بعد مرور أكثر من عام على تسلم تحالف التجار لدفة قيادة بيت التمويل الكويتي بمساعدة الحكومة، وتخليصه من براثن الإسلاميين الذين سيطروا عليه على مدى عقود، ما زالت المشاكل تحاصر البنك من كل حدب وصوب، فالتصنيفات سلبية والديون المتعثرة مرتفعة والثقة بالسهم مفقودة، ونزيف شطب الديون وما يقابلها من مخصصات مستمر.

الكويت: كل يوم يطفو جزء جديد من جبل المشاكل التي يعانيها "بيت التمويل الكويتي"، الذي تقدر أصوله بنحو 17.5 مليار دينار (52.5 مليار دولار)، وتبلغ حصة الحكومة فيه 48% من خلال "هيئة الاستثمار" و"التأمينات" و "شؤون القصر" و "الأوقاف"، وذلك نتيجة الممارسات الخاطئة والإدارة غير الرشيدة لمجالس إدارات متعاقبة، تحكم فيها الاخوان المسلمون.

الأكثر تأثرًا بتداعيات الازمة العالمية

فلم يكن تثبيت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني لنظرتها المستقبلية السلبية للبنك، مفاجئًا للأوساط الاقتصادية، فالتركة ثقيلة وحجم المخالفات والعبث بمقدرات البنك كان كبيراً، ولولا ضعف القوانين وعدم رغبة الأطراف المعنية بإعلان الحقائق الكاملة وتوسيع دائرة المواجهة، لتمت محاسبة عدة مجالس إدارات متعاقبة.

فالبنك على خلاف غالبية البنوك الاسلامية محليًا وعالميًا، كان من الأكثر تأثرًا بتداعيات الازمة المالية العالمية، والأكبر انكشافاً على شركات الاستثمار والعقار المتعثرة، والتي كانت في معظمها "إسلامية"، ومنها على سبيل المثال مجموعتا "أعيان" و "عارف"، و "دار الاستثمار" ، ما يعني أن اموال المساهمين والمودعين قد تم تسخيرها لجهات بعينها، لأسباب تنظيمية، وليس وفقًا لمعايير اقتصادية ومصرفية، مما تسبب في ضعف شديد بجودة الأصول وارتفاع نسبة الديون المتعثرة.

ورغم أن "بيتك" كان من أكثر المصارف المحلية استقطاعًا للمخصصات، مقابل انخفاض قيم الاصول والديون المتعثرة، بقيمة بلغت 1.6 مليار دينار (4.8 مليارات دولار) خلال الأعوام من 2008 الى 2014، والأكبر من حيث حجم الديون المشطوبة وما يقابلها من مخصصات، ما زالت نسبة الديون المتعثرة اعلى من المتوسط العالمي (3%) والمحلي (4%).

وهذا يعني أن المصرف ما زال بحاجة الى استقطاع مخصصات جديدة من أرباح مساهميه ومودعيه، وهو ما دفع الهيئة العامة للاستثمار (المالك الاكبر بحصة 24%) للإعلان عن نيتها للتخارج من "بيتك" إلا إنها لم تتخذ خطوات جديدة بهذا الاتجاه.

أزمة ثقة

وفي محاولة منه لتصحيح الأوضاع، اتخذ مجلس الادارة الحالي قرارًا بالتخلص من بعض الاستثمارات المحلية، آخرها بيع حصته في شركة نفائس، والخروج من "بيتك ماليزيا" الذي يعتبر من أضعف الاستثمارات الخارجية للمجموعة الى جانب "بيتك البحرين"، حيث ان نسبة التمويل غير المنتظم بلغت 15% و 23% لكل منهما على التوالي ما يجعلها دليلاً واضحاً على فشل القرارات الاستثمارية لمجالس الادارات الاسلامية السابقة.

وهو ما يفسر أيضا العرض المتدني الذي تقدم به بنك "QNB" القطري، والأسباب التي جعلته المتقدم الرسمي الوحيد لشراء وحدة ماليزيا، وحيثيات تراجع مجلس الادارة الحالي لمجموعة "بيتك" عن قراره السابق بالتخارج، والبدء بعملية اعادة هيكله لتحسين أوضاع الفرع قبل عرضه مجددا للبيع.

من جهة أخرى، فإن تداولات سهم "بيتك" في البورصة، تكشف ان الظروف التي يمر بها البنك بالغة الصعوبة، فقد تراجع السعر السوقي للسهم بواقع 23.2% منذ نهاية 2014 ليستقر عند 560 فلسًا بنهاية الأسبوع الماضي، ما يكشف أزمة الثقة التي خلفها الاسلاميون، ومدى التحدي الذي تواجهه الادارة الحالية باستعادة الثقة شبه المفقودة.

مهمة إصلاح

فهل ينجح مجلس الادارة الحالي، الذي يسيطر علية تحالف مكون من عدة مجموعات اقتصادية كبيرة بالكويت يترأسه المصرفي البارز حمد المرزوق، من إنجاز المهمة المستحيلة وإصلاح ما أفسده الاسلاميون؟

وهل المجلس قادرعلى إعادة تصويب البوصلة بالاتجاه الصحيح من خلال استكمال برنامج اعادة هيكلة المجموعة ادارياً واستثمارياً، في ظل الضغوط الشديدة التي يواجهها "بيتك" للحفاظ على حصته السوقية من قبل البنوك الاسلامية المنافسة، وأبرزها بنك "بوبيان" المملوك لبنك الكويت الوطني (القطب التقليدي الأقوى بالسوق المحلي) وبنك وربة أحدث بنك اسلامي وبنك الكويت الدولي "العقاري سابقًا"، الى جانب "المتحد" المملوك لـ "المتحد البحرين" الذي كان يترأسه المرزوق سابقًا؟