كان العام 2014 عامرًا بالأحداث الاقتصادية، قمتها التراجع الكبير والمستمر في أسعار النفط العالمية، إلى جانب تداعيات رافقت التطورات الأوكرانية وخفض العقوبات المفروضة على إيران.

بيروت: لم يكن تراجع أسعار النفط نحو 45 بالمئة من شهر حزيران (يونيو) الحدث الاقتصادي الوحيد الذي وسم العام 2014 المشارف على نهايته، رغم أنه الأكبر، إذ شهد هذا العام جملة من التحولات الاقتصادية، من تخفيف العقوبات الاقتصادية على إيران، إلى فرضها على روسيا بسبب قضمها شبه جزيرة القرم، التي كانت أوكرانية.

لا شك في أن التباطؤ الذي يحصل في اقتصادات دول الاتحاد الأوروبي تلعب دورًا بارزًا في أزمات مالية واقتصادية تنتظر العالم عند مفترقات مصيرية، وما سياسة التقشف التي يفرضها الاتحاد الأوروبي إلا خطوة في الاتجاه الصحيح، على الرغم من أنها قرار غير شعبي بامتياز.

تخفيف الخناق عن إيران

في كانون الثاني (يناير)، بدأت الولايات المتحدة وأوروبا بتخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران تنفيذا للاتفاق الأولي بشأن ملفها النووي، وصادق مجلس الشيوخ الأميركي يصادق على تعيين جانيت يلين رئيسة لمجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي، لتكون أول امرأة تتبوأ هذا المنصب. أوروبيًا، قرر أكبر صندوق للتقاعد في هولندا في خلال هذا الشهر مقاطعة البنوك الإسرائيلية وسحب استثماراته المودعة فيها، بسبب تمويلها الاستيطان وفتح فروع لها في المستوطنات.

وشهد هذا الشهر أيضًا تاثر الاقتصاد التركي بأزمة داخلية وقعت فيها انقرة، تمثلت بفضيحة سياسية ومالية، هزت حكومة رجب طيب إردوغان، اتهم فيها أركان في حزبه العدالة والتنمية، ردّها هو إلى مؤامرة حبكها القطب الاسلامي فتح الله غولن المستقر في الولايات المتحدة. وهذه الأزمة شدّت الليرة التركية إلى أدنى مستوياتها التاريخية مقابل الدولار.

رفع سقف الاقتراض الأميركي

في شهر شباط (فبراير)، تفاعل تخفيف العقوبات الغربية على طهران، فاستقبلت وفدًا تجاريًا فرنسيًا هو الأكبر منذ أعوام، في ما كان دليلًا على مضي الغرب قدمًا في التغاضي عن التعنت الإيراني مقابل التراجع الذي سجلته الادارة الأميركية، تحت وقع التهديدات الإسرائيلية بضرب المنشآت النووية الإيرانية. وعلى الجبهة الأميركية ايضًا، أقر مجلس النواب مشروع قانون يرفع سقف الاقتراض أمام إدارة باراك أوباما لمدة عام واحد، تفاديًا لخطر التخلف عن سداد الديون.

وفي هذا الشهر، توصلت دبي لاتفاق على تمديد أجل دين بقيمة عشرة مليارات دولار كان المركزي الإماراتي قدمها لها ليعينها على تجاوز تداعيات الأزمة المالية العالمية.

نكسة البورصة المصرية

ابتدأ شهر آذار (مارس) بهلع اصاب الأسواق الآسيوية والأوروبية، عندما لاح احتمال التدخل الروسي في أوكرانيا. كما شهد هذا الشهر تجميد شركة بريتش بترولوم البريطانية خططها للتنقيب البري في حوض غدامس في ليبيا بسبب التدهور الأمني الحاصل في البلاد، وطرح الحكومة الفلسطينية غطاء دوليًا للتنقيب عن النفط في مناطق في الضفة الغربية.

كما اصيب الاقتصاد المصري بنكسة كبيرة، تمثلت بتكبد البورصة المصرية خسائر فادحة، قدرت بنحو 4,6 مليارات دولار في ثلاثة أيام، بعد إعلان وزير الدفاع المصري آنذاك عبد الفتاح السيسي ترشحه لانتخابات الرئاسة المصرية، بينما استأنفت الحكومة المصرية مباحثات لإنشاء منطقة للتجارة الحرة مع الاتحاد الجمركي الذي تهيمن عليه روسيا.

وفي هذا الشهر أيضًا، بعد مرور 3 أعوام على اندلاع الثورة السورية، قدر النظام السوري الأضرار التي حلت بالبلاد بنحو 31 مليار دولار.

خفض تصنيف روسيا الائتماني

في نيسان (أبريل)، تأثر الاقتصاد الروسي بالعقوبات الغربية المفروضة عليها، إذ خفضت وكالة ستاندرد آند بورز التصنيف الائتماني لروسيا. وتزامن هذا مع اندلاع الاحتجاجات الأوكرانية في كييف، والتي أطاحت تاليًا بالرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش.

أما أيار (مايو)، فشهد موافقة صندوق النقد الدولي على خطة مساعدة لأوكرانيا، بقيمة 17 مليار دولار، بعد تحذيره من عواقب اقتصادية عالمية محتملة للأزمة الأوكرانية. وتزامن هذا مع توقيع روسيا اتفاقية طاقة ضخمة مع الصين، قيمتها 400 مليار دولار، تقضي بتزويد بكين بالغاز الروسي على مدى ثلاثين عامًا.

