يكثر الإنفاق في البلدان العربية استعدادًا لاستقبال رأس السنة تلك الليلة الطويلة التي يحييها كل على طريقته مكاناً وطقوسًا وإمكانيات، في لبنان أو المغرب أو فلسطين المرتبات قد لا تكفي لإحياء سهرة quot;5 نجومquot; إلا أن إغراء بطاقات الائتمان يغرق المواطن في مستنقع الديون.


.

إعداد ريما زهار، أيمن بن التهامي، عنان الناصر: في موسم الأعياد مع نهاية العام، تكثر المغريات من سهرات عامرة بالمطربين والمطربات، ومن سبل إنفاق أخرى، ومتى استسلم لها المرء بذر، فصار في وضع لا يحسد عليه، في ظل غلاء معيشة وارتفاع كبير في أسعار بطاقات حجز الحفلات في المطاعم والملاهي، وما يزيد الطين بلة الاعتماد على بطاقات الائتمان، التي تشدّ الدائن أكثر إلى رمالها المتحركة، فيغرق في ديون لا قعر لها.

وتكثر مع نهاية العام احتفالات أعياد الميلاد والسهرات، حيث تنتشر الحفلات هنا وهناك ضمن مغريات لا حصر لها في المطاعم والمقاهي والمراكز، التي باتت تقدم أسعاراً وعروضاً مغرية في سبيل جذب الزبائن.

تخفيضات لجذب الزبائن في المغرب

خلال جولة لـquot;إيلافquot; في بعض المتاجر الراقية في العاصمة الاقتصادية للمغرب quot;الدار البيضاءquot;، أكد أصحاب محال أن وتيرة البيع تراجعت، مقارنة مع السنة الماضية، مشيرين إلى أن عددًا من الماركات العالمية قامت باعتماد تخفيضات كبيرة لتشجيع الزبائن على اقتناء الهدايا في هذه المناسبة.

وذكرت رشيدة تاج الدين، بائعة في محل للألبسة النسائية، أن معدلات اقتناء الهدايا والملابس ما زالت بطيئة، متوقعة ارتفاع وتيرتها مع قرب رأس السنة الميلادية، وبعد صرف رواتب الموظفين.

رغم حالة الإنهاك التي تعانيها جيوب الموظفين المغاربة، بسبب توالي المناسبات، إلا أن البعض يصرّ على توفير قيمة الهدية التي سيقدمها إلى زوجته أو خطيبته أو أحد أقربائه في موسم الأعياد.

التقنين منعاً للانهيار المالي في فلسطين

ضمن لقاءات أجرتها quot;إيلافquot; مع مواطنين وموظفين في فلسطين، أكد عدد كبير منهم أن الأزمة المالية تلقي بظلالها على حياتهم المعيشية، حيث باتوا يقلّصون من مصروفاتهم لتوفير السلع الأساسية والبقاء على الوضع الراهن كي لا تتدهور الأمور أكثر.

وقالت المواطنة، آمال الترتير: إن quot;المجتمع الفلسطيني يعاني ضائقة مادية كبيرة جدًا، حيث أصبح كثيرون بالكاد يتدبرون لقمة العيش، فكيف لهم التصرف وقضاء سهرات أعياد الميلاد، وفي المقابل من يملك الأموال الكثيرة ربما يتوجّه إلى السهر في هذه الأعياد ضمن العروض المغرية التي تقدمها الفنادق والمطاعمquot;.

تخفيف الميزانية للتأقلم مع المدخول.. والإفلاس شبح مستبعد

تقول رولا من لبنان إنها اشترت الكثير من الهدايا خلال الأعياد، وقد صرفت ضعف معاشها، من دون أن تنسى ذكر حفلة رأس السنة، التي ستكلفها وحدها أكثر من 200 دولار، في وقت لا تتجاوز المرتبات في لبنان الـ500 دولار كحد وسطي.

الخبير الاقتصادي اللبناني لويس حبيقة يشير في حديثه لـquot;إيلافquot; إلى أن الإفلاس غير مطروح اليوم خلال الأعياد حتى بالنسبة إلى الشخص العادي. أما هل يستطيع اللبناني اليوم جلب الهدايا عينها التي كان يجلبها سابقًا؟، فربما يكون الجواب لا، غير أن اللبناني يتأقلم بسرعة ويخفف ميزانية الأعياد، ويقدم الهدايا حسب مقدرته.

في فلسطين: الصغار أولاً

إلى ذلك، أكد الخبير الاقتصادي الفلسطيني الدكتور طارق الحاج في تصريح خاص لـquot;إيلافquot; أن البعض يقوم بالإدخار والتوفير لهذه المناسبات، ويعتمد على تجهيز الاحتياجات الأساسية للأعياد وتحضير ملابس الأطفال على حساب احتياجات الكبار وعمليات الترفيهquot;.

