تشير آخر معطيات التنوع الاجتماعي في العراق إلى انخفاض معدل نمو السكان مقابل ارتفاع معدل أعمارهم، فيما بلغت نسبة الرجال بينهم 51 بالمائة والنساء 49 بالمائة وزيادة نسبة تزويج القاصرات بنسبة 5.5 بالمائة.. وسط دعوات لتنفيذ المشاريع الاساسية الخاصة بالبنى التحتية وفق مبدأ الدفع بالآجل وتشجيع الاستثمارات الاجنبية لمواجهة الازمة الاقتصادية الحالية التي تواجه البلاد.


لندن: كشفت وزارة التخطيط العراقية الاربعاء عن انخفاض النمو السكاني في العراق حالياً بنسبة 2.8 % بعد أن كان 3 % للفترة بين عامي1997 و 2007، وأشارت في تقريرها الرابع عن قضايا النوع الاجتماعي ودور المرأة والرجل في التنمية، والذي اصدره الجهاز المركزي للاحصاء التابع للوزارة وتسلمت "إيلاف" نسخة منه، إلى أنّ حجم السكان لعام 2013 بلغ 35 مليون نسمة ونسبة الذكور بينهم 51% فيما بلغت نسبة الاناث 49%.

وأوضحت أن نسبة السكان في المناطق الحضرية بلغت 69% والريفية 31% فيما بلغ معدل متوسط عدد أفراد الأسرة وعلى مستوى العراق 6.2 افراد، منها 5.9 افراد في المناطق الحضرية و6.2 افراد في المناطق الريفية.

الفجوة بين الجنسين

وأشارت وزارة التخطيط إلى أنّ الفجوة بين الجنسين بلغت 1.8 وهي تبدو ثابتة للسنوات الاخيرة، وأن العوامل التي أثرت على تفوق أعداد الرجال على النساء هي حصيلة مؤثرات منها الولادات والوفيات والهجرة حيث تتفاوت هذه الفجوة باختلاف تلك المؤثرات.. وبينت أن نسبة السكان على مستوى الحضر أعلى من الريف لكن نسبة الرجال والنساء متساوية سواء في الحضر والريف للأعوام 2011 و 2012.

وأظهر التقرير أن نسبة الجنس عند الولادة 104 ذكور لكل 100 أنثى، وتشير النسبة في المناطق الحضرية إلى 103 ذكور لكل 100 أنثى، والمناطق الريفية 105 ذكور لكل 100 أنثى.. أما نسبة الجنس لجميع الأعمار فقد بلغت 102 ذكر لكل 100 أنثى.

واضافت الوزارة ان المرأة في الريف تترأس الأسر بنسبة 16 في المائة وفي الحضر 19 في المائة، وهذا يعكس حجم الأعباء الملقاة على عاتقها وتحمل ثقل كاهل التربية وإدارة أمور الأسرة... لافتة إلى أنّ معدل العمر لدى النساء والرجال في العراق ارتفع بمعدل 9.5 نقاط خلال المدة بين 1990 و2011 إذ بلغ معدل العمر عام 2011 (69) سنة للرجال و( 71 ) سنة للنساء.

وكشفت وزارة التخطيط أن نسبة الذكور بعمر اقل من 15 سنة بلغت نسبة41 &في المائة والإناث 40 في المائة، كما بلغت نسبة السكان بعمر 15 - 64 سنة 56 في المائة، بينما بلغت نسبة السكان للفئة العمرية 65 سنة فأكثر 3 في المائة.. فيما بلغ معدل الإعالة العمرية 77 في المائة، أي كل 100 شخص في سن العمل، وهو 15 - 64 سنة، يعيلون 77 شخصًا من السكان خارج قوة العمل.

