يعترف البنك الألماني الاتحادي، بعد 12 سنة على التحول من المارك إلى اليورو، بوجود نحو ملياري مارك من العملات الورقية والنقدية احتفظ بها الألمان كتذكارات في بيوتهم، لكن البنك يتحدث الآن عن مبلغ 11 مليار مارك ضائعة.
&
اضطر الألمان 4 مرات في تاريخهم الحديث للتحول من عملة قديمة إلى عملة جديدة، لكن التغير الأخير إلى اليورو، بعد 64 سنة من التعامل به، انتشر مثل الأوبئة بين الناس، وبين المسنين منهم على وجه الخصوص. ومن يقلب &قاموس الأمراض الجديدة في ألمانيا، عدا عن أمراض الكومبيوتر والانترنت، سيجد ان الآلاف يعانون الحنين إلى المارك، وآلافا غيرهم يعانون رهاب اليورو (اليوروفوبيا).
&
ومن حق الناس أن يحنوا إلى زمن المارك لأن الأسعار تضاعفت مرتين أو ثلاثة بعد أشهر قليلة من تحويل المارك الواحد إلى نصف يورو. ففي العام 2002 فقد آلاف الألمان لقبهم كمليونيرية بعد ان تقلص حسابهم بالمارك إلى النصف بين ليلة وضحاها. ويتندر الألمان اليوم بتسمية اليورو بالـ"تويرو" لأن كلمة"توير" تعني الغلاء بالألمانية.
&
وفي دراسة جديدة أجراها معهد "ايمند" لاستطلاعات الرأي، بتكليف من بنك البريد، يتضح ان 45% من الألمان ما زالوا يحتفظون بمبالغ تزيد عن 2 مليار مارك بمثابة تذكارات. وكمعدل تحتفظ كل اسرة بنحو 60 مارك من العملات الورقية والمعدنية، وتحتفظ بعض الأسر بسلة العملة كلها الممتدة بين 1 فينيغ و 200 مارك. ويحتفظ ربع الألمان بمبلغ من الماركات يتراوح بين 20 و50، و17% منهم على 100 مارك كمعدل، ويحتفظ الباقون بمبلغ يقل عن 10 مارك.
&
إلا ان البنك الألماني الاتحادي يفتقد إلى 15 مليار مارك تم اصدارها حتى عام 2002 ولم يعمل المواطنون على تحويلها أو إعادتها. ويمكن الحديث، على هذا الأساس، عن مبلغ 13 مليار مارك ما زالت"دفينة" هنا وهناك في الداخل أو في الخارج.
&
تفشي أمراض العملة
&
ويبدو تأثير أمراض العملة على الألمان واضحاً عند قراءة معطيات الدراسة حول العلاقة بين السن والمارك المكنوز. فنسبة 39% فقط من الشباب تحت سن ثلاثين سنة يحتفظون بشيء من المارك، وهي عملات صغيرة، في حين تحتفظ نسبة 52% من الناس بالمارك من عمر يتراوح بين 30 و59.
&
ويرجح خبراء البنك الاتحادي عدة اشكال قد تفسّر اختفاء هذا المبلغ الكبير، وأولها ان المواطنين لايتحدثون الحقيقة، وانهم يكنزون مبالغ كبيرة لاتخضع للضرائب ويخشون من التصريح بها. إذ لا يمكن تفسير اختفاء هذا المبلغ على أساس الممارسات اليومية مثل إلقاء القطع النقدية في النافورات للتمنيات، أو عند تعرضها للتأكسد أو الضرر. من الممكن أيضاً بالطبع ان يكون آلاف المسنين قد خبّأوها في بيوتهم ثم وافاهم الأجل دون ان يخبروا ورثتهم عنها، أو أنهم هربوها إلى بنوك في الخارج، ثم فاتتهم فرصة استعادتها.
&
يثبت تعلق الألمان بالمارك، ورغبتهم في عودته، ان ثلاثة أرباعهم يودون الاحتفاظ بكامل ما لديهم من عملة، رغم ان بعض هذه المبالغ تزيد عن 100 مارك.
&
ويبدو الرجال أكثر تعلقاً من النساء بالعملة القديمة لأن 32% منهم يودون الاحتفاظ بعملات المارك مقارنة بنسبة 16% بين النساء. وعلى اية حال لا تريد اعادة المارك المخبأ إلى البنك سوى نسبة 22% ممن شملهم الاستفتاء. وفاتت بالطبع فرصة تبديل المارك الآن، لأن البنك الاتحادي، ماعاد يقبل ذلك منذ أكثر من 7 سنوات.
&
أموال مخبأة
&
دليل على صحة السيناريو حول الأموال المخبأة هو تصريح 19% ممن شملتهم الدراسة بأنهم عثروا على مبلغ المارك في السنوات الأخيرة صدفة. مع نسبة 35% من الشباب بين 18-29 سنة اعترفوا بأنهم عثروا على الماركات مخبئة في مكان ما.
&
مثال على ذلك ان سائق حفارة، كان يحفر أساسات مبنى جديد، عثر على كيس مدفون على عمق 2 متر داخل الأرض يحتوي على 100 ألف مارك. وكانت مكافأة سائق الحفارة، رغم تبليغه الشرطة، التحقيق بدعوى التغطية على مبالغ لم تخضع للضرائب. وقال المتحدث باسم الشرطة ان من الطبيعي أن تبحث الشرطة عن مصدر المبلغ، فمن المحتمل ان يكون قد تم كسبه بشكل غير شرعي، أو ان هناك جريمة سطو على مصرف أو محل. فضلاً عن ذلك فقد كانت المبالغ مقسمة في حزم متساوية ومربوطة بشرائط تحمل بصمة واسم أحد البنوك الألمانية.
&
تحول سريع في موقف الألمان
&
تشعر نسبة 34 في المائة من الألمان بالحنين إلى عملتهم القديمة المارك، ويعاني 27 في المائة من المسنين الألمان من "اليوروفوبيا"، بحسب دراسة أجراها معهد أبحاث السوق في لايبزج (شرق). وكان تطوق الألمان الغربيين أكبر لأنهم صوتوا بنسبة 36% مقابل 32% عند الشرقيين. في الوقت ذاته قالت نسبة 55% من الشرقيين ان البقاء على اليورو أو النكوص عنه لا يعنيهم بشيء.
&
&
وتكشف الدراسة، التي نشرت مؤخراً، التحول السريع في آراء الألمان خلال فترة قصيرة من الزمن. إذ كانت نسبة محبذي العودة إلى المارك قبل ستة اشهر لا تزيد عن 20%.
&
اليوم، وبعد انهيار جبهة اليورو على تخوم اليونان والبرتغال، ترى نسبة 52% من الألمان أن توحيد العملة الأوروبية والتحول من المارك إلى اليورو كان خطأ منذ البداية. وهذا يعني أن هذه النسبة زادت بـ9% خلال 6 أشهر أيضاً. ومن المتوقع، مع استمرار أزمة اليورو، أن تتزايد نسب المتذمرين من"التويور".
&
فاتت الآن فرصة تحويل المارك إلى يورو، لأن البنك الاتحادي يرفض ذلك الآن بعد انقضاء المهلة المحددة لذلك، والتي انتهت قبل &6 سنوات. وتقول مصادر البنك الاتحادي ان فروعه على مستوى الولايات تقبل اليوم بتحويل المارك إلى يورو، لكن 13% من الألمان يعرفون بذلك فقط، وتنخفض هذه النسبة إلى الصفر تقريباً بين من تجاوزوا الثمانين.