تصاعدت في الفترة الأخيرة وتيرة الحملات الشعبية ومطالب النقابات الخاصة بالمعلمين والموظفين والسائقين في فلسطين المتعلقة بضرورة التصدي للغلاء ووقف الضرائب ودعم السلع الغذائية الأساسية بعد الارتفاع الجنوني في أسعارها.


إحدى التظاهرات الاحتجاجية ضد الغلاء في فلسطين

عنان الناصر: أكد الناشط الشبابي محمد قريني، من الحراك الشبابي ضد الغلاء والفقر والبطالة في فلسطين، في تصريح خاص لـquot;إيلافquot;، أن العديد من المجموعات الشبابية عقدت أخيرًا، لقاءات واجتماعات موسعة، وتم الاتفاق على توحيد عدد من المجموعات تحت شعار الحراك الشبابي ضد غلاء المعيشة وارتفاع الضرائب.

وأوضح أن هذه المجموعات أصدرت بيانًا، وتم التوافق على تنفيذ اعتصام وسط مدينة نابلس، كما شدد البيان الموحد على سلمية المسيرات السلمية، وإدانة كل المحاولات المتمثلة في حرف مسار المسيرات التي من شأنها الإساءة إلى صورة المواطن الفلسطيني.

وبيّن القريني، أن البيان أكد على عفوية الحراك الشبابي الشعبي، وأنه لا ينصاع سوى لخدمة الوطن والمواطن ولا قيادة عليه ويلتزم بسيادة الأمن والأمان. وبخصوص المطالب التي حملها البيان الموحد، أوضح القريني، أن المطالب تتمثل في ضرورة دعم السلع الأساسية وتخفيض الأسعار وتعديل أو إلغاء اتفاقية باريس بما يتناسب مع مصالح الشعب.

وبيّن أيضًا أن من بين المطالب تحديد الحد الأدنى من الأجور، وإلغاء العمل بمبدأ السوق الحرة والمفتوحة ومعالجة قضية البطالة ودعم المنتج الوطني وتخفيض الضرائب ورفع مستوى دخل المواطن ودعم المزارعين والقطاع الزراعي وتخفيض الأقساط الجامعية، وجعل التعليم من حق الجميع، وانشاء ودعم صندوق الطالب، وإعطاء دور حقيقي للشباب في بناء المؤسسات الحكومية والمجتمعية والمدنية.

تلويح بالإضراب المفتوح
في السياق عينه، لوّحت نقابة الموظفين العمومية بالإضراب المفتوح احتجاجًا على سياسة الحكومة وعدم تلبية مطالب النقابة العديدة. وقال أمجد أبو رعد، رئيس نقابة الموظفين العمومية في نابلس في اتصال هاتفي مع quot;إيلافquot; إن الأمور أخذت منحى آخر بعد الأحداث الأخيرة، ولا بد من نقاشات مستفيضة مع كل القطاعات.

وأضاف أبو رعد: quot;هناك حالة من الغياب لمناقشة كل القضايا، وحتى الآن لا توجد حلول جذرية للأزمة، وهذا يتطلب من الحكومة أن تتمتع بحلول متكاملة بالتنسيق والمتابعة مع القطاعات كافة والجهات ذات العلاقةquot;.

وشدد على ضرورة وجود حلول للمطالب كافة، منوهًا بأن سياسة التسويف والمماطلة دفعت بالنقابة إلى البدء بعدد من الفعاليات الحتجاجية، كالاضرابات الجزئية، خلال هذا الأسبوع، ومن ثم التوجه إلى اجتماع لمناقشة ما تم، والتطرق إلى الخطوات المقبلة.

وبيّن أبو رعد، أن خصم 10-12% من رواتب الموظفين، الذين تزيد رواتبهم على 4500 شيقل، كان غير مقبول، ولم يتم التناقش حوله مع النقابة، كما إن تجزئة الراتب ودفعه على مرحلتين تسببا في كثير من الإشكاليات.

