تواصل الاعتصامات والتظاهرات المطالبة بتغيير النظام في مصر وتحسين الوضع المعيشي

أدّى الحصاد المرّ الذي يتكبده الشعب المصري، الثائر الثاني على الأوضاع المعيشية المتردية،واضطراب الأوضاع الأمنية فيالبلاد إلىتفشي أزمة غذاء، واختفاء منتجات على مدار الأسبوعين الماضيين. quot;إيلافquot; رصدت في هذا التحقيق هذه الحالة في مناطق عدة من القاهرة الكبرى، سواء كانت مناطق شعبية أو راقية.


القاهرة: شهدت منطقة quot;إمبابةquot; الشعبية ارتفاعاً ملحوظاً في الأسعار، بعد تصاعد المظاهرات في مصر وتطبيق حظر التجول الذي جعل المواطنين يلجأون إلى شراء السلع بشكل كثيف، الأمر الذي تسبب في حدوث تكالب على السلع واستغلال أصحاب المحال والمتاجر للفرصة، وقاموا برفع الأسعار إلى أن وصلت إلى الضعف في معظمها.

حيث ارتفعت أسعار بطاقات شحن الموبايل إلى الضعف، وكذلك أسعار الخبز السياحي، الذي لم يعد موجوداً بعد الساعة الخامسة مساءً، نظراً إلى شراء المواطنين معظمه، بالرغم من بيع الـ3 أرغفة بجنيه. يذكر أن الأسعار لم ترتفع سوى في السلع الغذائية فقط، بالرغم من كون quot;إمبابةquot; منطقة شعبية، وعليه لا ترتفع الأسعار إلا في بعض السلع القليلة بالتوازي مع ارتفاعها في باقي المناطق، ولكن الأسعار تخطت المتوقع، وسجلت أعلى نسبة على الإطلاق بعد تضاعفها في غالبيتها، التي يعتمد عليها المواطنون بشكل أساسي.

الأمر الأخطر من ارتفاع الأسعار هو إغلاق المحال التجارية لأجل غير مسمى خوفاً من السرقة والنهب وتنفيذاً لقرار حظر التجول، مما أعطى الفرصة للمحال الأخرى في السيطرة على الأسعار واحتكار بعض السلع، التى يتزايد أسعارها باستمرار. تجدر الإشارة إلى ارتفاع بعض السلع المهمة، التى تتداول يومياً لأكثر من مرة، مثل الأغذية والخبز وبطاقات شحن الهاتف المحمول، وكذلك السكر وبعض السلع الأساسية.

يشار كذلك إلى أن ارتفاع الأسعار يزداد في منطقة إمبابة بشكل متوازي مع تصاعد حدة المظاهرات والتضييق الأمني من خلال حظر التجول، إضافة إلى اختفاء البنزين والبوتاغاز، الأمر الذي سيتسبب في حدوث أزمة جديدة يصعب السيطرة عليها، خصوصاً في ظل حصول بعض الأشخاص على غالبية السلع والأشياء المهمة، مما أدى إلى تأثر السوق واندفاع المواطنين إلى شراء السلع بأي ثمن خوفاً من عدم وجودها مرة أخرى.

بولاق الدكرور: السلع الغذائية تختفي
سيطرت حالة من القلق على المواطنين في منطقة بولاق الدكرور، بعد تردد أقاويل حول قيام بعض quot;البلطجيةquot; والمسجلين خطر بمهاجمة المكليات الخاصة ونهبها، وخاصة أصحاب المحال منهم، الأمر الذي دفعهم إلى إغلاق محالهم والتفرغ لحمايتها فقط، ما أدى إلى وجود أزمة فى الوصول إلى السلع الغذائية واختفاء بعضها، وارتفاع أسعار السلع المتوافرة لأرقام مبالغ فيها تفوق قدرة المواطنين الشرائية، بالرغم من تمتع هذه المنطقة بوجود أكثر من سوق تجارية للمواد الغذائية، إلا أنه أصبحت فارغة يجوبها المواطنين يميناً ويساراً دون أن يجدون ما يحتاجونه من أغذية.

