توقع الأمير عبدالعزيز بن سلمان أن يؤدي ارتفاع مستويات دخل التركيبة السكانية الشابة إلى زيادة قوية في الطلب على البترول، واصفًا التعافي الاقتصادي بأنه هش، وطالبًا رفع الاسعار العالمية لتحقيق التوازن في السوق النفطية.

الرياض: تحت عنوان "رؤى مستقبلية"، انعقدت جلسة النقاش الأخيرة ضمن مؤتمر "الخليج العربي والتحديات الإقليمية"، الأربعاء، بالعاصمة السعودية الرياض، وتوصل المتناقشون إلى أن حجم الطبقة المتوسطة السكانية في العالم سيشهد نموًا خلال العقدين المقبلين من 1,8 مليار نسمة راهنًا إلى 3,2 مليارات نسمة في العام 2020 وإلى 4,9 مليارات نسمة في العام 2030.
&
غالبية من الشباب
وفي هذه الجلسة، توقع الأمير عبدالعزيز بن سلمان، مساعد وزير البترول والثروة المعدنية لشؤون البترول، أن يأتي معظم هذا النمو في دول آسيا، خلافًا لما هو حاصل في دول الغرب، وستكون غالبية الطبقة المتوسطة الناشئة في آسيا شبابًا يتطلعون لزيادة استهلاكهم.
وبرأيه، سيؤدي ارتفاع مستويات داخل التركيبة السكانية الشابة إلى زيادة قوية في الطلب على البترول، حتى بعد الأخذ في الاعتبار ترشيد الاستهلاك واستخدام بدائل للوقود الاحفوري في قطاع النقل.
اضاف الأمير عبدالعزيز بن سلمان: "بالنسبة إلى استهلاك البترول والوقود، فحتى بعض السيناريوهات المتشائمة تتوقع زيادة في الطلب تقارب 20 مليون برميل بحلول العام 2035".
&
تعافٍ هش
ولفت الأمير عبدالعزيز بن سلمان إلى أن تعافي الاقتصاد العالمي ما زال هشًا، رادًا ذلك إلى ظهور مصادر جديدة للمخاطر الجيوسياسية والاقتصادية في أنحاء عدة من العالم، مؤكدًا: "سوق البترول تحتاج إلى سعر مرتفع لتحقيق التوازن بين العرض والطلب، خصوصًا مع زيادة الإنتاج من مصادر جديدة وأكثر صعوبة، مثل الزيوت الرملية والصخرية والبحرية، والزيوت المستخرجة من تحت طبقات الملح في المياه العميقة جدًا، حيث أن هذه المصادر الجديدة للبترول تساعد في وضع حد أدنى لأسعار البترول في الأجل الطويل".
اضاف: "للاستفادة من هذه المصادر البترولية التي تزداد كلفة، يجب أن تكون أسعار البترول مرتفعة بما يكفي لجذب الاستثمارات المطلوبة، أما الوجه الآخر للعملة نفسها، فهو أن الأسعار في الأجل الطويل ستحظى بدعم التكلفة المرتفعة للبرميل الجديد المنتج من هذه المصادر، بناءً على ما أشار إليه الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية المهندس خالد الفالح".

آراء مضللة
وتابع الأمير عبدالعزيز بن سلمان: "اظهرت السوق البترولية إشارات للتحديات المقبلة بخصوص التكاليف المتزايدة والنقص في القوى العاملة وتقلص مناطق تواجد البترول الرخيص والسهل، وبينما شهدت الأسعار الفورية تراجعًا، فإن أسعار بترول برنت للأجل الطويل تتداول حاليًا بأسعار أعلى من السنة الماضية، ودول مجلس التعاون الخليجي ستواصل أداء دور مركزي في ظل النظام المركب للطاقة".
وأردف قائلًا: "أما الآراء القائلة إن الزيت الصخري في الولايات المتحدة سيؤدي إلى تراجع الدور الهام الذي تؤديه المملكة وغيرها من المنتجين بدول مجلس التعاون الخليجي في أسواق الطاقة العالمية خلال القرن الماضي، فليست إلا آراء مضللة".
