الطرح العام الأولي لأسهم شركة quot;فيسبوكquot; وما أحاط به من أخطاء في التداول وتراجع سعره بنسبة 16%، سيدفع المزيد من المستثمرين إلى الخروج من بورصة فقدوا ثقتهم بها عقب الأزمة المالية.


إعداد لميس فرحات: يقول أندرو ستولتمان، محام من مدينة شيكاغو يمثل مستثمري التجزئة: quot;من الواضح أن الحادثة الأخيرة في سلسلة طويلة من الوقائع أثرتفي الثقة التي يشعر بها المستثمرون تجاه السوق. التصور السائد هو أن وول ستريت تلاعبت في هذا الطرح العام الأولي كي يحقق متعهدو تغطية الاكتتاب أرباحاً، ويحقق مسؤولو شركة فايسبوك أرباحاً، بينما ترك المستثمر الصغير يتحمل وطأة ذلك وحدهquot;.

وأشار موقع quot;بلومبيرغquot; إلى أن رغبة المشترين الأفراد في الاستثمار في أسهم فيسبوك تضاءلت نتيجة الصعوبات التي واجهت تنفيذ الصفقات في أول يوم للتداول، وهو 18 أيار/ مايو الماضي، وما أعقب ذلك من تراجع للسهم وظهور علامات استفهام حول ما إذا كانت الشركة ومتعهدو تغطية الاكتتاب قد قاموا بالإفصاح عن معلومات جوهرية غير معلنة على أساس انتقائي.

المستثمرون يفقدون ثقتهم بالبورصة

ويقول ستيف سوزنيك، مدير مخاطر الأسهم لدى شركة quot;تيمبر هيلquot;: إذا كان هناك كثير من الناس الغاضبين، فسوف يعبرون عن غضبهم بطرق مختلفة، وربما تكون إحدى هذه الطرق باستخدام أقدامهمquot;.

10 سنوات مهدورة

ما زال بعض مستثمري التجزئة خارج السوق منذ خروجهم منها أثناء الأزمة المالية التي وقعت في الفترة 2008 - 2009، ولم يشهد مؤشر ستاندرد آند بورز 500 أي تقدم منذ ما يزيد على 10 سنوات، إذ يتداول حالياً عند مستويات بلغها للمرة الأولى في عام 1999، إثر مروره باتجاهين هابطين أفقدا المؤشر نحو 50 في المائة من رصيده. كما أدى الانهيار الذي وقع يوم 6 أيار/مايو 2010، في ما عرف باسم الانهيار الخاطف، إلى تبخر 862 مليار دولار في أقل من 20 دقيقة، ما قوّض تماماً الثقة في هيكل أسواق الأوراق المالية.

وقد سحب المستثمرون أموالهم من صناديق الاستثمار التي تستثمر في الأسهم الأميركية طيلة خمس سنوات متتالية بدأت في ديسمبر/ كانون الأول. وبلغت قيمة الأسهم التي تمتلكها العائلات الأميركية في الشركات نحو 8.1 تريليونات دولار في نهاية عام 2011، وهو ما يمثل تراجعاً بنسبة نحو 16 في المائة عن 9.6 تريليونات دولار في عام 2007، طبقا للبيانات التي أعلنها مجلس الاحتياطي الفيدرالي في مارس/آذار الماضي.

ويقول رون سلون، الذي يشرف على نحو 11 مليار دولار بصفته رئيس إدارة الاستثمار في فريق أسهم الشريحة الأولى الأميركية لدى شركة quot;إنفسكو ليميتدquot;، وهي شركة متخصصة في إدارة صناديق الاستثمار تقع في ولاية أتلانتا، إن زيادة التقلبات وارتفاع درجة الارتباط بين الأسهم والانهيار الخاطف يعتبران ضمن حزمة متنوعة من الأسباب أدت إلى سيطرة الإحساس بالشك على مستثمري التجزئة منذ عدة سنوات.

تراجع التقديرات

تعتبر باتريشيا أرويو (53 عاما)، طبيبة نفسية ومدربة متخصصة في بوسطن تدير بنفسها استثماراتها الخاصة أن quot;ما يهز ثقة المستثمرين الذين أتعامل معهم أكثر من المشكلات العابرة هو أن يروا جميع المستثمرين المؤسسين والمطلعين والعملاء ذوي الحظوة يحصلون على كل المزايا في هذه المواقفquot;.

تحقيق فيدرالي

صرحت السلطات الفيدرالية المنظمة للأوراق المالية وكذلك اللجنة المصرفية التابعة لمجلس الشيوخ الأميركي بأنها ستقوم، أو قد تقوم، بالتحقيق في عملية طرح سهم فايسبوك في البورصة. وقد قام مشترو السهم بمقاضاة كل من الشركة ومتعهدي تغطية الاكتتاب ومؤسسة quot;ناسداك أو إم إكس غروب إنكوربوريشنquot; التي تولت عملية إدراج السهم. وتعرضت بورصة quot;ناسداكquot;، التي تقع في نيويورك، لسيل من عمليات إلغاء الأوامر، وتم إرجاء تأكيدات المعاملات في أول يوم للتداول.

وذكرت شركات الوساطة التي وجد عملاؤها صعوبة في تنفيذ معاملات على سهم فيسبوك، ومن بينها شركة quot;فيديليتي إنفستمنتسquot; التي تقع في بوسطن وشركة quot;تشارلز شواب كوربوريشنquot;، أنها تحاول الوصول إلى حلول للشكاوى المقدمة.

وصرح ستيفن أوستن، متحدث باسم شركة quot;فيديليتيquot;، في مقابلة أجريت معه عبر الهاتف أن الإدارة العليا في الشركة quot;تتواصل باستمرار مع الجهات التنظيمية وصناع السوق وبورصة ناسداك من أجل إبلاغها بكل مشكلات التداول التي يعاني منها عملاؤنا منذ يوم 18 أيار، وسوف نستمر في ذلك حتى نقنع بورصة ناسداك بتخفيف الأثر الواقع على عملائناquot;.

فرصة ضائعة

بددت أزمة سهم فايسبوك الآمال في أن يساعد بدء تداول السهم على تنشيط إقبال الأفراد على تداول الأسهم. وكتب ريتشارد ريبيتو، محلل في شركة quot;ساندلر أونيل آند بارتنرزquot;، وهي شركة توصية في نيويورك، في رسالة أرسلها عبر البريد الإلكتروني يوم 23 أيار/مايو، أن حجم التداول على سهم quot;فيسبوكquot; كان يمثل نحو 20 إلى 30 في المائة من صفقات التداول التي حققت إيرادات للوسطاء عبر الإنترنت يوم 18 أيار/مايو الماضي، موضحاً أن عمليات بيع وشراء التجزئة في اليوم الذي يبدأ فيه تداول سهم شركة ما في البورصة تمثل عادة ما بين 2 و5 في المئة.

وذكر أندرو غاردنر، رئيس شركة quot;تانغل وود ليجاسي أدفايزورزquot; التي تقع في مدينة هيوستون، في تعليقاته التي أرسلها عبر البريد الإلكتروني أن quot;مشاهدة هذا الإخفاق التام كانت مثل مشاهدة سيارة وهي تتحطم بالتصوير البطيء. لم يكن هناك سوى عدد بسيط من المستثمرين المنخرطين بصورة مباشرة في الأمر، أما بقيتنا فسرعان ما سيخرجون مفاتيحهم وينطلقون بسياراتهمquot;.