إلا أن معظمهم لا يستطيع العودة إلى المنزل فارغ اليدين لوجود أطفال فى المنزل، إضافة إلى ارتفاع أسعار الخبز وعدم توافره بالشكل الذى يلبي احتياجات المواطنين، بالرغم من انتشار المخابز laquo;السياحيةraquo; التي لا تعتمد على الدقيق المدعم، إلا أن معظمها قرر أن يغلق أبوابه تحسباً لتعرضه إلى أي أخطار أو خسائر مالية، الأمر الذي أدى إلى إغلاق الكثير من المطاعم التي تعتمد على الخبز بصفة أساسية، إضافة إلى ارتفاع أسعار كل أنواع السلع بشكل مبالغ فيه، أدى إلى استيلاء المواطنين وسخطهم الشديد على النظام الحاكم لعدم استجابته لمطالب الشعب وتوفير حياة كريمة لهم. وردد المواطنون مقولة واحدة laquo;الجوع ضريبة التغييرraquo;، ودعوا إلى التقليص من احتياجاتهم بقدر المستطاع حتى تنفرج الأزمة ويتم تغيير النظام بشكل كامل.

كما لجأ العديد منهم إلى مغادرة المنطقة متوجهين إلى محافظاتهم الأصلية، خاصة أن معظم سكان هذه المنطقة من محافظات الصعيد أو الاستغاثة بأقاربهم في هذه المحافظات ومطالبتهم بإرسال بعض السلع الغذائية المتوافرة لديهم في القرى الريفية إليهم لمواصلة حياتهم بشكل طبيعي داخل القاهرة الكبرى، ناهيك عن هذا كله خوفهم الشديد من انقطاع المياه عبر تسرب أنباء تضمن ذلك، فقاموا باتخاذ احتياطاتهم وملئ ما يستطيعون ملئه حتى الأكواب الزجاجية والزجاجات البلاستيكية.

الهرم: الوضع كارثي بسبب اعتكاف المخابز
عانت منطقة الهرم اضطراباً شديداً خلال الأيام القليلة الماضية، وبالتحديد منذ الثورة التي اشتعلت يوم الجمعة الماضي، والذي عرف laquo;بجمعة الغضبraquo;، حيث اختفت العديد من السلع الغذائية نتيجة إغلاق العديد من المحال التجارية وإحجام الكثير من التجار عن عمليات البيع والشراء، خاصة بعد السيطرة عليهم فور قيام العديد من البلطجية والمسجلين خطر بمداهمة العديد من المراكز التجارية الكبرى.

إضافة إلى تكالب المواطنين على شراء المزيد من السلع الغذائية وقت نشوب المظاهرات فى كل أرجاء الجمهورية تحسباً لإجراءات الأمن المشددة وفرض حظر التجول اعتباراً من الرابعة عصراً حتى الثامنة صباحاً الأمر الذي تسبب في نفاد العديد من السلع وارتفاع أسعار بعضها الآخر نتيجة جشع واستغلال التجار للمواطنين في هذه الأزمة.

كما وصلت أسعار السلع إلى أرقام مبالغ فيها، حيث ارتفع سعر الكثير من السلع الأساسية إلى خمس أضعاف سعرها الحقيقي، فوصل سعر رغيف الخبز المدعم فيها إلى 50 قرش، في حين أن سعره الأساسي خمسة قروش، وهذا نتيجة إغلاق العديد من المخابز المدعمة وكذلك المخابز السياحية التي لا يصرف لها دقيق مدعم، إضافة إلى تأثير فرض حظر التجول على وقت عمل المخابز، حيث كان يعمل بعضها فى فترات مسائية، وأخرى تعمل 24 ساعة، أصبحت لا تعمل على الإطلاق نتيجة عدم وصول الخبز المدعم لها.

كذلك فإن سعر كيلو الطماطم (البندورة) وصل إلى أكثر من خمس جنيهات، إلى جانب تردد المجمعات الاستهلاكية في فتح أبوابها للجمهور، وخلو بعضها من الكثير من السلع نتيجة التزام العديد من موظفيها لمنازلهم ورفضهم النزول إلى الشارع لخوفهم مما قد يحدث لهم، وخاصة خلال أوقات فرض حظر التجول. كما تسبب إغلاق أصحاب المحال التجارية الخاصة خوفاً عليها من أن تصل إليها أعمال التخريب والنهب على عدم وجود إمكانية للوصول إلى الكثير من السلع التي لا تعرضها المجمعات الاستهلاكية للمواطنين، مما أدى إلى زيادة حدة الأزمة الغذائية.

المعادي: نهب laquo;كارفورraquo; وlaquo;أركيدياraquo; قلّص السلع
بدورها، شهدت منطقة المعادي العديد من التجمعات البشرية أمام المخابز بحثاً عن رغيف الخبز الذي أصبح من الصعب الحصول عليه بعد تقلص عدد المخابز العاملة، في ظل ما تمر به مصر من أزمة وتظاهر الآلاف من المواطنين احتجاجاً على quot;النظام المصري الفاسدquot;، على حد تعبيرهم، وهذا نتج من صعوبة وصول الدقيق المدعم إلى المخابز بعد منح كل الأجهزة الحكومية إجازة مفتوحة إلى أجل غير مسمى.

