خسر مؤشر سوق المال في الكويت ثلاثة في المئة من قيمته متأثرًا بالأحداث السياسيّة التي تمر بها الإمارة. إيلاف استفتت خبراء ومتخصصين حول سبل لجم مسلسل التراجعات، فطالب بعضهم بتدخل هيئة أسواق المال لايقاف التداولات، وربط البعض الآخر مستقبل السوق بما تشهده الكويت سياسياً.


الكويت: ألقت الأحداث السياسية الأخيرة على الساحة الكويتية بظلال سلبية على سوق الكويت للأوراق المالية ليشهد يوم الأحد أسوأ جلساته منذ بداية عام 2012. وانخفض مؤشر السوق 180 نقطة بسبب عمليات البيع العشوائية، جرّاء قلق المستثمرين من تصاعد التوترات السياسية المحلية بعد خطاب أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد.

quot;إيلافquot; استطلعت آراء خبراء ومتخصصين بشؤون البورصة بشأن وضع السوق بعد الأحداث السياسية، حيث أكدوا أن التداولات أعادت إلى الأذهان التراجعات الشديدة التي شهدتها السوق خلال الأزمة في 2009، وهو الأمر الذي أدى إلى بلوغ نحو 58 سهماً، الحد الأدنى من التداول، أي نحو ربع الشركات المدرجة في السوق، موضحين أن الشراء كان ضعيفاً مقابل البيع الشديد الذي شهدته التداولات بسبب هلع المستثمرين وخوفهم من حدوث انخفاضات جديدة للأسهم التي يمتلكونها مما دفعهم إلى التخلص منها. وأشاروا إلى قيام بعض مديري المحافظ والصناديق الاستثمارية بالتركيز على عمليات جني الأرباح السريعة للاستفادة من تدني المستويات السعرية للعديد من الأسهم، مبينين أن هذا التراجع سببه الأساسي هو توتر المشهد السياسي المحلي، والتوقف الكامل لملف مشاريع التنمية بالإضافة الى زيادة توقعات بوجود تعثرات جديدة للشركات، خاصة مع قيام وزارة التجارة والصناعة بشطب عدد من الشركات من سجلاتها التجارية، من ضمنها شركات مدرجة في السوق.

ولفتوا إلى أن السوق عادة ما يكون أداؤها سلبياً خلال الأسبوع الذي يسبق إجازات الأعياد والمواسم، لكنّ أداءها هذا العام فاق جميع التوقعات، وذلك عائد إلى الأسباب السابقة.

أداء مفتعل
يقول مدير عام شركة الرباعية للوساطة المالية احمد الدويسان لـ إيلاف إن السوق شهدت الأحد تراجعات quot;مفتعلةquot; تجاوباً مع الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد، وذلك quot;بسبب استغلال البعض لهذه الأحداث لمصالحهم الخاصةquot;، لافتاً إلى quot;قيام بعض مديري المحافظ والصناديق الاستثمارية بالتركيز على عمليات جني الأرباح السريعة للاستفادة من تدني المستويات السعرية للأسهمquot;.

ويؤكد الدويسان أن الوضع الحالي يحتاج إلى تطبيق المادة 44 من قانون هيئة أسواق المال التي تنص على أنه في حالات الكوارث والأزمات والاضطرابات التي يمكن أن تخلق آثاراً بالغة الضرر في السوق وكذلك في حالة ممارسة بعض المتداولين إيحاءات أو إشارات مضللة، فللهيئة quot;أوسع الصلاحيات بإصدار التعليمات التي تهدف إلى استعادة العدالة والشفافية والكفاءة للسوق ولها على وجه الخصوص اتخاذ أي من التدابير الآتية: إيقاف التداول في البورصة، أو أي ورقة مالية مدرجة لفترة زمنية موقتة وإلغاء التداول لفترة زمنية محددة أو إلغاء الصفقات على سهم معين، وإصدار قرارات لتصفية كل الأرصدة أو جزء منها أو تخفيضها، وتعديل أيام وساعات التداول وتعديل أو إيقاف أي من قواعد البورصةquot;.

تطورات سياسية
من جانبه، يقول المحلل المالي والاقتصادي عدنان الدليمي إنّ الخوف من تطور الأحداث السياسية إلى الأسوأ دفع quot;بالسوق إلى تحقيق تراجع تاريخي قد يتكرر خلال الأيام القادمة مع وقوع أحداث أخرىquot;، لافتاً إلى أن quot;التراجعات طالت جميع الأسهم سواء القيادية أو الصغيرة، حيث انهارت الأخيرة ووصلت حدود البيع الدنيا خوفًا من تصاعد الأوضاع السياسية مما انعكس على السوق التي شهدت سقوطًا هو الأقوى منذ 2009quot;.

يوضح الدليمي أن الضغط على الأسهم كان متعمدًا لدفع المتداولين للتصرف بأسهمهم، وهو ما زاد من الخسائر حيث طالت التراجعات معظم الأسهم التي وصل بعضها إلى الحد الأدنى كما ظهر قطاع البنوك في غير مستوياته السابقة نظرًا إلى سلوك المضاربة الذي يمارسه بعض المستثمرين.

ويطالب الدليمي بضرورة تدخل هيئة أسواق المال لإيقاف التداولات وفقًا للمادة 44 من قانون هيئة أسواق المال، وذلك لحماية أموال المتداولين من الخسارة، خاصة أن التراجعات بلغت أعلى مستوى منذ تطبيق قانون رقم 7 لسنة 2010.

مستقبل مجهول
ويقول مدير تداول في شركة كفيك للوساطة المالية محمد اشكناني إن مستقبل السوق ضبابي quot;ويتوقف على ما ستشهده الكويت سياسيًا خلال المرحلة المقبلة، وذلك لأن البورصة الآن تتحرك سياسيًا وليس فنيًاquot;، مضيفاً أن السوق غاب عنها وجود الدعم من المحفظة الوطنية وصناع السوق منذ بداية الجلسة، مما أدى إلى تعاظم عمليات البيع العشوائي.

ويبين اشكناني أن التراجع في البورصة كان متوقعًا خلال جلسة الأحد بسبب تشاؤم المستثمرين قبل بداية الجلسة، حيث quot;شهدت السوق عمليات بيع قوية نتيجة الهلع الذي أصاب المتداولين، خاصة مع ما تردد عن استقالة انس الصالح وزير التجارة والصناعة، وهو خبر ترك أثرًا سلبيًا على نفوس المتداولين في السوق، تضاف إليه سيطرة الشائعات والخوف من إمكانية حدوث اعتصامات أو تصادم بين الأمن والمتظاهرينquot;.