وعن طبيعة تفهم النقابة للأزمة المالية الحالية، أكد وجود مواقف ارتجالية من قبل الحكومة وبعض وزرائها ليست لها علاقة بالقانون وتنمّ عن عدم دراية بالقضايا الاستراتيجية كافة داخل الوطن، منوهًا بأن الحكومة حاليًا تقع تحت ضغط كل القطاعات لغياب التخطيط والسياسة الواضحة.

ولفت أبو رعد إلى وجود سياسات لم تطبّق، ولم تقر، وأوقعت الحكومة في مشاكل مع مختلف القطاعات، منوهًا في الوقت عينه، بأن الأزمة المالية التي تمر بها الحكومة ناتجة من السياسات المالية الخاطئة للحكومة لغياب التخطيط والتصور المستقبلي.

وأشار إلى أن الحكومة مطالبة بالرحيل في حال عجزت عن توفير احتياجات ومطالب المواطنين والموظفين، مؤكدًا أن سياسة الحكومة المقرّة لاقت انتقادًا من مختلف الأوساط، ومن بينهم خبراء اقتصاديون ومؤسسات المجتمع المدني وبقية القطاعات.
ونوه أبو رعد بمشكلة غياب المناخ الصحي للحوار، لافتًا في الوقت نفسه، إلى أن الحكومة تعتمد قرار سياسة شخص واحد.
وطالب بضرورة العمل على انجاز مطالب الموظفين قبل التوجه نحو إضرابات مفتوحة.

المعلمون في وجه الأزمة
بدوره، قال عصام دبابسة، عضو الأمانة العامة لاتحاد المعلمين في تصريح خاص لـquot; إيلافquot;: quot;إن تعليق الدوام في المدارس الحكومية ومكاتب وزارة التربية والتعليم جاء للضغط على الحكومة لتنفيذ مطالب المعلمين وسعيًا إلى إنصافهمquot;.

ودعا دبابسة، الحكومة إلى فتح باب الحوار حول القضايا ذات المطالب الهامة كقضايا علاوة غلاء المعيشة وسلم الرواتب وتعديل قانون الخدمة المدنية وعدم تجزئة الرواتب ودفع المواصلات حسب الوضع الحالي وبحث موضوع التقاعدquot;.

وبيّن وجود اتصالات بين الاتحاد والحكومة، ولكن ليس كما هو مطلوب، منوهًا بضرورة أن تكون هناك جلسة حوار شاملة مع الحكومة للوصول إلى تسوية عادلة للجميع، والابتعاد عن وضع التوتر والقلق الذي يعترض المعلمين جراء قضية الراتب وتجزئته.

وفي ما يتعلق بالأزمة المالية، أكد أن الاتحاد يعلم عمق الأزمة المالية، منوهًا بضرورة أن تكون هناك معالجة للسياسة الاقتصادية والعمل على بناء صمود المواطنين ودعم الصناعات الوطنية والقطاعات الزراعية ومختلف الطبقات الاجتماعية، وكذلك تعديل وضع الميزانيات والنثريات الكبيرة التي تصرف لكبار المسؤولين وعدم المسّ برواتب الموظفين.

وقال دبابسة: quot;لا يوجد حوار الآن مع الحكومة، ونحن نطالب بجلسة حوار سريعة لمعالجة الأزمة الراهنة، والتخفيض من حجم الديون الكبيرة، التي ألحقت الضرر بهذه القطاعات، لافتًا إلى أن الموظف أصبح بعيدًا عن حالة الاستقرار الوظيفيquot;. وطالب بضرورة إعادة رسم السياسة الاقتصادية التي يفترض أن تقوم على دعم الشرائح الفقيرة.

وعن الخطوات المقبلة في حال أخفقت الجهود مع الحكومة، قال دبابسة: quot;إن الاتحاد العام لا يهوى الاضراب، ويتم عمل توازن بين ثلاث قضايا عند إقراره هذا التوجه، وهي مصلحة المعلم والمصلحة الوطنية العليا ومصلحة الطلاب، وفي ظل ذلك سيكون هناك تدارس للخطوات المقبلةquot;.

