في خطوة مفاجئة، وصفها مراقبون بأنها "عكرت مزاج المصريين"، رفعت الحكومة أسعار السجائر بنسبة 50%، تمهيداً لرفعها بنسبة مائة بالمائة خلال ستة أشهر، وبررت القرار بأنه يأتي لدعم قطاعات الصحة والتعليم.

صبري عبد الحفيظ من القاهرة: بشكل مفاجئ، أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسى، قرارًا بقانون يحمل رقم 12 لسنة 2015، بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991. ورفع القانون الضريبة على السجائر المستوردة والمحلية إلى 50% من سعر بيع المستهلك بالإضافة إلى 225 قرشا للعبوة التى لا يزيد سعر بيع المستهلك النهائي عن 10 جنيهات، وكانت قبل ذلك بذات النسبة (50%) من سعر بيع المستهلك، بالإضافة إلى 175 قرشًا للعبوة التى لا يزيد سعر مبيعها النهائي للمستهلك عن 900 قرش.&
واستقبل المصريون القرار بحالة من التباين، فبينما أثار غضب البعض، لا سيما المدخنين، لقي ترحبياً لدى آخرين، لكن الصدمة الأكبر جاءت في أعقاب تصريحات لوزير المالية هاني قدري، قال فيها إن القرار سوف يتبعه ارتفاع في أسعار الكهرباء والمياه. وأضاف إن "رفع أسعار السجائر كان ضروريًا في هذا التوقيت لتوفير موارد تمويل للإنفاق على الخدمات الصحية في السنة المالية الجديدة". وتابع في تصريحات له: "إحنا متصورين إن الانفاق على الخدمات الصحية بالكامل على مستوى الجمهورية يزيد عن 18 لـ19 مليار جنيه في السنة المالية الجديدة، لازم تبدأ تجيب موارد تمويل من دلوقتي، منقدرش نستنى ونتأخر على هذا الالتزام، فواحدة من الإجراءات المهمة التي تلجأ ليها الدول ومن ضمن أيضًا التزامات مصر مع منظمة الصحة العالمية، إنك بتبدأ تحرك أسعار السجائر على أنها من أنماط الاستهلاك غير الصحية".

الهدف من القرار
وحول الهدف من اصدار القرار بشكل مفاجئ، قال: "فيه أنواع معينة من تحريك الأسعار لا بد أن تتم بشكل يتسم بالهدوء الشديد وبعيدًا عن الاتصال لأنه بيبقى له حساسية مهمة جدًا وتسريب الأخبار ممكن يأتي بما لا تحمد عقباه، منها هذه الزيادة، عمر ما كانت مصر على مدار الـ20 سنة اللي فاتت، على حد علمي، أنها تشاورت حول زيادة أسعار السجائر مع شركات الإنتاج".
وأعلن قدري أن الحكومة تعمل على إلغاء دعم الطاقة والكهرباء، وقال: "هناك قرار معلن ومنشور بتعديلات أسعار الكهرباء على مدار خمس سنوات للتخارج من دعم الكهرباء في ما عدا الشرائح الأولى التي يستفيد منها الفقراء"، وتابع: "التخارج لازم هيحصل على كل المنتجات البترولية، وعلى مدار 5 سنوات لازم تتخارج من دعم الطاقة علشان تجد الموارد التي تستطيع بها أن تنفق على البرامج التي لها بعد اجتماعي والاستثمار في رأس المال البشري زي الصحة والتعليم مثلًا".
فيما قال السفير حسام القاويش، المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء، إن حصيلة الضرائب التي سيتم توفيرها والتي ستتراوح بين 5 و5.5 مليار جنيه سنويا، سيتم توجيه الجزء الأكبر منها لتحسين خدمات الرعاية الصحية في جميع أنحاء الجمهورية. وأضاف في بيان له أنه سيتم تخصيص ما بين 1.6 إلى 1.7 مليار جنيه لقطاع التأمين الصحي، وذلك في إطار سياسة الحكومة بربط أي إجراء إصلاحي يُطبق ببرامج الُبعد الاجتماعي، مؤكدا في الوقت نفسه أن مصر لا تزال من أقل دول العالم في معدلات الضرائب المفروضة على السجائر والتبغ عموما.
وحذر خبير إقتصادي من ارتفاع أسعار السلع الإستراتجية، وقال مجدي عبد الفتاح، مدير &مركز البيت العربي للبحوث والدراسات، إن خطورة رفع الضرائب على السجائر مرتبط بارتفاع أسعار السلع الإستراتيجية التي يعتمد عليها المواطن المصري في حياته اليومية، فالأمر ليس متعلقًا بسجائر فقط. وأضاف في تصريح أرسله لـ"إيلاف" أن العجز النقدي وصل إلى 105,7 مليارات جنيه خلال الفترة من تموز (يوليو) إلى تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 وفق إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، الأمر الذي دفع الحكومة للبحث عن حلول سريعة لمعالجة الموقف، والتي تعد رفع الضرائب على السجائر جزءا منها دون أن تراعي الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية للمواطن المصري.&
&
المستهلكون
وأوضح أن هناك ارتباطًا بين ارتفاع الأسعار التي شهدتها الأسواق المحلية المصرية وقرار رفع الضرائب على السجائر في يوليو 2014، وتابع: ذكرت الإحصاءات الرسمية أن 66.2٪ من المدخنين يعملون بأجر نقدي، و20.3٪ من أصحاب الأعمال بالإضافة إلى أن 57.6٪ من إجمالي المدخنين حاصلون على شهادة أقل من المتوسط، ونصف هذه النسبة تقريبا من الأميين، 8.7٪ من المدخنين حاصلون على مؤهل جامعي أو أعلى، وأن 4.1% من الإنفاق الكلى للأسرة المصرية ينفق على التدخين، و1062 جنيهاً متوسط نصيب الأسرة المصرية من الإنفاق السنوي على التدخين، و2605 جنيهات متوسط الإنفاق السنوي على التدخين للأسرة التي فيها فرد أو أكثر مدخن (وفقاً لعينة مسح الدخل والإنفاق عام 2012/2013 للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء).
ونبه إلى أن تلك الأرقام التي توضح أن السجائر ليست سلعة ترفيهية، &بل أساسية لشرائح واسعة من المجتمع المصري &فغالبية مستهلكيها من الفقراء والعاطلين عن العمل، والأميين، أي أن رفع قيمة الضرائب عليها هو المزيد من الضغوط الاقتصادية على كاهل الأسر المصرية محدودة الدخل وسط فوضى السوق وغياب رقابة الدولة علي الأسعار.
وأعرب عن مخاوفه من ارتفاع نسبة التضخم وتراجع القدرة الشرائية وما ينتج عنها من تراجع عملية الإنتاج خاصة بعد توقعات صندوق النقد الدولي استمرار ارتفاع أسعار السلع في مصر وأن يصل معدل التضخم إلى 13.5% في عام 2015 مقارنة بـ10.1% في عام 2014.