وأشار إلى أن ميسوري الحال يتوجّهون إلى حضور الاحتفالات والسهرات التي تنظمها الفنادق والمطاعم، فيما تقتصر احتفالات الأكثرية منهم على احتفالات متواضعة في البيوت.

وبيّن أن الاحتفال والإنفاق يكونان على حساب الإدخار والاستثمار، وأن أبرز مظاهر الاحتفالات تقتصر على شراء حاجيات العيد وملابس الأطفال.

الإفراط ليس في المتناول... والمباهاة صفة عربية

ما هي الخطوات التي تلجم المرء عن الإفراط في الإنفاق؟. يرى الخبير حبيقة أن الإفراط غير وارد في لبنان، حيث لا تتوافر القدرة على ذلك.

في حين يشير الخبير طارق الحاج، إلى أن العقلية العربية عموماً، وعقلية النساء على وجه الخصوص، تتمثل في التباهي والتفاخر، حيث تسعى المرأة العربية إلى التباهي بنفسها أو من خلال أبنائها عبر ملابسهم، حتى لو دفعها ذلك إلى قيام زوجها بالاستدانة والاقتراض، وهذه حالات نادرة في فلسطين.

وأكد أن الشعب الفلسطيني عموماً بات يعتمد على سياسة ترتيب الأولويات، وأضاف أن quot;من يقع في براثن الديون فإنه يخرج من دين ليقع في دين، وهذا يعمق المشكلة الحاصلة، ويصعب عليه التعافيquot;.

المديونون شفاؤهم مستعص

يرى الخبير لويس حبيقة أنه يجب أن يكون للشخص دخل عال وتوقعات إيجابية لكي يتعافى، وهي غير موجودة عند الاكثرية الساحقة.

كما أكد طارق الحاج على صعوبة تعافي الغارقين بويلات التبذير والإنفاق بسرعة، وذلك لأن الكثير يعتمدون على الرواتب، وهي بالكاد تكفي الاحتياجات الأسرية.

التسوق الإلكتروني

عن التسوق الالكتروني، الذي يعتبر من اكبر مسارب الانفاق في هذه الفترة، يرى الخبير اللبناني لويس حبيقة ان التسوق الالكتروني غير متطور فعلياً في لبنان، ولا يزال اللبنانيون يحبون التسوق في الاسواق، والتسوق الالكتروني قد نشهده اكثر في الدول الكبرى ذات المساحات الكبيرة.

لكن الخبير طارق الحاج أكد أن الشركات الكبرى في فلسطين تقوم بطرح العديد من العروض التشجيعية، وأن البيع الإلكتروني يعدّ فرصة للإغراء بالشراء، رغم عدم توافره بكثرة في فلسطين.

السحوبات والتسهيلات البنكية

أكدت مصادر خاصة في المصارف الفلسطينية لـquot;إيلافquot; أن الواقع الفلسطيني يعدّ صعباً في الوقت الراهن، وأن أزمة الرواتب المنعكسة عن الأزمة الاقتصادية التي تعيشها السلطة الفلسطينية حاليًا قد دفعت بالبنوك إلى تشديد عملية التسهيلات البنكية.

وأوضحت هذه المصادر أن عمليات الاستدانة والاستقراض من البنوك تكون أساسًا لسلع أساسية وأغراض بيتية، بحيث تكون مرهونة للبنوك حتى يتم استيفاء ثمنها.

في المقابل قال أحد المصرفيين المغاربة إن quot;الحركة تبقى عادية داخل المؤسسات البنكية، باستثناء تزايد معدلات سحب الأموال لاقتناء الهداياquot;، كما أوضح في تصريح لـquot;إيلافquot; أن مؤسسات القروض تعدّ هي الملاذ الأنسب للحصول على أموال إضافية تمكنهم من تنفيذ برنامجهم الإحتفاليquot;.

وأضاف أن موسم الإحتفال برأس السنة يسجّل بعض الإرتباك في العمل، بسبب عمليات السحب التي تكون بوتيرة مرتفعة، مقارنة مع باقي أشهر السنة.

وهو ما أكدته نائبة مدير أحد المصارف في لبنان، التي أشارت إلى أن السحوبات كبيرة quot;من المؤونة المخبأة لليوم الأسودquot; ndash;كما يقول المثل- ما يظهر أن الأشخاص يسحبون من رأس المال لتلبية إحتياجاتهم خلال فترة الأعياد