يكثر الجدل في السعودية حول الاحتفال بعيد الحب، وأجمع العديد من رجال الدين على أن الاحتفال به محرم لما فيه من التشبه بالكفّار، ومن الناحية الاقتصادية، يمنع فيه بيع الورد الأحمر، مما سيؤثّر على إيرادات محال الزهور سلباً، بغض النظر عن الناحية الشرعية أو أسباب المنع في هذا اليوم.

الرياض: يصادف اليوم من كل عام عيد العشاق، ويحتفل العشاق حول العالم بهذا اليوم بتبادلهم الورود والهدايا وإعادة ترتيب الأوراق العاطفية في ما بينهم. إلا أن البعض ممن ترتقي أفكارهم إلى حدود فكرية معقولة ومتزنة، يعتبرون هذا اليوم يوم حب، وليس يوم عشق وغزل، بل دعوة إلى نشر الحب بين الناس بشتى أصنافهم وطبقاتهم، فالحب من وجهة نظرهم يكون بين الأزواج وبين الأب وأبنائه، وبين الأبناء وأمهم، وكذلك بين الأصدقاء، وهكذا.

والملاحظ خلال عيد الحب، هو تبادل الهدايا بشتى أنواعها، ابتداءً من بطاقات التهنئة وانتهاء بالورود التي تعتبر على مر العصور أسمى أنواع الهدايا وأسرعها مروراً إلى النفس. فيعتبر موسماً جيداً وناجحاً لمحال الهدايا والورود، نظراً إلى ازدياد الطلب على الشراء، فترتفع الأسعار وتزداد العروض، إضافة إلى تسابق وتهافت المحال على عرض سلعهم بطرق تسويقية وبأسعار متفاوتة. أما في السعودية، التي تعتبر منارة العالم الإسلامي، يكثر الجدل منذ بداية الألفية الثالثة حول هذا اليوم، وعن إشكالية الاحتفال فيه أو حتى تبادل الهدايا وشرائها خلاله. فأجمع العديد من رجال الدين على أن الاحتفال بهذا اليوم محرم شرعاً لما فيه من التشبه بالكفّار، حيث إن فالنتاين على حد قول العديد منهم إله روماني قديم، كان العشاق يعبدونه في تلك الحقبة التاريخية، وأن ذلك دخيل على الإسلام وأهله، ولا يجوز أبداً الاحتفال به.

ويلاحظ من خطب الجمعة والمحاضرات الدينية أن التحذير من الاحتفال بهذا اليوم أشد وأكثر من الاحتفال بالأعياد الأخرى، كأعياد الميلاد وعيد الأم وغيرها، حيث إنه في الإسلام لا يوجد إلا عيدين فقط، عيد الفطر وعيد الأضحى، وهما اللذان يجوز للمسلمين الاحتفال بهما فقط، وربما يضاف إليهما يوم الجمعة لكونه عيداً أسبوعياً أقل احتفالية من العيدين المذكورين. وتعكف هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (الشرطة الدينية في المملكة) على محاربة الاحتفال بهذا اليوم بشتى الوسائل، فيتم إيقاف الشباب الذين يقومون بتعليق الدبّ الأحمر في سياراتهم، أو الذين يحملون وروداً حمراء في هذا اليوم بغرض إهدائها لشخص ما، سداً للذرائع.

من الناحية الاقتصادية، يمنع في هذا اليوم أيضاً، بيع الورد الأحمر في محال الورود كافة التي تنتشر كثيراً في المدن السعودية، خصوصاً في العاصمة الرياض، التي ازدهرت فيها ثقافة شراء الورود أخيراً، من أجل إهدائه في مناسبات الزواج أو عيادة المريض، ولكنه يعتبر منعاً بشكل غير رسمي، برغم خضوعه إلى المراقبة، وسيتم مصادرة أي ورد أحمر من هذه المحال في حالة وجوده، مما سيؤثر على إيرادات هذه المحال سلباً، بغض النظر عن الناحية الشرعية أو أسباب المنع في هذا اليوم، حيث تقدر خسارة الفرصة الضائعة لسلسلة محال واحدة بشتى فروعها في الرياض أكثر من 100 ألف ريال يومياً، إذا افترضنا بيعه لـ 60 باقة ورد كمتوسط.

وتختلف آراء عامة المجتمع حول هذا الإجراء بين مؤيد ومعارض، حيث يرى البعض أن الاحتفال بهذا اليوم ليس له مبرر، وهو من العادات الدخيلة على المجتمع، ولم يعرفها مجتمعنا الإسلامي إلا في عصر الانفتاح، وعما إذا كان القصد من الاحتفال إعادة النظر في العلاقات، حتى لو كانت عائلية، فإنه من المفترض ألا يخصص لها يوم محدد في السنة، بل يجب أن يسود أيامنا كلها الحب والوئام. في المقابل، يرى البعض أن الاحتفال بهذا اليوم يعتبر أمراً طبيعياً، ولا داع لتضخيمه وإصدار الفتاوى ومنع بيع الهدايا الحمراء، فالاحتفال بهذا اليوم أمر مرغوب، برأيهم، ويجب علينا أن نأخذ الحسن من الثقافة الغربية، ونترك السيء.

وعند سؤالنا أحد الأئمة حول هذا الموضوع، أجاب أن الاحتفال بذاته حرام، ولا يجوز الاقتداء والتشبه بالكفار في أمور حياتهم كافة، لما فيها من الموالاة والمحباة لهم، مذكراً بقول الرسول (ص) quot;من تشبه بقوم فهو منهمquot;، وعيد الحب أحد هذه الأمور التي يتشبه بها المسلمون بالكفار. وأضاف إنه حري بالمسلم أن يجعل أيامه كلها حب ووئام مع أهله وأصدقائه، وألا يخصص لها يوماً محدداً يتبادل فيه الهدايا معهم. وحول قرار منع بيع الهدايا في هذا اليوم، فيرى أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تقوم بجهد عظيم في سد الذرائع وكبت الفتن، وأن مثل هذا القرار يعتبر إيجابياً من ناحية المجتمع، وإن أثّر سلباً على الناحية الاقتصادية، quot;فالرزق على اللهquot;.