فبالإضافة إلى حجم احتياطياتها وإنتاجها، أكد الأمير عبد العزيز بن سلمان وجود عامل مفصلي يميز السعودية، "يتمثل في أنها الدولة الوحيدة التي تتمتع بطاقة إنتاجية فائضة قابلة للاستخدام، وفي حال انقطاع الامدادات نتيجة عوامل جيوسياسية أو فنية، وهو ما حدث كثيرًا في الأعوام الأخيرة، عمدت المملكة إلى استخدام فائض طاقتها الانتاجية لتعويض نقص العرض، ما أدى إلى استقرار أسعار البترول بين العامين 2011 و2013".
&
سياسات انعزالية
أضاف: "تاريخيًا، كان اعتماد الولايات المتحدة على الواردات من السعودية متواضعًا، لكن التغييرات في صادرات المنتجين بدول مجلس التعاون إلى الولايات المتحدة تمليها ظروف السوق والاعتبارات التجارية".
وتابع قائلًا إن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تنأى بنفسها عن التقلبات في إمدادات البترول العالمية، "وحتى إذا باتت مكتفية ذاتيًا، فإن انقطاع الإمدادات يمكن أن يظل مكلفًا، ليس فقط من حيث تأثيره المباشر على الاقتصاد الأميركي، بل أيضًا بشكل غير مباشر من خلال تأثيره على شركائها التجاريين".
أضاف: "سيؤدي النقص في الإمدادات إلى التدافع على البترول، ما سينتج عنه ارتفاع الأسعار، ويؤثر ذلك بدوره على الاقتصاد العالمي، ويطال في نهاية المطاف الاقتصاد الأميركي، ولمنع تأثير صدمات انقطاع الإمدادات، على الولايات المتحدة فصل اقتصادها وسوق البترول المحلية عن بقية العالم، من خلال سياسات انعزالية، وهو أمر غير واقعي وغير مجد اقتصاديًا".
&
ظروف حرجة ومخاطر جمة
وكانت فعاليات مؤتمر "الخليج العربي والتحديات الإقليمية" انطلقت الثلاثاء في الرياض، ونظمه معهد الدراسات الديبلوماسية، بالتعاون مع مركز الخليج للأبحاث، وبمشاركة اليمن.
في كلمة الافتتاح، دعا نائب وزير الخارجية السعودي عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز الى التصدي للمخاطر والتحديات التي تحيط بدول الخليج العربي، واتباع منحى متعدد الجوانب لمواجهتها، وإنجاز تعاون إقليمي ودولي للتصدي لظاهرة الإرهاب.
وقال: "ظاهرة الارهاب تشكل خطرًا كبيرًا على استقرار المجتمع الدولي، ما يتطلب تضافر الجهود الدولية في مكافحة هذه الظاهرة الخطيرة، وتحصين الجبهة الداخلية في دولنا لمواجهة هذه الأخطار في الدول المجاورة".
أضاف: "هذا المؤتمر يعقد في ظروف حرجة ومخاطر جمة تحيط بالمنطقة، لا سيما وهي تعيش ظروفًا بالغة الخطورة وتحديات كبيرة لم تشهدها منطقتنا من قبل، مثل تفاقم الأزمات السياسية، وتفكك البنية الاقتصادية، وانهيار الأمن وسلطة القانون في عدد من دول المنطقة، وانتشار الإرهاب بجميع أشكاله والحركات المسلحة المتطرفة".
وأكد أمين عام مجلس التعاون لدول الخليج العربية عبداللطيف بن راشد الزياني أن مجلس التعاون أصبح عامل استقرار في المنطقة، "وملاذًا آمنًا لدوله وجواره الإقليمي، وأثبت في الفترة الأخيرة أنه كيان فاعل ومؤثر، حينما تقتضي الضرورة ذلك".
&