تحت قبة مجلس الشورى السعودي دخلت وزارة العمل في دائرة الاتهام بإعطاء أرقام وهمية حول أعداد السعوديين والسعوديات، الذين إستطاع برنامج نطاقات توظيفهم، هذا البرنامج الذي تعتبره الوزارة quot;عصًا سحريةquot; للقضاء على البطالة التي وصلت إلى إرقام قياسية بلغت 12% في أكبر بلد مصدر للنفط.

إنتقادات عدة طالت تقرير وزارة العمل السعودية السنوي تركزت حول برنامج نطاقات، واعتبرت أن ما تحمله التقارير والتصريحات من أرقام حول توظيف السعوديين وهم، يضلل الجهات المعنية بحل قضية البطالة التي أرهق ارتفاعها السنوي كلاً من وزارة العمل، ووزارة الخدمة المدنية، ووزارة الاقتصاد والتخطيط بعد بقاء مستواها العام بين الجنسين عند 12%.
ورغم تلك الانتقادات تصر وزارة العمل على نجاح برنامج نطاقات، وقد ساهم في توظيف ما يزيد عن 615 ألف مواطن ومواطنة خلال العامين الماضيين، وتوظيف 17 ألفاً من ذوي الاحتياجات الخاصة من الجنسين، و41 ألف طالب وطالبة، مشيرة إلى أن برنامجي نطاقات وحافز أحرزا نتائج إيجابية في مسيرة الوزارة نحو تحقيق أهدافها الاستراتيجية، مطالبة بعدمالاستعجال في الحكم على برامجها كون هذا الموضوع مسؤولية مجتمعية تشترك في تحقيقه جميع الجهات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص.
وأكد مجلس الشورى أهمية إيجاد وزارة العمل لوسائل محفزة للمتخصصين من المواطنين السعوديين، للعمل في مجال الصحة والسلامة المهنية في الوزارة، ومتابعة نشاط شركات ومكاتب الاستقدام المرخص لها، والتأكد من بدء نشاطها في مناطق السعودية، ومراجعة أسعار وتكاليف الاستقدام والتأجير، ودعا أعضاء الشورى وزارة العمل إلى التنسيق مع الجهات ذات العلاقة لوضع آلية لتحفيز توطين المشاريع الصغيرة والمتوسطة لتشغيلها بكفاءات وطنية، والتأكد من توافر مقومات بيئة العمل الآمنة التي تساعد على استقرار المرأة في العمل بالقطاع الأهلي، بما في ذلك المواصلات. وطالب أعضاء المجلس خلال مناقشة التقرير السنوي الوزارة بالعمل مع وزارة الاقتصاد والتخطيط ووزارة التجارة والصناعة لإيجاد فرص وظيفية تناسب المرأة ودعم رواتبها من الصناديق الوطنية.
لكن الانتقاد الأكثر حدة لبرنامج نطاقات جاء من قبل محافظ مؤسسة التأمينات الاجتماعية وعضو مجلس الشورى الحالي سليمان الحميد، مشيراً إلى أن البرنامج ساهم بشكل كبير في انتشار السعودة الوهمية التي تقوم بها الشركات والمؤسسات، لتعطي انطباعاً للجهات العليا سواء وزارة العمل أو المقام السامي بأنه تم توظيف سعوديين، مستغرباً من توظيف 1004 نساء في مجال التشييد والبناء، إلا من خلال السعودة الوهمية التي تضر بمؤسسة التأمينات الاجتماعية.
وأشار الحميد الذي جاء إلى المجلس بعد أربعة عقود متواصلة من العمل في المؤسسة، بدأها كموظف ثم نائب للمحافظ، وأخيراً محافظاً للمؤسسة ما يقارب عقدين من الزمن quot;18 عاماًquot;، إلى أن السعودة الوهمية التي جاء بها برنامج نطاقات قد تُغيّر الخطط التي ترسمها الدولة في حل مشكلة البطالة، إلا أن ما يتم من توظيف يعتبر وهمياً وغير صحيح، ولفت في السياق ذاته أن أصحاب العمل يحاولون من أجل الحصول على تأشيرات استقدام وتلبية شروط برنامج نطاقات، تسجيل أعداد كبيرة من المواطنين من كلا الجنسين، بدفع رواتب 1500 ريال بدون العمل لديهم ويُدفع لهم ألف ريال، من أجل رفع نسبة السعودة لدى هؤلاء، لافتاً إلى أن حل المشكلة موضوع طويل، وليس التأمينات هي الجهة المعنية في حله.
ورغم كل هذه الانتقادات في وزارة العمل لا تكاد تمر مناسبة دون التغني ببرنامج نطاقات، واصفين إياها بالجنة التي أتت أُكلها ضعفين، وكانت الوزارة أطلقت نظام quot;نطاقاتquot; الذي يحدد العدد المطلوب توظيفه من السعوديين العاملين مقابل الأجانب وفقاً لحجم كل شركة والقطاع الذي تعمل به، وتم تصنيف الشركات العاملة بالقطاع الخاص إلى شرائح ممتاز وأخضر وأصفر وأحمر حسب نسبة التزام كل شركة بتوظيف سعوديين، فتحصل الشركات صاحبة التصنيف الممتاز والأخضر على مميزات، وتمهل الشركات المندرجة تحت النطاق الأصفر لحين التزامها بنسب التوطين المطلوبة، فيما تحرم الشركات تحت النطاق الأحمر من العديد من المزايا ولا تحصل على تجديد لتأشيرات العمالة الخاصة بها.
وعملت الوزارة على تصنيف المنشآت بطريقة محفزة ومشجعة بحيث اعتبرت نصف المنشآت محققة لمعدلات توطين جيدة ورمزت لها بالأخضر والممتاز، واعتبرت الأقلية من المنشآت مقصرة في التوطين ورمزت لها بالأحمر، بحيث لا يتجاوز النطاق الأحمر خمس عدد المنشآت، مشيرة في الوقت ذاته أن الأخضر والأحمر منشآت تقع في النطاق الأصفر حققت نسب توطين متوسطة نعطيها حزمة أقل من الخدمات ومهلة للتعديل.
وعلى الجانب الأكثر إيلاماً في قضية البطالة، يرى كثير من المراقبين أن القضية أكبر من أن تحل ببرنامج نطاقات الذي يعتريه الكثير من القصور، جعلته تحت سياط نقد كافة طبقات المجتمع من رجال أعمال واقتصاديين وطالبي عمل عند إصداره، مشيرين إلى أنه مجحف وفيه ظلم كبير لصاحب العمل، وسيسبب مشكلات كبيرة في حال تطبيقه، وإن السعودة إذا لم تتم بالتحفيز والتشجيع، فهي لن تتم بالعقوبات.