وبالرغم من كل ما يحدث داخل مصر وتصاعد الأزمة بين الشعب والحكومة وصدور قرار من الرئيس مبارك بحظر تجول المواطنين في ساعات تم تحديدها من الثالثة مساءً حتى الثامنة صباحاً، إلا أن أصحاب المحال الخاصة اللذين يتمتعون بمستوى معيشة متواضع، قاموا بالمخاطرة بفتح محالهم أملاً في تحقيق مكاسب نتيجة بيعهم كميات كبيرة من السلع للإقبال الشديد عليها.

بينما رفض البعض الآخر المخاطرة بحياتهم وأموالهم، واكتفوا بحراسة محالهم من الخارج بالوقوف أمامها بالأسلحة لحمايتها من السلب أو التخريب، إضافة إلى مخالفة العديد من المجمعات الاستهلاكية الحكومية لقرار وزير التضامن، بتوفير كل السلع الغذائية، الأمر الذي دفع جميع المواطنين إلى شراء كميات كبيرة من السلع أثناء ساعات عدم تطبيق حظر التجول، مما أدى إلى خلو الأسواق من العديد من السلع.

هذا إلى جانب وجود أزمة حادة من أسطوانات الغاز التي لم تعد موجودة في المستودعات، نتيجة صعوبة وصولها إليها، الأمر الذي تسبب في غضب المواطنين، كما ظهر أثر أعمال التخريب الذي شهدتها المحافظة وتحطيم الكثير من المحال التجارية الكبرى التي تساعد المواطنين في الوصول إلى كل أنواع السلع الأساسية التي يحتاجونها بشكل سلبي في الحصول على السلع الغذائية نتيجة فقد هذه المحال وما كانت تستوعبه من سلع، مثل laquo;كارفورraquo; وquot;أركيدياquot; والعديد من المحال الصغيرة التي تعرضت لأعمال النهب.

الدقّي والمهندسين: الأثرياء يقبلون بشراهة
إلى ذلك، سارع أهالي منطقة الدقي والمهندسين على حد سواء إلى شراء كميات كبيرة جداً من الأغذية من المحال التجارية الكبرى، حيث توجه معظمهم إلى laquo;خير زمانraquo; الذي أصبح فارغاً بعد توافد العديد من المواطنين عليه لشراء ما يكفيهم أيامًا عدة بشكل غير مسبوق، خاصة أن هذه المحال تتمتع بأسعار ثابتة.

إلا أنهم يعانون عدم وجود عدد كافي من المخابز المدعمة أو السياحية واختفاء تجار الخبز الذين كانوا يتسببون لهم بالكثير من المتاعب في الحصول على رغيف الخبز، خاصة بعد إغلاق مخابز العيش laquo;الفينوraquo;، إضافة إلى إغلاق باقي السوبر ماركت منذ تصاعد حدة المظاهرات في quot;جمعة الغضبquot;، بعد نفاد كل ما يوجد فيها من منتجات وخاصة laquo;السجائرraquo; التي لم تعد موجودة في أي سوبر ماركت أو كشك يقوم ببيعها، مما قد يؤدي إلى ظهور سوق سوداء لهذه السلع بعد أيام عدة.

المثير للدهشة أن أسعار المستلزمات التي تستخدمها ربّات المنازل للحفاظ على نظافة أطفالهم شهدت ارتفاعاً مبالغًا في أسعارها أيضًا، حيث وصل سعر علبة laquo;البامبرزraquo; ذات الحجم الصغير إلى 30 جنيهاً، ولم تسلم المياه المعدنية من ارتفاع الأسعار، إذ وصل سعر الزجاجة الواحدة إلى 7 جنيهات، كما ارتفع سعر المسلّيات، مثل البندق وعين الجمل واللوز والخروب والكاچو وتضاعفت أسعارها.

كما تضاعف سعر بطاقات شحن الهاتف الخلوي نتيجة عدم وجود كميات كافية منها، وإغلاق الكثير من مراكز الاتصال التي تقوم ببيعها، وارتفعت أسعار المنظفات المنزلية بأنواعها كافة، وطرأ ارتفاع غير مسبوق في أسعار اللحوم التي لم تعد موجودة نتيجة إغلاق كل المجازر في هذه المنطقة، والاعتماد على اللحوم المجمدة التي ارتفعت أسعارها بشكل نسبي، إضافة إلى ارتفاع البقوليات بشتى أنواعها في كل المناطق لاعتماد المواطنين عليها بعد نشوب أزمة كبيرة في توفير الخبز.