من ناحيته، أكد أمجد الباقة رئيس نقابة السائقين في اتصال هاتفي مع quot;إيلافquot; أن نقابة السائقين تواصل عقد لقاءاتها مع الحكومة ووزارة المواصلات، حيث تم عقد اجتماعات لمتابعة القضايا المتعلقة بقطاع السائقين، والمتمثلة في موضوعي الضرائب والمحروقات.

وبحسب الباقة، سيتم عقد اجتماعات متتالية، وسيكون يوم الخميس المقبل مفصليًا، حيث سيتم إطلاع كل النقابات المنضوية في اطار نقابة السائقين بنتائج اللقاءات والاجتماعات التي جرت مع الحكومة، وعلى أثرها سيتم اتخاذ قرارات واضحة.

وحول أبرز المطالب للسائقين، قال الباقة: quot;إنها تتمثل في موضوعي الضرائب والمحروقات، وتم تقديم العديد من المقترحات على الحكومة، وكذلك قضايا أخرى، تتعلق بوضع المجمعات والوكالات الدورية، ومشاكل مع شركات التأمين ومشاكل أخرى، كالاعتداء على الخطوط وسرقة الركابquot;.

وبيّن أن النقابة قررت تعليق الفعاليات الاحتجاجية وإعطاء فرصة للحوار مع وزارة المواصلات، وإذا لم يتم التوصل إلى نتائج عملية فإن النقابة ستلجأ إلى الفعاليات والإضرابات من جديد. هذا واتخذت نقابات القطاع الصحي قرارًا بخوض إضرابات جزئية احتجاجًا على عدم تلبية الحكومة لمطالبها.

وقال أسامة النجاري رئيس اتحاد نقابات المهن الصحية في بيان صحافي حصلت quot;إيلافquot; على نسخة منه: quot;إن النقابات قررت القيام بإضرابات جزئية هذا الأسبوع احتجاجًا على عدم تنفيذ مطالب النقابات، منوهًا كذلك بأن عدم تنفيذ الحكومة لهذه المطالب سيدفع النقابات إلى الوصول إلى الإضراب المفتوحquot;.

وكانت النقابات الصحية التقت وزير الصحة، ووضعته بصورة كل المطالب، والتي منها الترقيات والدرجات والعلاوات المستحقة للموظفين وزيادة توظيف كوادر طبية إضافية وإعادة منح علاوة المخاطرة لمن حجبت عنهم، ودفع المواصلات لمستحقيها، وغيرها العديد من المطالب.

توجهات الحكومة المقبلة
وقال بشار الصيفي، مدير عام وزارة الاقتصاد الوطني في محافظة نابلس في لقاء خاص مع quot;إيلافquot;: quot;إن الوزارة تداعت بالتعاون مع كل الجهات الأخرى الشريكة للخروج باستراتيجية عمل للتخفيف من الأعباء والحدّ من غلاء الأسعار، حيث جرى عقد سلسلة من الاجتماعات مع التجار والموردين، وتم التوافق على اتخاذ خطوات عمليةquot;.

وأوضح أنه جرى التوافق على تحديد هامش الربح، وسيكون الجميع ملتزمًا بما يتم التوصل إليه، لافتًا إلى أن الاجتماعات تجري مع مختلف القطاعات، وما سيصدر من قرارات سيكون إلزاميًا.

وقال الصيفي: quot;ستكون هناك حزمة من الإجراءات التي ستكون لها انعكاسات على الوضع الاقتصادي، من بينها تحديد أسعار نحو 25 سلعة لها تفرعاتها، وأنواع كالزيوت واللحوم والأرز، وهي من بين الأساسيات التي تدخل في السلة الغذائية اليومية، وهذه التفرعات قد تصل إلى ستين صنفًاquot;.

