أثارت قرارات حكومة ابراهيم محلب، رفع أسعار الغاز الطبيعي حالة من السخط والغضب بين المصريين، لا سيما أنها تستهدف الشرائح الفقيرة منهم، ولم تمس الأثرياء. وانتقد سياسيون مؤيدون ومعارضون القرارات، كما انتقدها المرشح الآخر حمدين صباحي، بينما إلتزم السيسي وحملته الإنتخابية الصمت. يأتي هذا في الوقت الذي تنوي فيه الحكومة رفع أسعار الكهرباء والمياه أيضاً.


القاهرة: وفقا لقرار محلب المفاجئ، رقم 636 لسنة 2014،quot;يحدد سعر الغاز الطبيعي المستخدم في المنازل والنشاط التجارى المعدل للاستخدام المنزلي، وفقًا للشرائح الاستهلاكية الآتية، حتى 25 مترًا مكعبًا يكون سعره 40 قرشًا للمتر المكعب، ما يزيد عن 25 وحتى 50 مترًا مكعبًا، يكون السعر 100 قرش للمتر المكعب، ما يزيد عن 50 مترًا مكعبًا يكون سعره 125 قرشا للمتر المكعبquot;.وقال مصدر مسؤول في وزارة البترول لـquot;إيلافquot; إن رفع سعر الغاز للمنازل يأتى ضمن خطة لترشيد استهلاك المواد البترولية، وخفض الدعم الذي بلغ فى ميزانية العام الماضى نحو 128 مليار جنيه، وسط توقعات بأن يصل في نهاية العام المالي الجاري إلى نحو 140 مليارا.

وأوضح المصدر أن الوزارة لديها عدة سيناريوهات لخفض الدعم، تتضمن زيادة سعر الغاز للمنازل مع تحديدها بشرائح مراعاة لمحدودي الدخل، خاصة أن أغلب المنازل تقع ضمن الشريحة الأولى التى يتراوح استهلاكها شهريا بين 25 و50 مترا مكعبا، لتكون المحاسبة وفقا للأسعار الجديدة.وكشف المصدر أن الحكومة تنوي أيضاً زيادة سعر بنزين 80 مع تحسين كفاءته، ليصبح بنزين 85، ورفع سعره من 85 قرشا إلى 185 قرشا، ورفع سعر بنزين 92 من 185 إلى 285 قرشا، مشيرا إلى أن رفع سعر بنزين 92 فقط سيؤدي إلى خلل كبير وزيادة فى الطلب على بنزين 80، وربما تظهر سوق سوداء لبيعه. ولفت إلى أن الحكومة تدرس أيضاً رفع أسعار السولار من 110 قروش إلى 200 قرش، في محاولة لتخفيف الضغط عليه، خاصة أنه يستحوذ على أكثر من 50% من مخصصات الدعم سنويا، وبقيمة تتجاوز 60 مليار جنيه سنويا.
وانتقد سياسيون وخبراء أقتصاديون مصريون القرار، متوقعين أن يثير غضب الفقراء في مصر، وقال الدكتور صلاح جودة، الخبير الإقتصادي، لـquot;إيلافquot; إن القرار ضد مصلحة الفقراء، مشيراً إلى أنه سوف يثير غضبهم، وقد يدفعهم للخروج إلى الشوارع في تظاهرات. وأضاف إن الحكومة بإمكانها توفير 65 مليار جنيه إذا رفعت دعم الطاقة عن المصانع كثيفة الإستهلاك، وهي قطاعات الإسمنت والحديد والسيراميك والألمنيوم. ولفت إلى أنها بإمكانها أيضاً توفير 22 مليار جنيه أخرى في حالة توصيل الغاز الطبيعي إلى مصانع الطوب. وانتقد ما وصفه بازدواجية المعايير في تعامل الحكومة مع الأسعار في مصر، موضحاً أنه في الوقت الذي ترفع فيه أسعار الغاز على الفقراء، فإنها تدعمه لرجال الأعمال أصحاب مصانع الإسمنت والحديد، وتترك لهم حرية بيع منتجاتهم بأسعار أغلى من المتعارف عليها عالمياً.
القرار أيضاً، يفتقد إلى الرؤية السياسية، وقال ابو العز الحريري، القيادي اليساري، إن هذا القرار يؤكد أن الحكومات المتعاقبة في مصر تفتقد للرؤية في معالجة المشكلات، مشيراً إلى أنها جميعاً تسير على نهج وسياسات الرئيس الأسبق حسني مبارك. وأضاف ان حكومة محلب اختارت الطريق السهل لمواجهة الأزمات الإقتصادية، وهو رفع أسعار السلع الأساسية المؤثرة ورفع بعض الضرائب وتحميل المستهلك العبء كاملا دون مراعاة الفقراء. ولفت إلى أن هذا التوجه نحو رفع الاسعار إذا حدث فهو اتجاه خاطئ سيؤدى إلى مزيد من الاحتقان الاجتماعى والسياسى فى مصر.
وأضاف أن هذه الخطوة ستكون لها أثار سلبية كبيرة جدا خاصة أن معدلات الفقر والبطالة فى ازدياد مستمر, مشيرا إلى أن رفع أسعار بعض السلع البترولية فى هذا التوقيت يعد قنبلة موقوتة ستمثل إضافة للتظاهرات التي تخرج فى الشوارع ضد النظام الحالي, مشيرا إلى أن هناك شرائح جديدة تحت خط الفقر بمراحل لن تستطيع تحمل مثل هذه القرارات ولم يعد أمامها سوى الخروج في الشوارع لرفضها. واعتبر أن تقليص الدعم قرار يتخذه فقط العاجز عن التفكير الابتكاري والذى لا يشعر بمعاناة رجل الشارع المطحون.
