أخذت المرأة الخليجية تحتل مقعدًا دائمًا في مجالس إدارات الشركات، فبيدهن أموال تجعلهن يضطلعن بمسؤوليات أكبر ويشاركن أكثر في صنع القرار ويكتسبن معرفة أكبر.


الرياض: بدأت أمينة الرستماني حياتها المهنية في دبي قبل 13 عامًا كمهندسة كهرباء في الإمارات، واصبحت اليوم واحدة من رائدات هذا المجال في الشرق الأوسط. فقد منحها نجاحها ثقة مكّنتها من اعتلاء سلم المهنة وتخطي الحواجز، في مجال يهيمن عليه الرجال.

واليوم، الرستماني هي المديرة التنفيذية لقطاع الإعلام في مؤسسة تيكوم للاستثمار، إحدى شركات مجموعة يملكها حاكم دبي، وتدير مجمعًا يضم تسع مناطق أعمال، وتقف في طليعة مطامح اقتصادية تصبو إليها الإمارة في تكنولوجيا المعلومات والعلوم والتعليم.

تحول فعلي
بحسب تقرير لوكالة رويترز، حققت الرستماني تحولًا فعليًا في مناخ الأعمال، ما أتاح للمرأة الانضمام تدريجيًا إلى مجالس الإدارات، وتولّي مناصب أخرى ذات سطوة اقتصادية، في المنطقة التي شهدت أعلى مستوى في قطاع الأعمال في بلد خليجي عربي على نحو أبرز.

وبالرغم من أن جلوس النساء على مقعد إدارة الشركات لا يزال نادرًا في الشرق الأوسط، فإن تنامي الثروات وارتفاع مستويات تعليم النساء والجهود الحكومية للمساواة في فرص العمل ييسّر على المرأة توليها مناصب تنفيذية عليا وكسر التمييز بحقها.

فقد اعتمد محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس وزراء الإمارات حاكم دبي في كانون الأول (ديسمبر) 2012 قانونًا يلزم الإدارات الحكومية والشركات المتصلة بها بتمثيل نسائي في مجالس إدارتها. لم يحدد القرار موعدًا لذلك، لكن كثيرين يرون أن الالتزام بالقانون سيكون تدريجيًا.

وبحسب رويترز، أظهرت دراسة نشرتها شركة جرانت ثورنتون الاستشارية في آذار (مارس) الماضي أن المرأة تتولى 14 بالمئة من المناصب الإدارية العليا في الإمارات، وهذه النسبة أقل من المتوسط العالمي، البالغ 24 بالمئة، لكنها أعلى من نسبة 9 بالمئة في اليابان، و10 بالمئة في هولندا، و13 بالمئة في سويسرا.

تطور في السعودية
تأتي السعودية في مرتبة التالية بعد الإمارات من منطلق التقاليد المحافظة، بالرغم من كون اقتصادها الأكبر خليجيًا. فالمرأة السعودية تحتاج إذنًا من ولي أمرها قبل السفر إلى الخارج أو فتح حساب مصرفي. كما هناك فصل بين الجنسين في الشركات والإدارات الحكومية.

وتشهد المملكة بوادر تغيير إيجابية. ففي آذار (مارس) الماضي، أعلنت مؤسسة الأهلي المالية، التابعة لأكبر بنك في السعودية، عن تعيين سارة السحيمي رئيسًا تنفيذيًا، لتكون أول سيدة ترأس مصرفًا استثماريًا في المملكة. وكانت السحيمي تشغل منصب رئيس إدارة المحافظ في جدوى للاستثمار في السعودية.

أما لبنى العليان، سيدة الأعمال السعودية والرئيسة التنفيذية لشركة العليان المالية، فورد اسمها في قائمة مجلة فورتشن لأكثر النساء نفوذًا في قطاع الأعمال للعام 2013، والتي ضمت 50 اسمًا، هيمنت عليها نساء غربيات. ودعت العليان رؤساء الشركات في الدول العربية إلى توظيف النساء، quot;لأن المنطقة بحاجة إلى التطويرquot;.

نمو يدفع إلى التغيير
قدرت الماسة كابيتال ثروات نساء الشرق الأوسط ككل بحوالى 690 بليون دولار في العام 2012، بعد نموها بمعدل 8 بالمئة في المتوسط سنويًا خلال الأعوام السابقة، وهو معدل أسرع بقليل من الزيادة في معدّل ثراء الرجال.

ونقلت رويترز عن شايش داش، الرئيس التنفيذي للماسة كابيتال، قوله: quot;ثروة النساء هنا ربما تصل إلى 930 بليون دولار بحلول العام 2017، وبدأنا نرى المستثمرات يضطلعن بمسؤوليات أكبر، ويشاركن أكثر في صنع القرار، ويكتسبن معرفة أكبرquot;.

وأقام بعض البنوك، مثل بنك دبي الإسلامي ومصرف الإمارات الإسلامي، فروعًا للنساء فقط، بهدف زيادة القدرة على المنافسة في أسواق خدمة الأفراد المصرفية المكتظة في البلاد، وهو ما يتيح فرص عمل للنساء، وتولي مناصب عليا، لكن فرص جلوس المرأة على المقاعد الإدارية العليا مازالت ضعيفة.

ويقول صندوق النقد الدولي إن المرأة تمثل نصف القوة العاملة على مستوى العالم، لكن النسبة تنخفض إلى 20 بالمئة في الشرق الأوسط. غير أن السياسات الحكومية تشجّع المزيد من النساء على العمل، إذ إن دولًا مثل السعودية والإمارات استثمرت ببلايين الدولارات بهدف تحسين أنظمة تعليم المرأة.

ففي السعودية، تروّج وزارة العمل وبعض أفراد الأسرة الحاكمة لفكرة عمل المرأة، كوسيلة لتخفيف التوترات الاجتماعية الناجمة من ارتفاع معدلات البطالة بين المواطنين.

تعليم وتحفيز
تسافر آلاف الشابات السعوديات خارج المملكة في كل عام للدراسة في جامعات أميركية وأوروبية كبرى على نفقة الحكومة السعودية. ولدى عودتهن إلى الوطن، يكنّ أقل ميلًا من الأجيال السابقة إلى قبول العيش بلا عمل.

ويدفع النمو الاقتصادي دول الخليج إلى تنويع مصادر الدخل، بعيدًا عن النفط، وتطوير قطاعات الخدمات الواسعة، الأمر الذي يتيح مزيدًا من فرص العمل للنساء خارج القطاع النفطي، والذي يهيمن عليه الرجال.

ومن بين القيادات النسائية في قطاع الأعمال في المنطقة الرئيسة التنفيذية لبنك الكويت الوطني شيخة البحر، ورئيسة مجموعة شركات الحميضي سعاد الحميضي.

وأمام دول الخليج شوط طويل يجب أن تقطعه قبل أن تصل إلى حصص تمثيل المرأة في مجالس إدارات الشركات في دول مثل النروج، الرائدة هذا المجال، والتي تفرض الآن تمثيلًا نسائيًا بنسبة 40 بالمئة على الأقل، في مجالس الإدارة.