شهد اليمن عامًا مكتظًا بالأحداث الاقتصادية، مع كثير من الأحداث المزعجة إلى جانب القليل من التفاؤل. وقد أقرّت ميزانية العام الجديد الأربعاء في البرلمان بتكلفة تصل إلى نحو 7 مليارات و98 مليون دولار، بنقص عن موازنة العام الماضي بقرابة مليار و400 مليون دولار، وهو المبلغ الذي تم اعتماده بشكل طارئ الأسبوع الماضي وسط مقاطعة كتل المعارضة والمستقلين.


صنعاء: يتوقع أن يصل العجز الكلي في 2011 إلى مليار و460 مليون دولار بنسبة 3.7% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بـ8.2% في 2010. ةيقول تقرير اللجنة الخاصة المكلّفة بدراسة مشاريع الموازنات العامة للعام المالي 2011 إن نسبة الفقر في اليمن وصلت عام 2010 إلى 42.8% مقارنة بـ 33.8% في 2009. وتنال المناطق الريفية النصيب الأكبر من ذلك، حيث وصل نسبة سكان الريف الفقراء وفقًا للتقرير إلى 47.6% في عام 2010، بعدما كان 38.5% في عام 2009.

الفقر في المدن سجّل ارتفاعًا بنسبة تزيد عن 9%، فقد بلغت نسبته في المدن 29.9% في عام 2010 مقارنة بنسبة 19.7% في عام 2009. وعبّر التقرير البرلماني عن القلق من تخفيض إنفاق موازنة العام المقبل لكون التخفيض كإجراءات تقشفية جاء على حساب النفقات الاستثمارية المتراجعة إلى 20% مقابل 28% السنة الجارية، في الوقت الذي زاد الإنفاق الجاري إلى 80% مقارنة بـ72% هذا العام.

في ما يتعلق بالتضخم، أفاد التقرير بأن الأسعار سترتفع إلى قرابة 10% منخفضاً عن هذه السنة التي زادت فيه الأسعار بنسبة تقارب 11%. وشهد العام 2010 ارتفاعًا في أسعار المشتقات النفطية والغاز منذ مطلع العام، حيث ارتفع البنزين بنسبة 25% بالنسبة إلى البنزين، وقرابة 60% للغاز، و25% للديزل، في حين تم رفع الضرائب على 71 سلعة غذائية، معظمها مواد غذائية.

الريال متدهور
إلى ذلك، شهد الريال اليمني تدهورًا وتضاربًا أمام الدولار، حيث ارتفع سعر الدولار من 198 ريالاً إلى 265 ريالاً، ثم نفذت الحكومة إجراءات للحد من هذا الارتفاع، ليستقر السعر عند 214 ريالاً مقابل الدولار. ويقول خبراء إن تراجع الدولار كان بسبب التراجع بسبب التوسع الكبير في الإنفاق الذي ترتب عليه عجز قياسي في الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2009، حيث وصل إلى أكثر من ملياري دولار وفقًا للبيانات المقدمة من البنك المركزي، وبنسبة 9% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل عجز في عام 2008 بلغ 220 مليار ريال وبنسبة 3.8 %.

في سياق ثان، ارتفعت مديونية اليمن الخارجية بمقدار 66 مليون دولار لتسجل خمسة مليارات و960 مليون دولار بنهاية أغسطس/آب 2010م قياسًا مع خمسة مليارات و894 مليون دولار العام الماضي. وتراجع احتياطي اليمن من النقد الأجنبي بنهاية يوليو/تموز الماضي إلى خمسة مليارات و727 مليون دولار أميركي، تغطي 7.7 أشهر من الواردات، قياسًا مع ستة مليارات و797 مليون دولار، بانخفاض قدره مليار و70 مليون دولار، وذلك عقب أزمة انخفاض سعر الريال أمام الدولار.

وكان احتياطي اليمن من النقد الأجنبي سجل أعلى مستوى له في يوليو 2008م بمقدار ثمانية مليارات و477 مليون دولار، قبل أن يبدأ بالتراجع. وحول قيمة الاستثمارات الخاصة الخارجية، تراجعت القيمة من مليار و138 مليون دولار في العام الماضي إلى مليار و12 مليون دولار، وبمعدل نمو سالب قدره (11%).

