يحتفل المصريون بعيد الأضحى وسط مشاعر من القلق والترقب ورغبة في أن يكون المستقبل أفضل من الماضي، إلا أن غلاء الأسعار يبدد فرحتهم بالعيد، لاسيما أسعار اللحوم، التي قفزت بشكل جنوني.

القاهرة: فيما تستمر الإنشقاقات بين المصريين، المنقسمين إلى صفين، أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، ومؤيدي وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، منعت وزارة الداخلية المصريين للمرة الأولى منذ ثورة 25 يناير 2011، من أداء صلاة العيد في الميادين الكبرى في القاهرة، لاسيما ميادين: التحرير، رابعة العدوية، نهضة مصر، الجيزة، مصطفى محمود.
ارتفاع الأسعار
استقبل المصريون عيد الأضحى بمشاعر القلق والترقب، القلق من استمرار الأوضاع السياسية بشكل سيئ، وترقب أن يكون الإستقرار هو عماد المرحلة المقبلة، ووسط هذه المشاعر تبرز مشاعر الحزن في أوساط الفقراء، بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية، لاسيما اللحوم والخضراوات.
وارتفعت أسعار الخضراوات واللحوم بمعدل يزيد على 20%، رغم إصدار الحكومة أسعاراً استرشادية، ووصل سعر كيلو الطماطم خمسة جنيهات، البطاطس تتراوح ما بين 6 و7 جنيهات، الكوسة خمسة جنيهات، البامية تتراوح ما بين 10 و12 جنيهاً، الفاصوليا، ما بين 5 و6 جنيهات، الثوم 9 و11 جنيهاً.
فيما ارتفعت أسعار اللحوم بالمعدل نفسه، وتتراوح أسعارها في المناطق الراقية ما بين 75 و125 جنيهاً، وفي المناطق الشعبية تتراوح ما بين 45 و75 جنيهاً، بينما تتراوح ما بين 35 و45 جنيهاً في المناطق الفقيرة، حيث يعتمد الفقراء على ما يطلق عليه اسم quot;فواكه اللحومquot;، وهي لحوم الرأس والأرجل، والأحشاء، أو العظام، وكرشة وفشة وممبار والكوارع ولحمة الرأس والزور والحلويات.
وتتراوح أسعار اللحوم المستوردة ما بين 30 و35 جنيهاً. وحاول البعض استغلال إرتفاع الأسعار بطرح لحوم فاسدة في الأسواق بأسعار رخيصة، واستطاعت الشرطة ضبط بعض منها، وقدرت الكمية المضبوطة ب 320 طن لحوم غير صالحة للاستهلاك و4 أطنان رنجة وأسماك منتهية الصلاحية.
كساد بسبب غياب الأمن
ووفقاً لتقرير إقتصادي أصدرته الغرفة التجارية في الجيزة فإن أسعار اللحوم القائمة quot;المواشي حيةquot; فقد بلغ سعر الضأن القائم حوالى 35 جنيها بارتفاع ثلاثة جنيهات، والزيادة على كافة أسعار اللحم البلدي والمستورد؛ حيث وصل ''البقري القائم'' إلى 28 جنيها، و''الجاموسي القائم'' إلى 25 جنيها، متوقعا أن تستمر موجة الارتفاعات مع تزايد الطلب خلال فترة العيد، ويأتي ذلك في ظل غياب تام للحكومة عن متابعة الأسواق وعدم وجود رابط يحكم أسواق اللحومquot;.
مشيرا إلى أن أسعار اللحوم في المذبح فقد ارتفعت خلال الأيام الأخيرة من شهر سبتمبر بقيمة 1.50 جنيه ليصل سعر البيع للكيلو بـ 48.5 جنيها، متوقعا أن يصل إلى 50 جنيها للكيلو وهو ما سيشعل أسعار اللحوم في الأسواق، حيث إن أسعار اللحوم وصلت إلى 70 جنيها للكيلو، وأسعار اللحوم الضأن ارتفعت لتصل إلى 75 جنيها للكيلو في بعض المناطق، نتيجة توقف النقل ونقص المعروض منها في الأسواق.
وأفاد بأن quot;إنتاج مصر من الثروة الحيوانية يبلغ ما يقرب من 45% فقط من حجم استهلاك السوق للحوم، موضحًا أن استيراد الحكومة للحوم سواء الحية أو المجمدة يؤدي إلى حدوث حالة من التوازن داخل السوق، وبالتالي لا ترتفع الأسعار خاصة مع تزايد الطلب.
وذكر التقرير أن غالبية المستهلكين أبدوا استياءهم من ارتفاع الأسعار وغياب الرقابة على الأسواق، الأمر الذي أدى بهم في النهاية إلى العزوف عن شراء اللحوم، وهو ما تسبب بحالة من الركود سيطرت على محلات اللحوم البلدية.
وأرجع ركود الأسواق وارتفاع الأسعار إلى تدني المستوى المعيشي للمواطنين وتراجع حجم السيولة لديهم، ما قلل من قدرتهم الشرائية، بالإضافة إلى تواكب المواسم على المواطن المصري بداية من شهر رمضان ومرورا بالعيد ودخول العام الدراسي وبوادر فصل الشتاء وفي النهاية الاستعداد لعيد الأضحى.
