رغم نجاح الثورات التي شهدها العالم العربي على مدار العام الماضي في إسقاط نظام الرئيس المصري حسني مبارك، وثلاثة آخرين من القادة، بالاتساق مع ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، إلا أن تلك المشكلة قد تدهورت وتزايدت حدتها منذ ذلك الحين.


القاهرة: المتابع للأوضاع الاقتصادية، يدرك حقيقة تفاقم أزمة البطالة، خاصة وأن تقديرات تشير إلى أن حوالى مليون مصري فقدوا وظائفهم خلال عام 2011 مع تعرض الاقتصاد المحلي لحالة من الانكماش هي الأولى منذ عقود. كما ارتفعت البطالة في تونس بنسبة تزيد عن 18 %، وفقاً لما ذكره البنك المركزي هناك. فيما سبق لبيانات خاصة بصندوق النقد الدولي، أن قالت إن تلك النسبة كانت 13 % خلال 2010.


وهو الأمر الذي علقت عليه وكالة بلومبيرغ للبيانات المالية والأخبار الاقتصادية على شبكة الإنترنت بنقلها عن مواطن ليبي يدعى أمير محمد، يعمل حلاقاً، ويبلغ من العمر 30 عاماً، وكان يتواجد في مصر بحثاً عن فرصة عمل لكن دون جدوى، قوله :quot; أحاول أن أحظى بوجود لي في بلادي، لكني غير قادر على تحقيق ذلك. فليس هناك عمل. وهو ما يجعلني أتساءل لماذا قمنا بثورة ؟ فنحن كنا بحاجة إلى مستوى معيشي أفضل وحرية وعدالة اجتماعية. لكننا، وبدلاً من بذلك، لم نجد سوى المعاناةquot;.


وفي التقرير المطول الذي أعدته الوكالة بهذا الخصوص تحت عنوان quot;الربيع العربي يتحول إلى شتاء اقتصادي نتيجة لتزايد البطالةquot;، أكدت أن إيجاد وظائف لأشخاص مثل أمير محمد سيكون التحدي الأكبر الذي ستواجهه الحكومات المنتخبة حديثاً، وهو ما جاء ليسلط الضوء على الصدع القائم بين ارتفاع سقف التوقعات التي أطلقتها الثورات وبين حقيقة الاقتصاديات التي تصارع من أجل الهروب من الركود.


وأعقبت الوكالة بتحذيرها من أن الإخفاق في أمر كهذا يهدد بنشوب موجة أخرى من الفوضى في منطقة تمتلك أكثر من نصف احتياطات العالم من النفط. ونقلت هنا عن رضا أغا، كبير الاقتصاديين في مجموعة بنك رويال بنك أوف سكوتلاند التي يوجد مقرها في لندن، قوله :quot; يقترن ظهور الديمقراطية بالآمال المرتفعة. والتوقعات الحالية تتحدث عن أن الحكومات الجديدة ستجلب الرخاء، لكن الحقيقة غير ذلكquot;.


ثم نوهت الوكالة بانكماش النتاج المحلي الإجمالي لتونس بنسبة 1.8 % خلال العام الماضي، وخفض الحكومة هناك هذا الشهر لتوقعاتها الخاصة بالنمو بالنسبة لعام 2012 بنسبة تتراوح ما بين 1 إلى 3.5 %. كما انكمش الاقتصاد المصري بنسبة 0.8 % خلال عام 2011. كما دفعت الحكومة ما يقرب من 16 % على اقتراض مدته عام بالجنيه المصري، بعد أن كانت تلك النسبة أقل من 11 % في نهاية 2010.


وبحسب بيانات خاصة بالوكالة، فقد نشرت العام الماضي شركة موبينيل، ثاني أكبر شركة اتصالات في البلاد وإن كانت أقدمها، أولى خسائرتعرضتلها منذ أكثر من عقد. كما انخفضت الأرباح في مجموعة طلعت مصطفى القابضة بنسبة قدرها 39 %.وتابعت الوكالة بنقلها في هذا الصدد عن سيمون ويليامز، كبير الخبراء الاقتصاديين لدى إتش إس بي سي الشرق الأوسط، قوله :quot; مصر بحاجة إلى نمو ووظائف وسياح واستثمارات. وهذه مجموعة صعبة للغاية من التحديات الاقتصادية على أي شخص، ناهيك عن الحكومة الجديدة التي يُنتَظر منها تحقيق الكثيرquot;.وأضافت آن وايمان، العضو المنتدب لمؤسسة quot;ماكسولا للبورصةquot; التي يوجد مقرها في تونس quot; تشكل توقعات الناس تحدياً في الاتصال وتبادل الآراء أكثر من أي شيء آخر. ونحن نعلم عدم القدرة على حل مشكلة البطالة بتلك السرعة من الناحية الاقتصاديةquot;.


وفي مقابلة أجريت معه مطلع العام من دافوس، قال محافظ البنك المركزي التونسي، مصطفى كامل نبيل، إن بلاده تسعى للحصول على خمسة مليارات دولار هذا العام لتغطية عجز في ميزان المدفوعات قد يصل إلى 7 % من الناتج المحلي الإجمالي. وانتقلت بعدها الوكالة لتتحدث عن الوضع في ليبيا، مشيرةً إلى أنها تجاهد الآن من أجل التعافي من تداعيات الثورة التي تمكنت في الأخير من الإطاحة بالعقيد معمر القذافي. وذلك في الوقت الذي يحاول فيه بعض دول الخليج أن يوفر وظائف كصمام أمان ضد الاحتجاجات والانتفاضات الشعبية. وختمت الوكالة حديثها بنقلها عن أمير محمد قوله :quot; لا يوجد تغيير. ونحن نريد أن نشعر بأن لدينا حقوقا في بلدناquot;