نسخة منه أنه وبالتوازي مع الإضراب الذي سيكون الاثنين فإنه سيتم تنظيم احتجاج من قبل مجالس الجامعات أمام مجلس الوزراء الفلسطيني من الساعة العاشرة صباحًا وحتى الساعة 12 ظهرًا، بالمشاركة مع قطاعات واتحادات أخرى من المجتمع الفلسطيني كنقابة الموظفين العموميين وقطاع الصحة وقطاع المياه والكهرباء ونقابات عدة.

وطالب عجوة كل العاملين بالتجمع أمام مجلس الوزراء يوم الاثنين لمشاركة كل القطاعات بهذا اليوم الاحتجاجي، وذلك لتحقيق مطالبهم. بدوره أكد رئيس نقابات عمال الجامعات الدكتور أمجد برهم، أن مشاركة نقابته للإضراب، كانت للاحتجاج على قانون الضريبة، الذي أقره مجلس الوزراء، وفرض ضريبة على نهاية الخدمة للعاملين في القطاعين العام والخاص.

وقال إن quot;هناك قانون ضريبة طبق علينا في عهد الرئيس، وكان حينها رئيسًا للوزراء ووزيرًا للمالية، حيث كان يتم أخذ ضريبة منا على 70% من دخلنا فقط، وذلك بهدف دعم الهيئة التعليمية في الجامعاتquot;. ويرى برهم أن فرض هذا القانون ينعكس سلبًا على جميع العاملين في الجامعات، التي تعاني نقصًا في في الكوادر وهجرة للكوادر الأكاديمية. وأضاف إن quot;هناك تباطؤًا في ضم العاملين في الجامعات لصندوق التقاعد من قبل القائمين عليهquot;.

وأوضح برهم أن ما جمعهم وباقي النقابات، هو المطالبة بفتح المجال لهم للقيام بدورهم في التنمية، لأنهم يعتبرون أنفسهم شركاء في صنع القرار لخدمة القضية والمواطن، ولا يمكن لهم ممارسة هذا الدور والحكومة تستثنيهم عند نقاشات مشاريع القوانين التي تخصهم.

ويرى نقابيون أن الإضراب جاء على خلفية السياسات الاجتماعية المعتمدة من جانب الحكومة، وآخرها كان إقرار مشروع ضريبة معدل، ويفرض ضرائب على مكافئة نهاية الخدمة وعلى المعاش التقاعدي لعاملين في القطاع العام، ويفرض ضرائب على مكافئة نهاية الخدمة على العاملين في القطاع الخاص والأهلي.

وأكدوا أن هذه الخطوة ترافقت مع توافق من وجهة نظر النقابات، في ما يتعلق بإصدار اللائحة التنفيذية المتعلقة بقانون التقاعد غير الحكومي، وصدور مرسوم من الرئيس يخص قانون التقاعد غير الحكومي، يلزم مؤسسات القطاع الخاص، وهو القانون المعروف بقانون التقاعد 5 لعام 2007، ومجلس الوزراء تجاوز صلاحياته بإجراء تعديلات على القانون، وحوله بهذا المعنى لوجهة نظر غير ملزم لأصحاب المؤسسات والمنشآت، دون العودة للرئيس للمصادقة عليه.

وأشاروا إلى أن كل هذه الإجراءات تمت دون التشاور مع أصحاب العلاقة وهي النقابات، مما وسع من دائرة الاحتجاج. ومن القضايا التي يتم الاحتجاج عليها أيضًا قانون تنظيم الإضراب، وغياب قانون لتنظيم العمل النقابي، وقانون التأمين الصحي، ورفع سن التقاعد وتعديل قانون الخدمة المدنية.

واعتبر نقابيون أن خوض هذه النقابات مجتمعة للإضراب بهذا الحجم وللمرة الأولى يساهم في ترسيخ العمل النقابي وفي تطور وضع الحركة النقابية، ويعزز العمل المشترك تجاه القضايا المشتركة، التي تلقي بظلالها على كل القطاعات، ما يعزز من دور الحركة النقابية باعتبارها شريكًا أساسيًا في العمل وفي وضع السياسات.