الزواج المبكر

وتحدث تقرير وزارة التخطيط عن الزواج المبكر باعتباره من الظواهر الشائعة في المجتمع العراقي وبشكل خاص عند المجتمع الريفي.. مبينًا أن نسبة الفتيات المتزوجات بعمر أقل من 15 سنة على مستوى العراق بلغت 5.5 في المائة وفي المناطق الحضرية 5 في المائة، وهي أقل من المناطق الريفية... أما على مستوى المحافظات، فإن محافظة ميسان تعد من أعلى المحافظات في تزويج الفتيات بعمر اقل من 15 سنة حيث بلغت 9.6 في المائة ونسبة النساء بعمر 15 و 19 سنة اللواتي لديهن مولود 11 في المائة

أما معدل الخصوبة العامة فقد بلغ 128.4 ولادة حية لكل 1000 من الإناث في سن الإنجاب، أما متوسط الخصوبة الكلية فقد بلغت 4.2 ولادات حية لكل امرأة في سن الإنجاب في المناطق الحضرية 4.1 والمناطق الريفية 4.7، اذ تؤثر عوامل عدة على الخصوبة الكلية منها ثقافية وتعليمية واقتصادية واجتماعية في تحديد معدل الخصوبة الكلية وأن علاقة الشهادة التي تحصل عليها المرأة المتزوجة مع الإنجاب هي علاقة عكسية، فكلما حصلت على شهادة أعلى كلما قلت الخصوبة الكلية.

وقالت الوزارة إن متوسط العمر عند الزواج الأول يبلغ 25 سنة منها بين الذكور 26 سنة وبين الإناث 23 سنة وفي المناطق الريفية 24 سنة وفي المناطق الحضرية (25) مما يدل على أن سكان المناطق الريفية يتزوجون بعمر أقل من المناطق الحضرية.. فيما بلغ معدل الطلاق عام 2012 في العراق ( 2 ) مطلقين لكل 1000 من السكان وبلغ معدل الزواج 7 لكل 1000 من السكان.

واضاف تقرير وزارة التخطيط ان نسبة السكان المراهقين والشباب للفئة العمرية بين 10و 19 سنة شكلت 23 في المائة من السكان لعام 2013 منهم 23.5 في المائة من الذكور و23 بالمائة من الاناث في حين بلغت نسبة السكان للفئة العمرية بين 15 و24 سنة 20 في المائة.

مقترحات لتجاوز الأزمة

ومن جهة أخرى، أشار مدير عام دائرة السياسات الاقتصادية والمالية في وزارة التخطيط علاء الدين جعفر إلى أنّ الاقتصاد العراقي حقق خلال السنوات الاخيرة تطورًا هامًا في العديد من المؤشرات والمتغيرات الاقتصادية اذ سجل الناتج المحلي الاجمالي في عام 2012 وبالاسعار الجارية ارتفاعاً بنسبة زيادة بلغت بحدود 16 % ليصل إلى 252 تريليون دينار (حوالي 230 مليار دولار) مقابل 217 تريليون دينار لعام 2011.

&كما ارتفع الناتج المحلي الاجمالي بالاسعار الثابتة إلى 70 مليار دينار في عام 2012 مقابل 64 مليار دينار عام 2011 مسجلاً بذلك نسبة ارتفاع بلغت 10.4% ويُعزى هذا التحسن في نمو الناتج المحلي الاجمالي إلى جملة من العوامل منها: ارتفاع كمية انتاج النفط الخام بمعدل 11% بين عامي 2011 و 2012، فضلاً عن إرتفاع سعر برميل النفط الخام إلى 107 دولارات عام 2012 بعد ان كان 103 دولارات للبرميل عام 2011 وبنسبة زيادة بلغت 3.8%، وهذا ما يعكس العلاقة الوثيقة ما بين سعر النفط عالميًا ومعدلات النمو المتحققة في الاقتصاد العراقي.

وتشير هذه الارقام إلى وضع الاقتصاد العراقي قبل الهزات الاخيرة التي تعرض لها نتيجة انخفاض اسعار النفط وتصاعد نفقات الحرب ضد الارهاب، اضافة إلى الفساد المالي خلال الحكومة السابقة.

واوضح جعفر انه على الرغم من هذه التطورات الايجابية لا يزال الاقتصاد العراقي يواجه العديد من المشاكل والتحديات الاقتصادية والاجتماعية تتمثل بضعف دور القطاع الخاص في عملية التنمية.. وريعية الاقتصاد العراقي واعتماده على النفط كمصدر وحيد للايرادات.. فضلاً عن ضعف الانتاجية وعدم مرونة الجهاز الانتاجي وتراجع دور الجهاز المصرفي في تلبية متطلبات التنمية صاحب ذلك ارتفاع مستمر في حجم النفقات التشغيلية على حساب النفقات الاستثمارية.. والزيادة المستمرة في حجم السكان وارتفاع نسبة الفقر مع عدم قدرة النظام التعليمي على مواكبة تطورات العصر وتلبية حاجات التنمية من العناصر البشرية المدربة.. وتفشي ظاهرة الفساد الاداري والمالي.

