يرى محللون أن دول الخليج قادرة على مواجهة تداعيات انخفاض أسعار النفط الخام، فيما تعمل دول منتجة أخرى على كبح تراجع الأسعار على خلفية العرض المرتفع والنظرة المستقبلية المتشائمة للاقتصاد العالمي.


الرياض: تراجعت أسعار الخام إلى أدنى مستويات منذ أربع سنوات، وخسرت منذ حزيران/يونيو ربع قيمتها، وذلك بسبب وفرة العرض وانخفاض الطلب، والتوقعات السلبية لنمو الاقتصاد العالمي. ودفع هذا الوضع أعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط من خارج مجلس التعاون الخليجي إلى الحديث عن خفض الإنتاج لدعم الأسعار.وتنتج دول مجلس التعاون الخليجي، بزعامة السعودية، أكبر مصدر للخام في العالم، 17 مليون برميل من النفط يوميًا، بينها بين 12 و13 مليون برميل يتم تصديرها. وتحصل هذه الدول على 90% من إيراداتها العامة من عائدات النفط. ويضم مجلس التعاون الخليجي السعودية والإمارات والكويت وقطر وسلطنة عمان والبحرين. والسعودية والإمارات والكويت وقطر دول أعضاء في أوبك، وهي تنتج مجتمعة حوالى 16 مليون برميل يوميًا، أي أكثر من نصف إنتاج دول أوبك، الذي يصل إلى 30.5 مليون برميل في اليوم.

&
خارج المجلس التأثير أكبر

وقال الخبير الاقتصادي السعودي عبد الله القويز "لا أعتقد أن دول مجلس التعاون الخليجي تتأثر بعمق بانخفاض الأسعار على المدى القصير، والتأثير على دول أوبك خارج مجلس التعاون الخليجي سيكون أكبر بكثير".
أضاف هذا المسؤول النفطي السابق في مجلس التعاون إن "غالبية دول مجلس التعاون كوّنت تحوطات مالية صلبة، تسمح لها بالتعامل مع التداعيات، وجميع الدول الخليجية احتسبت ميزانية على أساس سعر 80 دولارًا للبرميل أو أقل". وارتفعت عائدات دول مجلس التعاون الخليجي، لاسيما النفطية منها، من 366 مليار دولار في 2009 إلى 729 مليار دولار في العام الماضي، بحسب إحصائيات صندوق النقد الدولي ومجموعة كامكو الاستثمارية الكويتية.جمعت هذه الدول احتياطات مالية تقدر بـ2450 مليار دولار، راكمتها خلال السنوات الأخيرة، بفضل ارتفاع أسعار الخام، بحسب معهد المالية الدولية. واعتبر المحلل الكويتي موسى معرفي أن دول الخليج "في موقع صلب للصمود بضع سنوات" إذا ما اندلع خلاف حول مستويات الإنتاج.وقال معرفي، الذي كان في السابق عضوًا في المجلس الأعلى للبترول في الكويت، إن "السعودية وغالبية دول مجلس التعاون... قادرة على مواجهة الضغوطات التي تمارس من أجل خفض الإنتاج، وبالتالي خسارتها حصة من السوق".
&
تجاهل دعوات خفض الإنتاج

وفي تقرير، أصدره أخيرًا، اعتبر صندوق النقد الدولي أن دول الخليج قادرة على الاستمرار في برامجها الإنفاقية على المدى القصير. وفي مؤشر إلى تصميمها على الحفاظ على حصتها من السوق، خفضت السعودية ودول خليجية أخرى سعر الخام، الذي تسمله إلى الأسواق الآسيوية، وتجاهلت الدعوات إلى خفض الإنتاج أو إلى عقد اجتماع طارئ لأوبك.وقال القويز إن "التصريحات التي أعلنتها السعودية لا تظهر أي مؤشر إلى استعدادها للتخلي عن جزء من إنتاجها من أجل تهدئة الأسواق". على العكس من ذلك، رفعت السعودية إنتاجها اليومي خلال أيلول/سبتمبر إلى 9.73 مليون برميل، حسبما أعلنت في الأسبوع الماضي الوكالة الدولية للطاقة، قائلة: "يبدو أن الرياض مصممة على الحفاظ على حجم حصتها من السوق".وقال مات سميث من شنايدر إلكتريك إن السعودية، التي تصدر سبعة ملايين برميل من الخام يوميًا، اعتبرت أنها "مرتاحة لمستوى أسعار عند 90 دولارًا للبرميل"، مضيفًا إن الرياض "مهتمة بحصتها من السوق أكثر من اهتمامها بالأسعار". وتدور أسعار الخام حاليًا حول مستوى 85 دولارًا.
&
شبح العجز

وبحسب وحدة الأبحاث الدولية في بنك إتش إس بي سي، فإن السعودية تملك ما يكفي من التحوطات المالية للاستمرار في مستوى الإنفاق الحالي نفسه لثلاث سنوات. واتفق القويز ومعرفي على أن إمكانية انخفاض الأسعار إلى مستوى 70 دولارًا للبرميل قائمة، وهي مستويات ستلحق أضرارًا أكبر بكثير بالدول المنتجة للنفط خارج مجلس التعاون الخليجي، لاسيما روسيا وإيران.
إلا أن صندوق النقد الدولي حذر من أن الأسعار الحالية قريبة من السعر المرجعي، الذي تعتمده دول الخليج لاحتساب ميزانياتها، وبالتالي فإن أي انخفاض إضافي سيدخل هذه الدول في دائرة العجز.
&