وفي هذا الشهر، قررت البرتغال الخروج من برنامج الإنقاذ المالي الذي أشرف عليه الدائنون الدوليون، وبلغت قيمة المساعدات الخليجية النفطية لمصر 2,5 مليار دولار في الثلث الأول من العام 2014، كما قفز الإنتاج الأميركي من النفط الخام إلى أعلى مستوى له منذ 28 عامًا، بفضل زيادة إنتاج النفط الصخري.

هبوط الذهب

كان شهر حزيران (يونيو) فقيرًا بالأحداث الاقتصادية. ففي خلاله، بدأت أوكرانيا وروسيا محادثات لتسوية النزاع بشأن سعر الغاز الروسي، وهو أحد أوجه توتر علاقات البلدينن كما شهد سعر الذهب هبوطًا كبيرًا في أسواق آسيا.

وفي تموز (يوليو)، أكد صندوق النقد الدولي أن العقوبات المفروضة على الاقتصاد الروسي بسبب الأزمة الأوكرانية أوقفت نموه. كما فرضت الولايات المتحدة عقوبات واسعة النطاق على روسيا، طالت بنك غازبروم وشركة روسنفط النفطية وبنوك وشركات كبرى أخرى للطاقة والصناعات العسكرية.

ووقع قادة مجموعة بريكس للاقتصادات الناشئة اتفاقًا في البرازيل لإنشاء بنك جديد للتنمية وصندوق لاحتياطيات الطوارئ، ورفعت الحكومة المصرية أسعار الوقود بنسبة 78 بالمئة، ما أدى إلى اندلاع احتجاجات شعبية واسعة رافضة.

وفي آب (اغسطس)، دشنت مصر مشروع حفر قناة موازية لقناة السويس بكلفة أربعة مليارات دولار، واختارت اتحاد شركات يضم القوات المسلحة لإقامة منطقة صناعية ومركز عالمي للإمداد والتموين في منطقة قناة السويس. وفي الشهر نفسه، دعت رابطة البنوك الروسية البنك المركزي الروسي لاتخاذ إجراءات لتشجيع التمويل الإسلامي للتغلب على الصعوبات الناتجة من العقوبات الغربية.

قطر والامارات أسواق ناشئة

في أيلول (سبتمبر)، دعا عشرات النواب الأردنيين حكومة بلادهم إلى الامتناع عن توقيع اتفاقية لاستيراد الغاز من إسرائيل، فيما هبط خام برنت القياسي لأدنى مستوى له في عامين، إلى ما دون 97 دولارًا للبرميل، بسبب وفرة العرض وضعف الطلب العالميين. كما انخفض سعر الذهب لأدنى مستوياته في ثمانية أشهر، نتيجة توقعات بأن يرفع البنك المركزي الأميركي أسعار الفائدة في 2015، ونتيجة صعود الدولار.

وأعلن البنك المركزي المصري الانتهاء من جمع 8,5 مليارات دولار لتمويل توسيع وتنمية قناة السويس، عبر طرح شهادات استثمار للبيع للمصريين.

ورفعت ستاندرد آند بورز تصنيف سوق الأسهم القطرية والإماراتية من المؤشرات المبتدئة إلى الأسواق الناشئة. وبدأ البنك المركزي الصيني ضخ 81 مليار دولار في البنوك التجارية الخمسة الكبرى التابعة للدولة، لتعزيز النمو المتراجع في العامين الماضيين.

أوروبيًا، رفض الاسكتلنديون الانفصال عن المملكة المتحدة، فارتفعت الأسهم الأوروبية والجنيه الإسترليني في الأسواق العالمية، وصارت اليونان ثالث دولة في منطقة اليورو تسعى للخروج من برنامج الإنقاذ الذي يرعاه الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي.

النفط يهوي

في شهر تشرين الأول (اكتوبر)، أعلنت واشنطن أن عجز الموازنة الاتحادية للعام 2014 بلغ أدنى مستوياته في ستة أعوام، وانهى مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي برنامجه الشهري لشراء السندات نتيجة بروز مؤشرات على تعافي الاقتصاد الأميركي. كما حقق الاقتصاد الصيني نموًا بطيئًا في الربع الثالث من 2014، وتوقع صندوق النقد الدولي ركود اقتصاد العراق بنسبة 2.7 بالمئة لأول مرة منذ العام 2003، بعد أن سيطر تنظيم الدولة الاسلامية على مساحات واسعة من البلاد.

في& شهر تشرين الثاني (نوفمبر)، توقع البنك المركزي الروسي أن يصل حجم حركة هروب الرساميل من البلاد إلى 128 مليار دولار في 2014 نتيجة الأزمة الأوكرانية، وانخفض سعر النفط بأكثر من ستة دولارات في يوم واحد عقب إعلان منظمة أوبك قرارها إبقاء حجم إنتاجها النفطي البالغ ثلاثين مليون برميل يوميًا، وهو أكبر انخفاض يومي له منذ العام 2011.

وفي هذا الشهر، وقعت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان العراق اتفاقًا نهائيًا يضع حدًا للخلافات بينهما بشأن الموازنة وصادرات النفط.

أما في كانون الأول (ديسمبر)، عبر صندوق النقد الدولي عن خيبة أمله لعدم إقرار الكونغرس إصلاحات مقترحة تفضي إلى تغييرات بقوة التصويت لفائدة الاقتصادات الصاعدة، وشهدت مؤشرات البورصات الخليجية انخفاضًا كبيرًا جراء عمليات بيع وصفت بالمذعورة نتيجة تهاوي أسعار النفط العالمية.