تفاقمت في الآونة الأخيرة ظاهرة تكشف المواد الغذائية غير السليمة والفاسدة في الأسواق الفلسطينية، حيث يكاد لا يمر يوم دون الإعلان عن اكتشاف الجهات الرقابية لمثل هذه الأغذية والسلع، الأمر الذي شكل هاجساً بات يؤرق المواطنين.

نابلس: وقفت المواطنة أم خالد، برهة من الزمن وهي تتفقد تاريخ صلاحية بعض السلع التي اشترتها من داخل أحد المحال التجارية في مدينة نابلس، وحين لم يحالفها الحظ بقراءة تاريخ الصلاحية لصغر الخط طلبت من ابنتها الواقفة إلى جانبها التأكد من تاريخ الصلاحية.
وحين سؤالها حول السبب الذي دفعها لهذا الأمر، أكدت أم خالد، أنها تخشى أن تكون السلع منتهية الصلاحية ما يعرضها وعائلتها للخطر، موضحة أنها باتت تتأكد من كل سلعة تقوم بشرائها بعد الحديث المستمر عن كشف بضائع فاسدة ومنتهية الصلاحية في الأسواق الفلسطينية.
وشددت على ضرورة أن تقوم الجهات المختصة بتعزيز الرقابة على كافة الأسواق والتأكد من البضائع المعروضة حرصًا على سلامة المواطنين.
بدوره، ثمن المواطن جمال سليم، دور الجهات الرقابية في الآونة الأخيرة التي ساهمت في الكشف عن العديد من السلع الفاسدة والأغذية المنتهية الصلاحية وبعض شركات التزوير التي تقوم بالتلاعب ببعض السلع الفاسدة وتعيد بيعها للمستهلكين.
وأكد سليم، أن المطلوب الآن يتمثل بضرورة إنزال عقوبات صارمة بحق كل المخالفين والمتجاوزين والمستهترين بصحة وحياة المواطنين، داعيًا في الوقت ذاته، إلى ضرورة القيام بتوعية المواطنين بطرق التأكد من سلامة السلع المعروضة.
من جهته، أعرب التاجر سالم حامد quot;أبو السعيدquot; صاحب أحد المحال التجارية المختصة ببيع المواد التموينية والسلع الغذائية، أنه يحرص دائماً على شراء كميات معتدلة من البضائع حتى يتسنى له مراقبة تاريخ الصلاحية وتخزينها بالشكل الملائم والصحيح.
وأوضح أبو السعيد، أنه يقوم يوميًا بفحص السلع والمواد وفي حال وجود أي مشكلة بأي سلعة يقوم بإتلافها على الفور حتى لا تقع بين أيدي المواطنين.
وبيّن أن المتابعة أساسية وضرورية، لافتًا في الوقت ذاته، إلى ضرورة رقابة الأسواق من قبل الجهات المختصة لكشف التجاوزات والمخالفات والإفصاح عن ذلك حتى لا يقع المواطن ضحية للمنتجات الفاسدة وحتى لا يتم التعميم على كافة التجار.
وأشار أبو السعيد، إلى وجود بعض المخالفات في الأسواق الفلسطينية ومن بينها ما كشفت عنه وزارة الاقتصاد والجهات الرقابية كوجود بضائع مستوطنات وسلع فاسدة ومواد غذائية منتهية الصلاحية، الأمر الذي جعل المواطن والمستهلك يقع في حيرة من أمره ويعاني قلقًا دائمًا عند شراء احتياجاته.
التزوير والتلاعب في بطاقة البيان وتواريخ الصلاحية، وحالات تسمم عديدة في بعض المحافظات الفلسطينية قد وقعت، الأمر الذي ساهم في تشكيل حالة من الخوف والقلق بين صفوف المواطنين.
وفي ظل انتشار الأخبار شبه اليومية التي تتحدث عن ضبط لحوم ودواجن فاسدة وضبط سلع منتهية الصلاحية وبضائع لا تحوي أي بطاقة بيان وفي ظل وجود تزوير لتواريخ الصلاحية كما تم الكشف عنه في بعض المواقع ووجود حالات تسمم ببعض المطاعم تفاقمت معاناة المواطنين الذين لا حول لهم ولا قوة.
وكان أحدث ما تم الكشف عنه مؤخرًا، كميات من اللحوم تعود لبقرة تم ذبحها في مدينة طولكرم تبين خلال الفحص البيطري أنها غير صالحة للاستهلاك الآدمي ومخالفة للشروط الصحية.
وزارة الاقتصاد تشدد الرقابة
إلى ذلك، أكد بشار الصيفي، مدير عام وزارة الاقتصاد الوطني في محافظة نابلس في لقاء خاص مع quot;إيلافquot; أن الوزارة باتت تشدد من الرقابة والجولات التفتيشية على الأسواق، وهو الأمر الذي ساهم في الكشف عن العديد من التجاوزات والمخالفات.
