توقع تقرير "الشال" الأسبوعي أن لا تنخفض أسعار النفط عن 70 دولاراً للبرميل، وهي تكلفة الانتاج التقليدي، مستعرضاً الأزمات المالية والنفطية التي مر بها العالم منذ عام 1929 مستخلصاً منها العبر التي قد تفيد في الخروج من الأزمة الراهنة.
&
إيلاف من الكويت: لمواجهة أزمة ضعف سوق النفط الحالية اقترح تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي ثلاث ترتيبات تتعلق بالكويت يمكن أن تكون شبكة أمان تقي من السقوط الحر والمؤلم.&
&
واستعرض التقرير الأزمات المالية والنفطية التي مر بها العالم منذ عام 1929 ونتائج كل أزمة، مستخلصاً منها العبر التي قد تفيد في الخروج من الأزمة الحالية.
&
الكساد العظيم 1929 وأزمة 2008
بدأ تقرير الشال باستعراض الأزمات المالية والنفطية السابقة بقوله، أنه عندما حدثت أزمة الكساد العظيم في أكتوبر من عام 1929، فقدت الإدارات العامة على مستوى العالم توازنها، واستقرت في نهج راوح بين إنكار حدوثها وبين التشفي، أو استخدامها لكسر خصوم الداخل أو الخارج. وكانت النتائج كارثية، ولم تنته سوى بانتهاء حرب عالمية عظمى بعد نحو 17 عاماً.
&
وعندما حدثت أزمة عام 2008 والتي كان من الممكن أن تأخذ نفس المسار الكارثي، استرجعت الإدارات العامة كل دروس أزمة الكساد العظيم في الداخل ومع الخارج، والتحم الأضداد وخرج العالم بأقل خسائر ممكنة وبنمو سالب لاقتصاده لسنة واحدة فقط.
أزمات سوق النفط
وعندما حدثت أزمة سوق النفط في أواسط الثمانينات، ارتكبت الإدارات العامة في الدول المنتجة للنفط كل الخطايا مثل الإنكار، والاستمرار في الهدر على مستوى النفقات الجارية والمتكرر منها، وحتى حرب الإنتاج النفطي بين دولها، والكذب في حجم احتياطيات النفط،، حتى كسرت الأسعار حاجز الـ10 دولارات أميركي للبرميل بعد ما انفرطت أوبك في ديسمبر 1985، وأصبح استقرار بعض دول المنطقة في خطر حقيقي، وتدخلت الولايات المتحدة الأميركية بزيارة للمنطقة من نائب رئيسها وأعادت أوبك للالتئام وأوقفت تدهور الأسعار.
&
وعندما حدثت أزمة سوق النفط الثانية التي بلغت مداها مع أزمة نمور آسيا في أكتوبر 1997، كررت الإدارات العامة نفس خطايا الثمانينات، وهبطت أسعار النفط إلى حافة الـ10 دولار أميركي للبرميل، وعجزت بعض الدول عن مواجهة التزاماتها قصيرة الأجل، وتدخلت الولايات المتحدة الأميركية مرة أخرى لإنقاذها وأقنعت روسيا والنرويج والمكسيك لخفض إنتاجها دعماً لأسعار النفط.&
أزمة النفط الحالية
وفي أزمة ضعف سوق النفط الحالية، أخفقت معظم الإدارات العامة في الإفادة من تحذيرات مبكرة باحتمال أزمة أسعار قادمة. وبالتبعية أهدرت فرصة الوقاية المبكرة. والواقع أنها استمرت في الهدر المسرف وأهدرت جانبا من نجاعة العلاج في الوقت الحاضر.
&
ولكن يظل هناك متسعا من وقت للعلاج، شريطة اجتناب أمرين:
&
الأول هو التوقف عن الاستمرار في إنكار أن هبوط أسعار النفط بنحو 30% عن معدل أسعار نصف السنة الأول يمثل مشكلة حقيقية قد تتحول إلى أزمة غير قابلة للعلاج. والولايات المتحدة الأميركية هذه المرة غير معنية بإنقاذ دول النفط.&
&
والأمر الثاني: هو اجتناب الشعور بالهلع والتصرف بوحي منه، لأن الهبوط هذه المرة ليس بلا سقف أدنى، وحتى إن كسر سقف السبعين دولاراً أميركياً إلى الأدنى في الزمن القصير، سوف يفوقه ويقترب لاحقاً من الثمانين دولاراً أميركياً بعد التضحية ببعض الإنتاج، لأن السبعين دولار أميركي هو السعر الحدي لتكلفة إنتاج النفوط غير التقليدية.
&
سيناريو لاستثمار الضعف الحالي
وطرح التقرير سيناريو حل يتعلق بالكويت، قال بأنه الأكثر احتمالاً للتحقق، ويؤكد وجود مشكلة مالية حقيقية، ولكن مع توفر شبكة أمان تقي من السقوط الحر والمؤلم، ويوفر أرضية لعقلاء الإدارة العامة - إن وجدوا - في تحقيق هدف نافع على المدى القصير وأهداف للمدى المتوسط إلى الطويل. ونقترح استثمار الضعف الحالي في ترتيب طويل الأمد للسياسات المالية المزرية، ونلخصها بالتالي:
&
1-تحصين المالية العامة بتمرير تشريع له حصانة تعديل المواد الدستورية من ضرورة توافق رغبتين وأغلبية خاصة، يتلخص في إصدار موازنات عامة لثلاث سنوات مجتمعة وحظر تقديم أي مقترحات يترتب عليها التزام مالي خلال فترة نفاذها سوى بتلك الشروط الخاصة.
&
2-وضع سقف ملزم للنفقات العامة لا يتعدى دخل النفط عند سقف إنتاج متحفظ، أي منع مسبق لأي اقتراض من الاحتياطي العام بضمان احتياطي الأجيال القادمة.
&
3-التركيز خلال السنوات الثلاث المقبلة على ثلاث محاور أساسية، الأول ربط نفقات الموازنة العامة بما هو نافع أي تحسن جوهري في الخدمات العامة، والثاني إجراء تحقيق مهني وأمين لتسمية مناحي الهدر في الموازنة وإعلانها، والثالث القضاء على ما أصبح بمثابة الوباء، أي الفساد المستشري والفج في كل ركن من أركان الدولة.
&
والعالم مليء بقصص النجاح لدول قامت من ظروف قاسية ودونما موارد مثالها ألمانيا واليابان ونمور آسيا وأوروبا. والنقيض دول متخمة بالموارد المؤقتة وحصدت لعنتها وفوتت نعمتها.&
&
ولعلها فرصة الكويت الأخيرة، وخياراتها واحد من اثنين: إما أن تثبت خلاصة القول المأثور "رب ضارة نافعة"، أو أنها تستمر على ما عودتنا عليه، أي "لا حياة لمن تنادي".&