صرف الألمان العام الماضي فقط من أجل شراء الخمور أكثر من 60 مليار يورو، رغم رفع الحكومة الضريبة الإضافية عليها. وتصل تكاليف معالجة المدمنين على الخمر في ألمانيا تصل إلى مليارات اليوروهات، وتعمل الحكومة على وضع برامج للتقليل من الإدمان في صفوف الشباب الذين يعتبرون قوة العمل المستقبلية.

برلين: الحملات الدعائية ضد الكحول أخذت منحى جديداً في ألمانيا، بعدما وصلت إلى درجة أن الشباب والشابات أصبحوا على استعداد للسرقة أو المتاجرة بأنفسهم من أجل الحصول على المال لشراء الكحول المرتفع الثمن، بعد رفع الحكومة الضرائب عليه.

والجديد الآن هو ما يسمّى بحفلات quot;الفايس بوكquot;، وهي دعوة عبر موقع الفايس بوك للتواصل الاجتماعي إلى شرب الخمر من دون حدود تقام نهاية الأسبوع، حيث يتجمع عشرات الشباب في مكان يتم الاتفاق عليه. ويصل معدل ما يصرف في هذه الحفلة إلى حوالي 500 يورو، وهو أقل مبلغ من أجل شراء الكحول وشربه حتى الساعات الأولى من الصباح، ويؤدي الإفراط في مقارعة الخمر إلى دخول بعض الشباب في حالة غيبوبة، تسبب الوفاة في الكثير من الأحيان، ما جعل أيضاً الميزانية المخصصة للطبابة والعلاج تتخطى الحد الذي عرفته ألمانيا في السنوات العشر الماضية.

وتشير بيانات وزارة الصحة الاتحادية إلى وجود 2.7 مليون شخص في ألمانيا مدمن على الخمر، ويصل ثمن ما يشتريه المدمن من كحول إلى مائة يورو أسبوعياً، وهذا يفوق قدرة الشخص المتوسط الحال اقتصادياً. وتصل نسبة الكحول الصافي التي تشربها المرأة المدمنة يومياً إلى 20 غرام، والرجل إلى 40 غرام، وهناك حوالي 40 ألف منهم يموت قبل بلوغ سن الستين، بسبب الأمراض الخطرة كتلف الكبد.

والمشكلة الكبرى تكمن في أن مليون ونصف مليون يعاني أمراضاً نفسية، بسبب إدمان شخص يعيش معهم في البيت نفسه، فيلجأون إلى المعالجة الطبية والنفسية، التي تكلف صندوق الطبابة سنوياً أكثر من نصف مليار يورو.

ويصل عدد الذين يشربون الخمر دون أن يكونوا مدمنين عليها إلى 9.5 مليون شخص، لكنهم قد يصبحون مدمنين، ومن بينهم صغار

في السن. ودل آخر إحصاء على أن ألمانيا، التي كانت قبل خمسة أعوام في المرتبة الثالثة من حيث كمية استهلاك الفرد للكحول فيها، تتربع الآن على المرتبة الأولى، إذ إن استهلاك الفرد سنوياً خلال المناسبات العادية، وليس بسبب إدمانه، يصل حالياً إلى أكثر من عشرة ليترات من الكحول على أنواعها من البيرة وحتى الويسكي، ما يعني أنه يصرف لهذا اللهو البريء أكثر من مائة وخمسين يورو تقريباً.

واعتماداً على بيانات مكتب حماية المستهلك في برلين، فإن المدمنين على الخمر يستهلكون 60% مما ينتج من الكحول في ألمانيا، ما جعل نسبة المتعاطين للخمر تصل إلى أعلى نسبة مقارنة مع بداية القرن العشرين. فحتى نهاية القرن الماضي، كان يصدر إلى الخارج حوالي 35 % من الخمور الألمانية، خاصة البيرة والنبيذ، تصل قيمة الإيرادات إلى أكثر من عشرين مليار يورو.

ففي الفترة ما بين الحربين العالميتن الأولى والثانية، كانت نسبة استهلاك الخمر في ألمانيا متدنية، بسبب تدني إنتاجها، وعدم قدرة الفرد على شرائه بسبب الوضع الاقتصادي، لكن مع حلول عام 1950، أي بعد انتهاء الحرب، بدأ الاستهلاك بالارتفاع تدريجياً، حتى وصلت نسبة استهلاك الفرد من الكحول سنوياً إلى 3.2 ليتر، وتواصل الارتفاع حتى عام 1980، ليتخطى الـ 12.9 ليتر.

ويرجع السبب إلى ازدهار الاقتصاد الألماني، وكثرة الاحتفالات لتوافر الأموال، ومنذ ذلك التاريخ واستهلاك الكحول في ارتفاع متواصل. والأرقام التي تحملها سنوياً دائرة حماية المستهلك مخيفة، إذ إن تكاليف الإدمان بشكل عام تصل سنوياً إلى 40 مليار يورو، لأن الأمر لا يتعلق فقط بمعالجة المدمنين في المستشفيات أو المصحات، بل أيضاً في ما يسببه المدمن من خسائر للاقتصاد، منها الحوادث التي يتعرض لها خلال العمل، وعدم التركيز، وتسببه لحوادث، واضطرار رب العمل إلى إحالته إلى التقاعد المبكر، لعدم قدرته عن متابعة إتمام واجباته.

وقد صرف الألمان عام 2009 وحده من أجل شراء الخمور أكثر من 60 مليار يورو، رغم رفع الحكومة الضريبة الإضافية عليها.