وبينما يغلي الفقراء في مصر، بسبب القرار، وقد لا يتخذون موقفاً إلا بعد عدة أيام عندما يبدأ التطبيق الفعلي، إنتقدته حركات سياسية معارضة، ومنها الجمعية الوطنية للتغيير، التي أسسها محمد البرادعي، نائب رئيس الجمهورية السابق، وقالت في بيان لها، إن القرار quot;ردة عن ثورتي 25 يناير و30 يونيو، وعودة لسياسات نظام مبارك الذي ثار عليه الشعب بسبب تجاهله معاناة الجماهير، وخاصة الطبقات الفقيرةquot;. وتتوقع أن له quot;آثارًا كارثية على الحياة اليومية للمواطنينquot;، مشيرة إلى أنه جرى اتخاذ القرار quot;في غياب الشعب وممثليه وقواه السياسية الحية، في الوقت الذي تتجاهل فيه الحكومة مطالب الجمعية وغيرها من القوى والأحزاب السياسية بضرورة تطبيق الحد الأقصى للدخول وزيادة الضرائب على الأغنياء واسترداد أراضي الدولة من لصوص دولة مبارك، وكذلك استعادة الأموال المنهوبة والمهربة للخارج، وأموال الصناديق الخاصة، فضلا عن تبني خطة تقشف حكومية صارمةquot;.
ودعت الجمعية quot;جميع القوى الثورية والوطنية والأحزاب للانضمام إليها في رفض هذه القرارات والضغط على الحكومة للتراجع عنها، وكذلك التنسيق معها لبحث تنظيم مسيرات وتظاهرات احتجاجية، ودعوة المواطنين إلى الامتناع عن دفع فواتير الكهرباء والغاز والمياه حتى يتم إلغاء الزيادات الأخيرة والتعامل بشفافية ونزاهة واحترام مع المواطنينquot;.حملات شعبية محسوبة على المرشح الرئاسي الأوفر حظاً عبد الفتاح السيسي، انتقدت القرار، ومنها حملة قرار الشعب، معتبرة أن القرار يزيد الأسعار بأكثر من 500%، وأضافت: quot;من الواضح أن حكومة محلب تسعى الى الدخول في صدام مع الشعب بسبب هذه القرارات غير المدروسة لأن الشعب لن يقبلها، فضلا عن أن مثل هذه القرارت يشير الى أن الحكومة لا تعرف شيئا عن معاناة الشعب التي تزداد كل يومquot;.
وقال محمد فارس، مؤسس حملة قرار الشعب في تصريح له تلقت quot;إيلافquot; نسخة منه: quot; ان حكومة المهندس ابراهيم محلب تسير على نفس سياسات الحكومات التي ثار الشعب عليها في 25 يناير و 30 يونيو، ويجب على محلب ادراك خطورة هذه القرارات غير المدروسةquot;. وأضاففارس :quot; أطالب رئيس الوزراء بالتراجع عن قرارات رفع أسعار الغاز المنزلي والكهرباء والمياة قبل فوات الأوان خاصة وأن الشعب لن يلتزم بهذه القرارات التي ستؤدي الى تصعيد من قبل جموع الشعب الذي أصبح غير قادر على مستلزمات الحياة بسبب غلو الأسعار الناتج عن تراخي الحكومة في ضبط الأسعار والأسواقquot;.وأكد فارس أن هذه القرارت التي وصفها بـquot;غير المدروسةquot; تشير الى أن الحكومة الحالية تنحاز مثل سابقيها من الحكومات الى رجال الأعمال وليس الشعب، مما يعني أنها تسير في الاتجاه المعاكس للثورة التي أطاحت بكل من مبارك ونظامه ومرسي وجماعتهquot;.
ووصف التيار الشعبي، الذي أسسه المرشح الرئاسي حمدين صباحي القرار، بأنه quot;إستكمال لمسيرة ظلم المواطن المصري الفقير المطحون تحت سوط الفساد والغلاء خلال الفترة الماضية التي بدأت برفع سعر إسطوانات البوتاغاز بنفس النسبة تقريبا منذ أكثر من عامquot;. وأضاف: quot;كانت العدالة أيضا تقتضي - قبل التفكير في إلغاء دعم الفقراء- إلغاء دعم الطاقة التي تتمتع به الشركات كثيفة الإستخدام للطاقة والتي تبيع بالأسعار العالمية فتحقق هوامش ربحية خيالية لا مثيل لها وكأن مواطني مصر الفقراء هم الذين يدعمون أغنياءها لا العكسquot;.وحمل حمدين صباحي المرشح الرئاسي نفسه، بشدة على الحكومة، وقال: quot;الحل في إلغاء الدعم الموجه للأغنياء..قرار الحكومة برفع أسعار الغاز المنزلي, يمثل استمرارا لتحميل الفقراء ضريبة سياسات الفساد والظلم الاجتماعيquot;.وفي الوقت الذي انتقد صباحي القرار، إلتزم المرشح الرئاسي الأوفر حظاً، عبد الفتاح السيسي، الصمت، فلم تصدر عنه أو عن حملته الرسمية أية تصريحات بهذا الخصوص.