من ناحيتها، أكدت الإعلامية نور عودة، المتحدثة باسم الحكومة الفلسطينية في اتصال هاتفي مع quot;إيلافquot; أن مجلس الوزراء يسعى إلى تعزيز صمود المواطنين في كل المناطق المصنفة quot;جquot;، وكذلك في القدس ومناطق الأغوار، منوهة بأن الحكومة تدعو المانحين بشكل دوري إلى تنفيذ مشاريع في هذه المناطق.

وبينت عودة، أن لجوء الحكومة إلى صرف رواتب الشهر الماضي لموظفي القطاع العام مُجتزِئة كان نتيجة الظروف المادية ونتيجة الأزمة المالية، وأن ما تم اقتطاعه من رواتب كبار الموظفين فهو يعد دينًا على الخزينة، وسيتم صرفه بأسرع وقت ممكن.

وفي ما يتعلق بالحوار بين الحكومة ونقابة السائقين وطبيعة الحوار الذي تم التوصل اليه، أكدت أن الحكومة باتت تدعم كل ألف لتر سولار بقيمة الف شيقل ما يعادل 300 دولار، وبالتالي هناك دعم ازداد عن السابق ضمن الامكانيات المحدودة.

وبينت أن هذا الدعم يشكل عبئًا على الحكومة، مؤكدة أن الحوار مستمر، ولن نعلق عليه وعلى تفاصيله لكونه جديًا، وننتظر النتائج التي ستخرج خلال الفترة المقبلة.

وفي موضوع تعليق دوام اتحاد المعلمين ومطالباتهم العديدة في ظل غياب الحوار مع الحكومة، أكدت أن الجهود مستمرة للجلسات والحوار والحكومة جدية في دعهما للحوار الشامل ومناقشة المطالب المحقة.

وقالت: quot;إن الحكومة على أتم الاستعداد للحوار مع اتحاد المعلمين، وهي جاهزة لحوار شامل مع مختلف القطاعات لبحث الأزمة وسبل الخروج منهاquot;. وبينت أن وزير الاقتصاد يجتمع بشكل دوري مع جمعية حماية المستهلك والتجار والموردين سعيًا إلى الحد من الاستغلال وتحديد هامش الربح وإشهار الأسعار، كما تسعى وزارة العمل إلى التوصل مع النقابات العمالية لتحديد الحد الأدنى من الأجور.

وبخصوص تهديد نقابات الموظفين والتلويح بإضراب مفتوح، بينت أن الجميع يريد حلولاً عملية،لا وعوداً، وأن الحكومة عانت بسبب تأخر الدعم من الدول الصديقة والشقيقة، وهناك قضايا متعددة، والعمل جارٍ لإيجاد الحلول.

وأوضحت أن الحكومة تبحث ما يمكن تطبيقه ضمن الامكانيات، وأعربت عن أملها في أن يكون الحوار شفافًا، مع إدراك الحمل الذي تتحمله السلطة والحكومة في ظل التوجه نحو الأمم المتحدة.

وعن الوضع العام للأزمة المالية وطبيعة المتابعات، أكدت عودة، أن العمل مستمر ومتواصل، والحكومة تواصل سعيها مع كل الجهات المانحة، وأن عدم دفع الجهات المانحة لالتزامتها ساهم بشكل كبير في هذه الأزمة.

وبخصوص التوجه إلى الأمم المتحدة والتخوف من أزمة أخرى، قالت: quot;إن الأمور ليست واضحة، ونحن ندرس ما يجري من حولنا، ونعمل على توفير مقومات للصمود والبقاء على الأرضquot;.

وكانت المحافظات الفلسطينية شهدت موجة من المسيرات والاعتصامات والاحتجاجات المنددة بارتفاع الأسعار والمحروقات والمطالبة بدعم أسعار السلع الأساسية وتعديل وإلغاء اتفاقية باريس الاقتصادية ورحيل الحكومة.