حلول

وفي إطار الحلول المتاحة، أشار جعفر إلى أنّ هناك العديد من الاجراءات التي يمكن للحكومة القيام بها&للتقليل من العجز من بينها: اللجوء إلى اصدار سندات اقراض بدلاً من خطابات الضمان ويتم بيع هذه السندات للمواطنين بأسعار محددة بحسب نوع كل معاملة كشراء السيارة أو العقار أو غيرها، وهذا الاجراء من شأنه توفير مبالغ كبيرة تساهم في سد جزء من العجز.

أما في ما يتعلق بالضرائب والرسوم فيؤكد جعفر أن المجال واسع امام العراق للاستفادة من هذه الاداة في تعزيز الايرادات المالية للدولة من خلال تفعيل عدد من الاجراءات الخاصة بالرسوم الجمركية وتقديم الخدمات وفق آلية السوق ومبدأ استرداد تكلفة الخدمة وفرض رسوم على استخدام الطرق السريعة والمرافق الحكومية الاخرى.. لافتًا إلى أنّ كل هذه الاجراءات تبقى محدودة الأثر ما لم يتم تفعيل القطاعات الاقتصادية الحقيقية وخلق بيئة فاعلة للاستثمار والاعمال المولدة للدخل والثروة.

ورأى جعفر أن الظروف الحالية التي تمر بها الميزانية العامة للدولة، وانعكاس ذلك على تنفيذ المشاريع الاستثمارية، قد تتطلب اعادة التفكير في طرح تنفيذ المشاريع الاساسية الخاصة بالبنى التحتية وفق مبدأ الدفع بالآجل، وهي فرصة للقطاع الخاص المحلي والاجنبي للمشاركة في تحمل جزء من العبء الاستثماري الذي تقوم به الدولة، لاسيما وان العراق لديه الضمانات الكافية للوفاء بالتزاماته المستقبلية.

كما أن الخيارات مفتوحة لتشجيع الاستثمار الاجنبي للمساهمة في تنمية المناطق الاقتصادية بمختلف اشكالها، والتي يتم نشرها على المحافظات وحسب الميزة النسبية لكل منها، حيث أن العراق مؤهل لأن يكون موطنًا" لكثير من الصناعات التي لها سوق" رائجة سواء في داخل العراق أم في الدول الاقليمية المجاورة.

يذكر أن الحكومة العراقية شكلت امس الثلاثاء خلية أزمة برئاسة رئيسها وعضوية وزراء مختصين لمعالجة الوضع الاقتصادي المتعب، وأعلن مصدر حكومي عقب اجتماع لمجلس الوزراء برئاسة حيدر العبادي أن الحكومة قررت تشكيل خلية ازمة برئاسته وعضوية وزراء المالية هوشيار زيباري والنفط عادل عبد المهدي والتخطيط سلمان الجميلي وعلي العلاق محافظ البنك المركزي، اضافة إلى مظهر محمد صالح المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء، ستتولى تحديد اولويات الحكومة ومجالات الانفاق العام وسد العجز في الميزانية والبالغ 30 مليار دولار.

كما تقرر تشكيل خلية أزمة في كل وزارة من وزارات الدولة تتولى تقليص النفقات والسعي لزيادة الموارد المالية للخزينة العامة. وستقوم الخلية بوضع اولويات الحكومة وابواب الصرف، كما تم تخويلها الاستعانة بالخبراء والمختصين في عملها.

وجاء تشكيل الخلية في محاولة لمواجهة الأزمة الاقتصادية في البلاد والضغط على النفقات ووضع خطة تقشف صارمة تعالج النقص الحاد في الموارد المالية نتيجة الانخفاض الحاد في اسعار النفط، الذي تعتمد البلاد عليه في توفير موارد ميزانيتها العامة بنسبة تفوق 90 بالمائة، اضافة إلى تعويض نفقات الحرب الباهظة ضد تنظيم "داعش"، الذي يسيطر على مساحات واسعة من البلاد، وحيث ادت ايضًا إلى نزوح اكثر من مليوني عراقي هم بحاجة الآن إلى مساعدات انسانية ضخمة.