ويحذر الخبير الاقتصادي علي الوافي في محاضرة ألقاها في منتدى الأحمر من quot;أن معدل النمو الاقتصادي والوطني المقدر بـ4% لا يساعد على تحسين معيشة الأغلبية من المواطنين في ظل سوء التوزيع للمنافع، وأن استمرار تراجع كمية النفط المنتج عاما بعد عام ينعكس ذلك سلباً على الحياة المعيشية للمواطن، لاسيما أن الصادرات النفطية تشكل أكثر من 90% من الصادرات الوطنية، كما تشكل إيراداتها أكثر من 70% من الإيرادات العامة للدولة، وبالتحديد خلال الفترة ما بين 2003-2009م.

وتوقع الوافي تفاقم عجز الموازنة إلى أكثر من 20% من الناتج المحلي الإجمالي خلال ثلاث سنوات مقبلة، وزيادة الضغوط التضخمية على الريال، quot;وقد نشهد تدهوراً كبيراً في سعر الصرف للريالquot;.

قروض جديدة
على صعيد القروض التي ستقدم لليمن خلال المرحلة المقبلة، أقر صندوق النقد العربي في أبوظبي بتقديم قرض جديد لليمن بقيمة 200 مليون دولار، وذلك لدعم برنامج إصلاح اقتصادي جديد ينفذه اليمن، ويغطي الفترة حتى عام 2012.

من جانبه، أعلن الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي أنه تعهد تخصيص 500 مليون دولار لدعم مشاريع التنمية في اليمن خلال الفترة 2011-2015م. أما البنك الدولي فقد أعلن عن تقديم منحة لليمن بمبلغ 70 مليون دولار لأغراض سياسات التنمية المهتمة بتشجيع نموّ القطاع الخاص في القطاعات الاقتصادية غير النفطية، وتحسين الجوانب الأساسية لنظام إدارة الشؤون المالية العامة، والتخفيف من حدّة الإجراءات الحالية لتقليص دعم أسعار منتجات المحروقات على الفقراء، وذلك من خلال إنشاء نظام للتحويلات النقدية أكثر إنصافاً وشمولاً لفئات المجتمع كافة.

ويتوقع أن يحصل اليمن على عدد من القروض والمنح خلال 2011، وذلك في إطار الالتزامات الدولية، ومن أبرزها التزام مؤتمر مانحي لندن، الذي ما زالت مبالغه غير مستوفاة، إضافة إلى مؤتمر أصدقاء اليمن في الرياض، المقرر عقده خلال مارس /آذار المقبل.

عائدات خليجي 20 والنفط
حول عائدات اليمن من النفط، فقد ارتفعت عائدات حصة الحكومة من صادرات النفط بنهاية سبتمبر/أيلول 2010 إلى مليار و907 ملايين دولار قياسًا مع مليار و235 مليون دولار بنهاية الشهر نفسه من العام الماضي بفعل زيادة كمية الصادرات وارتفاع متوسط سعر البرميل في الأسواق الدولية.

وقال البنك المركزي اليمني إن حصة الحكومة من كميات الصادرات سجلت 24 مليون برميل بنهاية سبتمبر 2010 مقارنة مع 21 مليون برميل في نهاية الشهر عينه من 2009.

من جانبه أوضح وزير السياحة اليمني نبيل الفقيه أن عائدات القطاع السياحي في اليمن بلغت 1.1 مليار دولار في 2010 بما فيها عائدات استضافة بطولة quot;خليجي 20quot;، التي بلغت 600 مليون دولار، في حين أشار رئيس غرفة تجارة عدن محمد عمر بامشموس إلى أن عائدات خليجي 20 وصلت إلى مليار دولار.

وتحاول الحكومة خلق بدائل اقتصادية، حيث أعلن رئيس مصلحة الضرائب أحمد غالب أن المصلحة اتخذت كل الآليات لتطبيق قانون ضريبة المبيعات بداية من يناير/كانون الثاني 2011م، لكون القانون بات نافذًا دستوريًا، خصوصًا وقد أجمعت الغرف التجارية في المحافظات على تطبيقه، والتي أعلنت تأييدها، وعدم وجود أي اعتراضات فنية على تنفيذه.

وأضاف أن قانون ضرائب المبيعات، الذي يفرض 15%، يعد من القوانين المهمة التي تهدف إلى الارتقاء بمستوى الأوضاع الاقتصادية في الوطن، والارتقاء بمستوى أداء القطاع التجاري، وللحد من الممارسات التي تتم من قبل المكلفين بتحصيل الضريبة.