ولفت إلى أن غياب الأمن وإنتشار الفوضى، وحظر التجوال، ساهم في نقص المعروض بالأسواق وارتفاع الأسعار، موضحاً أن بعض التجار أكدوا تعرض سيارات نقل المواشي للسرقة والسطو خلال عمليات شحنها من المزارع إلى أماكن بيعها أو ذبحها. ما يضطر تاجر الجملة لرفع أسعار المواشي تعويضا لخسارته من عمليات السطو المسلح.
توقف القطارات
لم تقف المنغصات في عيد الأضحى على ارتفاع أسعار المواد الغذائية فقط، بل زاد توقف قطارات السكة الحديد من أحزان المصريين، لاسيما أن القاهرة تضم أكثر من أربعة ملايين مغترب من الأقاليم خاصة الصعيد، ويفضل هؤلاء قضاء إجازة العيد في بلداتهم، إلا أن توقف القطارات يحول دون تحقيق أمنياتهم، لاسيما في ظل ارتفاع تعريفة ركوب الأتوبيسات السياحية أو سيارات الأجرة، التي زادت بنسبة تصل إلى 70% عنها قبل فض اعتصام رابعة العدوية في 14 أغسطس/ آب الماضي، وإيقاف حركة القطارات.
انقسام حاد
سياسياً، تستمر حالة الانقسام بين المصريين، ما بين مناصري الرئيس المعزول محمد مرسي، ومؤيدي وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، ويخشى المصريون من وقوع أعمال عنف أثناء الإحتفال بالعيد، لاسيما في ظل دعوة التحالف الوطني لدعم الشرعية، الذي يضم الإخوان المسلمين وأحزابا وحركات إسلامية، أنصار مرسي للتظاهر، وأداء صلاة عيد الأضحى quot;في طول البلاد وعرضهاquot;.
واتهمت الجماعة من وصفتهم بـquot;الانقلابيين الدمويينquot; بالتسبب في تقسيم المصريين، وقالت الجماعة في بيان لها بمناسبة العيد، تلقت quot;إيلافquot; نسخة منه: quot;إذا كانت الأعياد تؤلف بين قلوب الناس وتزيل ما عسى أن يكون بين بعضهم من خلافات، فإن العيد يأتي هذه المرة وقد قسم الانقلابيون الدمويون شعب مصر إلى شعبين وأقاموا بينهما حجابا سميكا من الكراهية والعداوةquot;، مشيرة إلى أن quot;الأمر كان مجرد خلاف سياسي تحسمه الديمقراطية بآلياتها، فإذا بالانقلابيين يستخدمون الجيش في رغبة لتحويل الخلاف السياسي إلى ما يشبه الصراع الأهلي، ولولا حكمة أنصار الشرعية وتمسكهم بسلمية فعاليتهم رغم آلاف الشهداء والمصابين لتحققت الرغبة الشريرةquot;.
كما اتهمت الجماعة ما اعتبرته quot;الإنقلاب الدموي الفاشيquot;، بتحويل quot;حياة الناس إلى سلسلة من المعاناة وأفقدهم الأمان والاستقرار ومستوى الحياة الإنسانية اللائقة وأفقدهم بهجة العيد وأفقد البلاد التقدم والتطور والمكانة السياسية التي تليق بمصرquot;، وأضافت أن quot;الانقلابيين ما زالوا مصرين على سرقة ثورة 25 يناير واختطاف الوطن وقتل الناس، لكن الشعب المصري الصامد والثائر ضد الانقلاب في كل مكان وطيلة مائة يوم سيستمر في ثورته حتى إسقاط الانقلاب ndash; بإذن الله ndash; وإعادة الوحدة واللحمة بين الشعب المصري ونسيجه الوطني ويعيد الأمان والاستقرار والحرية والعدالة والنهضة والتقدم للشعب والوطن، الشعب السيد صاحب السلطات، ويعيد البهجة إلى قلوب المصريين بعيد الحرية الأكبر، (ويَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا).
ودعت الجماعة quot;المصريين إلى كفالة أسر الشهداء والمصابين والمعتقلين ورعاية الأيتام والأرامل والثكالى والتواصل الدائم معهمquot;.
منع الصلاة في التحرير
ومن جانبها، وتحسباً لتظاهرات وصلوات أنصار مرسي بالميادين العامة، وخشية الإعتصام فيها، أغلقت قوات الجيش والشرطة الميادين الكبرى في القاهرة، لاسيما quot;التحريرquot;، quot;رابعة العدويةquot;، quot;نهضة مصرquot;، quot;الجيزةquot;، quot;مصطفى محمودquot;، ومنعت أداء صلاة العيد بها لأول مرة منذ اندلاع ثورة 25 يناير 2011، التي أطاحت بنظام حكم الرئيس السابق حسني مبارك. وأغلقت قوات الجيش والشرطة تلك الميادين بالدبابات والمدرعات والأسلاك الشائكة، ومنعت حركة السيارات منها وإليها.

أدى الاف المصريين صلاة عيد الاضحى المبارك الثلاثاء في المساجد والساحات بعيدا عن ميادين القاهرة الرئيسة التي اغلقها الجيش، وذلك في اجواء من الهدوء خلت من العنف والتوتر اللذين سادا الايام الاخيرة، حسب ما افادت مصادر امنية وكالة فرانس برس. (التفاصيل)