ارتفع الدين الخارجي في المغرب بنسبة كبيرة جداً فاقت 12 في المائة، بالمقارنة مع نهاية العام 2012. ووصل حجم هذا الدين إلى 224.7 مليار درهم، ما دفع الخبراء والسياسيين إلى التحذير من مغبة ارتهان القرار السياسي إلى المؤسسات المالية الدولية.


أيمن بن التهامي من الرباط: تجاوزت ديون المغاربة الخارجية الخطوط الحمراء، وهو ما جعل أحزابًا في الأغلبية والمعارضة تدق ناقوس الخطر حول الكلفة الاقتصادية والسياسية لهذا الارتفاع.

غير أن الحكومة، التي يقودها عبد الإله بنكيران، تنظر إلى الأمر من زاوية مختلفة، إذ تعتبر أن "الخطأ" الذي يمكن أن ترتكبه هو عدم الاقتراض، لأن ذلك يعني غياب الاستثمارات، على حد تعبير محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية، في ندوة صحافية عقدها أخيراً.

ارتفاع فاق 12 في المائة

ارتفع الدين الخارجي المغربي بنسبة كبيرة جدًا فاقت 12 في المائة، بالمقارنة مع نهاية سنة 2012.

ووصل حجم هذا الدين إلى 224.7 مليار درهم، علمًا أن حجم الديون بالأورو الأوروبي يشكل النسبة العليا بـ 73 في المائة، يليها الدولار بحوالي 11 في المائة، ثم الين الياباني بما يقارب 5 في المائة.

وأظهرت إحصاءات وزارة الاقتصاد والمالية، هذا الارتفاع، مؤكدة أن حجم ديون الخزينة، خلال السنتين الأخيرتين، تجاوز سقف 60 في المائة من الناتج الإجمالي، بسبب عجز الموازنة وحاجة الاقتصاد إلى مزيد من التمويلات لتسريع وتيرة التنمية.

ارتفاع بعد تقلّص

وفي تعليق على هذا الموضوع، قال علي لطفي، قيادي نقابي وفاعل سياسي، إن "مستوى المديونية الخارجية وحتى الداخلية بالنسبة للمغرب اليوم، ارتفع بشكل غير مسبوق في تاريخ الحكومات المغربية"، مشيرًا إلى أن هذا الارتفاع يأتي بعد أن لعبت حكومة التناوب التوافقي، التي قادها الزعيم الاشتراكي عبد الرحمان اليوسفي، دورًا كبيراً من أجل التقليص من المديونية التي نزلت إلى حد مقبول، على مستوى المعايير الدولية وما يسمى كذلك بالخطوط الحمراء.

القرار لم يعد بيد الحكومة

تؤرق الفاتورة السياسية التي يمكن أن يدفعها المغرب نتيجة ارتفاع ديونه الخارجية، بال المتتبعين للشأن المحلي.

ويرى علي لطفي في تصريح لـ "إيلاف" أن "القرار السياسي اليوم لم يعد بيد الحكومة في المغرب، بل أصبح بيد المؤسسات المالية الدولية المقرضة، ومنها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وهذا خطير".

لا مفر من التداين

وأضاف القيادي المغربي: "الحكومة فقدت القرار السياسي، وهو ما سيؤدي إلى إلغاء صندوق المقاصة، وإعادة النظر في نظام التقاعد، الذي سيدفع ثمنه من جديد الفقراء والطبقة المتوسطة العاملة".

وأضاف: "خلافاً للتصريح الذي أعلن من خلاله رئيس الحكومة في القناتين (الأولى والثانية) أنه لن يلجأ إلى الاقتراض الخارجي، ولكن سيضطر إلى إعادة النظر في دعم صندوق المقاصة للمحروقات، نلاحظ أن بنكيران كذب على المغاربة ويستمر في الاقتراض من البنك الدولي وبشكل كبير جداً".

وقال: "تجاوزنا اليوم الخط الأحمر المقبول على المستوى الدولي بالنسبة المديونية، كما نسجل تراجعاً، بشكل كبير، للدور الذي يجب على صندوق المقاصة لعبه في دعم أسعار المحروقات، وكذلك مجموعة من المواد الأساسية الغذائية الرئيسية. بمعنى آخر المغرب يعيش أزمة بنيوية هيكلية وكل الشعارات التي رفعتها حكومة بنكيران نرى نقيضها اليوم على مستوى التنفيذ والترجمة على أرض الواقع، ما أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة، والفقر، والأمية".

أزمة مالية هيكلية

رغم تأكيد الوزير بوسعيد على أن السياسة التي ينهجها المغرب تجاه المديونية، هو أنه لا يقترض إلا في حدود حاجياته، وما تفرضه الظروف، إلا أن المحلل الاقتصادي، عبد السلام أديب، يؤكد أن المشكل كبير جدًا، مشيرًا إلى أن "الأزمة المالية العالمية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من المؤسسات الدولية العالمية، ما رفع المديونية بشكل كبير جدًا، في وقت جرى طرد العديد من الطبقة العاملة من التنمية وبالتالي تعمقت البطالة وارتفعت الأسعار".

وقال عبد السلام أديب لـ"إيلاف": "إنها أزمة مالية هيكلية وخطيرة وربما ليست لها حلول. والحلول التي يتم اللجوء إليها تزيد تعميق الأزمة".

وكانت مستويات المديونية متدنية، قبل انفجار الأزمة المالية العالمية في 2008، إذ كانت تشكل في حدود 47.3 في المائة من الناتج الداخلي الخام خلال السنة نفسها، قبل أن يبدأ المنحى التصاعدي في السنوات اللاحقة، إذ انتقلت المديونية إلى 50.3 في المائة سنة 2010، و53.7 في المائة سنة 2011، و59.7 في المائة سنة 2012، لتصل إلى 63.5 في المائة سنة 2013.
&