وبيّن الصيفي، قيام الوزارة بالتعاون مع بقية الجهات الرقابية والضابطة الجمركية ودوائر الصحة في وزارات الصحة والزراعة والبلديات بتعزيز الجولات على الأسواق والمحال التجارية وتشديد المتابعة.
وأكد، أن جهود الوزارة تكللت بالنجاح حيث تمكنت بالتعاون مع مختلف الجهات من الكشف عن بضائع فاسدة ومواد منتهية الصلاحية وبضائع مستوطنات وبعض شركات التزوير التي تقوم بإعادة تغليف وتعليب منتجات منتهية الصلاحية.
وأوضح الصيفي، وجود حالة التزام بشكل عام من قبل التجار مع وجود تجاوزات في بعض المواقع والمحافظات، مثمنًا دور المواطنين ووعيهم وتعاونهم مع وزارة الاقتصاد الوطني في الكشف عن العديد من التجاوزات.
وبحسب الصيفي، فإن وزارة الاقتصاد الوطني ستراقب الأسواق بكثافة خلال الفترة القادمة خاصة مع بدء العد التنازلي لحلول شهر رمضان المبارك حيث تكثر البضائع وتكون هناك فرصة لاستغلال البعض لهذه المناسبات بتسويق البضائع الفاسدة والتالفة وغير الصالحة للاستهلاك البشري.
ودعا إلى ضرورة الالتزام الكامل والتام بتعليمات وارشادات وزارة الاقتصاد الوطني ومنها العمل بقوانين اشهار الاسعار والابتعاد عن التلاعب بالأسعار والاحتكار واعتماد طرق التخزين السليمة، مؤكدًا في الوقت ذاته، حرص الوزارة على الاهتمام بالمنتج الوطني وتعزيز قدرته على المنافسة.
حماية المستهلك خط الدفاع عن المستهلكين
وطالبت جمعية حماية المستهلك في بيانات عدة بضرورة أن تقوم الجهات المختصة بفضح كل المتجاوزين والمتلاعبين بأرواح المواطنين.
ودعت حماية المستهلك إلى ضرورة تعزيز الرقابة والعمل على إنزال أقصى العقوبات بالمخالفين والمتجاوزين الذين يقومون بنشر المواد منتهية الصلاحية quot;السامةquot; في الأسواق.
وأكد صلاح هنية، رئيس جمعية حماية المستهلك بمدينة رام الله في اتصال هاتفي مع quot;إيلافquot; على أهمية الدور الذي تقوم به الجمعية في توعية المواطنين وتثقيفهم بكيفية التأكد من سلامة السلع حيث تعمل الجمعية على تثقيف المستهلكين بحقوقهم من خلال اللقاءات والندوات والبروشورات التوعوية.
وبحسب هنية، فإن وجود كشف يومي عن تجاوزات ومخالفات يدلل على مدى جدية ومتابعة الجهات الرقابية، ولكن هذا الأمر يتطلب عقوبات صارمة والتشهير بأصحاب هذه المحال كي ينالوا عقابهم وجزاءهم وكي لا يكون الموضوع من باب التعميم وإيقاع الضرر بالآخرين.
وقال: quot;إن الاغذية الفاسدة ليست تعبيرًا عن حالة الاقتصاد الفلسطيني بمكوناته كافة، ولكن باتت ظاهرة مقلقة وباتت تدق ناقوس خطر حقيقيquot;.
وحول الأسباب التي ساهمت في تفشي هذه الظاهرة، أكد هنية، أن الأسباب تتمثل بعدم وجود طواقم كافية لمراقبة كافة الأسواق، وقال quot;الرقابة الحكومية تبذل جهدًا جيدًا، ولكن مع العدد والعتاد غير المناسب، 100 مراقب في محافظات الضفة الغربية، نحن في وضع لا نحسد عليهquot;.
وأضاف: quot;في ضوء عدم توفر إمكانيات مقبولة لجمعية حماية المستهلك الفلسطيني مالية ومعنوية، فإن هذا الأمر يؤثر سلبًا على مشاركة المجتمع المدني في الجهد المطلوب لمحاربة الاغذية الفاسدةquot;.
وبين أن القول الفصل يجب أن يكون لدى القضاء الفلسطيني بحيث يتم تكييف قضايا الجرائم الاقتصادية مع قانون حماية المستهلك الفلسطيني عام 2005 وليس على أساس قانون العقوبات لعام 1960، ويجب أن ينظر القضاء في القضايا بالسرعة القصوى، وأن يتم البت فيها ونشر اسماء المتهمين بارتكاب جرائم اقتصادية منها الاغذية الفاسدة، حتى تشكل رادعًا لكل من تسول له نفسه بتسميم الناس والاضرار بهم.
وحذر هنية، من اتساع الظاهرة في شهر رمضان المبارك، مشددا على ضرورة تكثيف المراقبة في هذا الشهر الفضيل بحيث نحمي المستهلك ونضبط السوق وننظمه.