دفعت أزمة قارورة الغاز بعض السكان وخاصة في القرى و الكفور و النجوع و الأحياء الشعبيةإلى العودة إلى وسائل بدائية عفا عليها الزمن لإعداد الطعام فى ظل النقص الشديد الذى تعانيه المستودعات فىقارورة الغاز وارتفاع أسعارها الى أكثر من 30 جنيها للأنبوبة الواحدة بدلا من سعرها الرسمي المسعر من قبل الحكومة وقدره 275 قرشا .

القاهرة:قالت فوزية رمضان ربة منزل 34 عاما تقيم بأحد المناطق الريفية على أطراف محافظة الجيزة لإيلاف أنها لم تجد أمامها فى ظل عدم نجاحها فى شراءقارور غازلمدة أسبوعين متعاقبين إلا استخدام الحطب و القش فى إعداد الطعام , فيما أعربت جارتها أمينة أنها اضطرت لإصلاح وابور قديم يعمل بالجاز حتى يتسنى لها إعداد الطعام لأسرتها .

وتعانى اغلب المناطق التى لم يصلها الغاز فى مصر من أزمة فىقارورة الغاز منذ ثلاثة أسابيع تقريبا . وقد اشتدت وطأة الأزمة فى اليومين الماضيين فى ظل انخفاض الكميات المطروحة من الشركة الحكومية المسئولة عن توفير وتوزيع هذه القاروراتو اهتمامها بالمناطق الراقية على حساب الإحياء الفقيرة و السكان فى الأرياف و الأقاليم , ما أدى الى ارتفاع سعر الاسطوانة بشكل مبالغ فيه , ونشوب خناقات واشتباكات بين المواطنين وبعضهم البعض , فضلا عن نشاط مافيا ساعدت على تفاقم الأزمة فى ظل غياب الرقابة الحكومية .

إيلاف قامت بجولة فى عدد من المناطق واستطلعت أراء عدد من المواطنين و المسئولين فى محاولة للوصول الى سبب الأزمة وكيفية حلها , وحملت الجولة قص وروايات درامية تكشف عن معاناة قطاع كبير من المواطنين يجدون صعوبة بالغة فى الحصول على اسطوانة تساعدهم على قضاء احتياجاتهم الضرورية , فى وقت يزيد الاستهلاك بشكل مضاعف فى فصل الشتاء عن الفصول الأخرى من العام .

كانت تجلس أمام المستودع فى حي إمبابة على قارورةفارغة, منكمشة فى نفسها تقاوم البرد ببطانية تلتف بها , فى انتظار قدوم موظفي المستودع للحصول على اسطوانة , كانت تبدو quot;عزيزةquot; وكأنها لم ترى النوم منذ أيام , اقتربت منها إيلاف وقالت أنها تقيم فى قرية ليست قريبة من هذا المكان واتت الى هنا لشراء قارورة غاز وهذا اليوم الرابع لها على التوالى , تأتى كل يوم منذ الصباح الباكر وتغادر فى المساء دون جدوى . تقول عزيزة ان سعر الأنبوبة وصل الى 30 جنية وليست موجودة . يتم بيعها فى الخفاء قبل ان تصل الى المستودعات , ويستولى عليها السماسرة والبلطجية .

كانت عزيزة واحدة ضمن مئات من المواطنين كبار وشباب ورجال ونساء يفترشون امام المستودع فى انتظار موعد فتحه حوالي الساعة التاسعة صباحا , تجمعهم تقريبا ظروف واحدة وهدف واحد , يعانون من ضيق ذات اليد ويهدفون الى الحصول علىقارورة بسعرها الرسمى 275 قرشا او يزيد قليلا ,لانهم لا يستطيعون ان يدفعوا فيها أكثر منذ ذلك , وفقا لقول احمد سعيد موظف , مضيفا ان حالته المادية لا تسمح له ان يشترىقارورة بـ 30 جنية , quot; انا موظف حكومي لا يزيد راتبي بالحوافز عن 400 جنية , وما يحدث يمثل كارثة بجميع المقاييس quot; بحسب قوله.

ويلقى سعيد باللوم على الحكومة وغياب الرقابة التموينية فى حدوث الأزمة , مشيرا الى ان الازمة تحدث كل عام فى هذا التوقيت ولم تحاول الحكومة إيجاد حلول واقعية لمنع تكرار حدوثها . quot; الحكومة تعلم جيدا ان معدلات الاستهلاك تزيد فى فصل الشتاء ولكن تواجه ذلك بنقص كبير فى المعروض حتى يأكل الناس بعضهم البعض quot; .

كان الوضع فى حى بولاق الدكرور لا يختلف كثيرا عن الوضع فى إمبابة . التقت إيلاف عبد الله السيد فى شارع ناهيا كان يدحرج قارورة بقدميه فى تجاه مستودع بالمنطقة . قال عبد الله انه يعتمد منذ أربعة أيام على شراء الطعام الجاهز من الشارع بعد ان فرغت قارورته, مشيرا الى ان الأزمة بدأت فى منتصف شهر ديسمبر بسبب انخفاض المعروض من الأنابيب وتراجع الحصص المقررة للمستودعات الى 150 أنبوبة بعد ان كانت 300 أنبوبة فى فترتي الصباح و المساء .

ولفت عبد الله ان سبب الأزمة لا يعود فقط الى انخفاض المعروض , مشيرا الى ان هناك مافيا تتفق مع المستودعات للحصول على الحصص باى مبالغ مالية مستغلين زيادة الطلب على الانبوبة فى فصل الشتاء ,ثم يبيعونها باسعار مضاعفة لمن يريد من المواطنين , وبذلك يحققون مكاسب طائلة حيث تصل سعر الانبوبة الى 40 جنية .

وأوضحت رجاء عبد العزيز ربة منزل انها اضطرت للمبيت يومين متتاليين انتظارا لوصول سيارةالقارورات ورغم ذلك حصلت فى النهاية على انبوبة بـ 20 جنيها , مشيرة الى ان غياب الرقابة ضاعف من الازمة من ناحية و ادى الى زيادة الخناقات و لاشتباكات بين المواطنين وبعضهم البعض من ناحية و البلطجية من الناحية الأخرى .

بينما ارجع المسؤولون سبب الأزمة الى انخفاض كميات الغاز الصب بسبب إغلاق الموانئ بعد السيول و الأحوال الجوية السيئة التى حدثت مؤخرا , ما ادى الى عدم دخول السفن المحملة بالغاز الصب الذى تعتمد مصر على استيراده من الخارج . وارجع السيد سلامة صاحب محطة تعبئة الأزمة الى انخفاض الاحتياطي الاستراتيجي مؤكدا ان الاحتياطي الموجود لا يكف أكثر من ايام معدودة وقد تم استنفاذه لتلبية احتياجات المستودعات , وطالب سلامة الحكومة بزيادة الخزانات وزيادة الاحتياطي ليكفى لعدة أسابيع حتى يمكن تجنب حدوث الازمة فى المستقبل .