قررت لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي المصري رفع سعري العائد على الإيداع والإقراض، بواقع 100 نقطة أساس لیصل الى 9.25% و10.25% على التوالي، أي بمعدل 1%، بهدف الحفاظ على استقرار سعر صرف الجنيه المصري مقابل العملات الأخرى. لكن الإقتصاديين يقللون من أهمية هذا الاجراء.

&
صبري عبد الحفيظ من القاهرة: في خطوة مفاجئة، قررت لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي المصري رفع سعري العائد على الإيداع والإقراض، بواقع 100 نقطة أساس لیصل الى 9.25% و10.25% على التوالي، أي بمعدل 1%، بهدف الحفاظ على استقرار سعر صرف الجنيه المصري مقابل العملات الأخرى، ولاسيما الدولار الأميركي، خاصة بعد رفع أسعار الوقود والغاز، ما تسبب بارتفاع نسبة التضخم.
&
يأتي ذلك في ظل إرتفاع ملحوظ في أسعار صرف الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي، واشتعال أسعاره في السوق السوداء بشكل غير مسبوق. ويرى خبراء أن القرار مجرد مسكن موقت للأوضاع النقدية المتدهورة.
&
بسبب التضخم الذي نتج من رفع الحكومة الدعم جزئياً عن أسعار الوقود والغاز الطبيعي والكهرباء، قرر البنك المركزي المصري، رفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقتراض بمعدل 1%، لتستقر عن حد 9.75%. ويعد هذا القرار الأول منذ أربعة أشهر شهد تثبتاً لسعر الفائدة، والأول منذ شهر مارس/ آذار 2013، بعد أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة على الإيداع والإقتراض بواقع 50 نقطة.
&
ويرجع خبراء إقتصاديون القرار إلى رغبة البنك المركزي في تخفيف حدة التضخم، وحماية الجنيه المصري من الإنهيار. وقال الدكتور مختار الشريف، الخبير الإقتصادي، لـ"إيلاف" إن قرار البنك المركزي من صميم عمله، مشيراً إلى أن من مهام البنك ضبط السياسة النقدية للدولة. وأضاف أن القرار يأتي كخطوة نحو تقليل نسبة التضخم في السوق المصرية، موضحاً أن القرار يرفع تكلفة الإقتراض على فئة التجار والمنتجين، ويحفز فئة أخرى من المجتمع على الإدخار وإيداع أموالها في البنوك، للحصول على عائد أكبر.
&
ولفت إلى أن نسبة التضخم في مصر مرتفعة، مشيراً إلى أن البنك المركزي يعلنها من وقت لآخر، متوقعاً أن تكون وصلت إلى 13% في المرحلة الراهنة.&
ويستبعد الشريف أن يكون هناك تأثير مباشر للقرار على ثبات سعر صرف الجنيه المصري مقابل العملات الأخرى، لاسيما الدولار الأميركي. وقال إن &القرار يوازن بين مصلحة المنتجين والمستهلكين، ويحفز على الإيداع بالعملة المصرية. ولفت إلى أن القرار يهدف إلى إستقرار الوضع النقدي وليس الإقتصادي بشكل عام.
&
ويأتي القرار المصرفي في وقت تشهد فيه مصر إرتفاعاً ملحوظاً في أسعار السلع الغذائية وتعريفة وسائل النقل، لاسيما بعد نحو أسبوعين من قرار الحكومة رفع أسعار المحروقات، والغاز الطبيعي والكهرباء. ما أصاب المصريين بحالة من الغضب.
&
ولم تفلح قرارات مصرفية سابقة في كبح جماح الدولار الأميركي أمام الجنيه المصري. وتشهد العملة المصرية تدهوراً ملحوظاً أمام الدولار، وبلغ سعر صرف الدولار الأميركي 7.14 جنيهات للشراء، و 7.18 جنيهات للبيع. بينما تشتعل السوق السوداء للدولار في أنحاء الجمهورية، ولاسيما العاصمة القاهرة، والإسكندرية والمدن التجارية. ويتراوح ما بين 7.70 و7.35 جنيهات. ويقبل المصريون على بيع الدولار في السوق السوداء، التي نشطت بشكل واسع في منطقة وسط القاهرة. كما نشأت سوق سوداء على شبكة الإنترنت.
&
ويرى الدكتور عادل عامر، مدير مركز المصريين للدراسات الإقتصادية والسياسية، أن القرار "مجرد مسكن موقت"، وقال لـ"إيلاف"إن القرار يهدف إلى الحفاظ على ثبات الجنيه المصري داخل الودائع الدائنة والمدينة، مشيرا إلى أن الودائع الدائنة تتمثل في أرصدة المودعين لدى البنوك، أما الودائع المدينة فتتمثل في القروض التي يحصل عليها العملاء من البنوك. وأوضح أن النسبة التي ارتفعت بها الفائدة على الودائع تقدر 25.%، وعلى القروض بلغت 75.%.
&
ولفت إلى أن القرار يهدف إلى إيقاف نزيف الجنيه المصري مقابل العملات الأخرى، لاسيما أنه وصل إلى 7.15 جنيهات مقابل الجنيه في البنوك، موضحاً أن البنك يتوقع أن تزيد الودائع بالجنيه المصري في البنوك، بما يساهم في ثباته أمام العملات الأخرى.
&
وذكر عامر أن هذا القرار لن يساهم في إنعاش الإقتصاد أو العملة المصرية، معتبراً أنه "مجرد مسكن موقت، وليس علاجا شافيا"، وقال إن الإنتاج وزيادة التحويلات النقدية بالعملة الأجنبية، ولاسيما الدولار الأميركي، من تحويلات المصريين في الخارج أو داخل قناة السويس أو السياحة، هي السبيل الوحيد لكي يتمكن الإقتصاد المصري من النهوض.
&
ويتوقع الدكتور سمير السعيد، الخبير الإقتصادي، أن ترتفع نسبة التضخم بشكل كبير خلال الفترة المقبلة. وقال لـ"إيلاف" إن قرار البنك رفع أسعار الفائدة بمعدل 1%، يشير إلى أن الدراسات النقدية التي أجراها على السوق المصرية تؤشر على أن نسبة التضخم سوف ترتفع بشكل كبير، وتصل إلى نحو 14%، منوهاً بأن مصر سوف تشهد موجة كبيرة من إرتفاع الأسعار. وتوقع ألا يؤثر القرار في الحد من التضخم، معتبراً أن المصريين لن يستفيدوا منه، بل سيستفيد منه أصحاب الودائع في البنوك فقط، وليس 43% من المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر، وغيرهم ممن يعيشون على حد الكفاف. ولفت إلى أنه لا مفر من العمل والإنتاج وتوفير مناخ جيد للإستثمار، وتنشيط حركة السياحة مرة أخرى.