توقع مراقبون أن تشهد أسعار النفط مزيدًا من الهبوط على خلفية ما يتردد عن إحراز تقدم في المفاوضات النووية بين إيران والقوى الدولية الست. واستعدادًا لهذه المرحلة أمضى الإيرانيون جزءًا كبيرًا من العام الماضي في التأكد من عمل الآبار ووحدات التصفية على الوجه المطلوب مع اختبار شبكة الأنابيب.


عبدالاله مجيد: يتوافر لدى إيران مخزون كبير من النفط، الذي لا تستطيع بيعه الآن، بسبب العقوبات، ولكن ضخ مئات آلاف البراميل منه في السوق النفطة، المتخمة أصلًا، يمكن أن يسفر عن مزيد من الهبوط في أسعار النفط، بحسب مراقبين.&

أول المتأثرين
تسبب احتمال مثل هذه الموجة من الصادرات النفطية الإيرانية في هبوط سعر نفط برنت، الذي وبعد ارتفاعه إلى 60 دولارًا للبرميل في شباط/فبراير، يحوم الآن حول 55 دولارًا للبرميل، وسط توقعات بالتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران بحلول 31 آذار/مارس.

وكانت العقوبات الغربية ضد إيران خفضت إنتاجها من النفط إلى نحو 2.8 مليون برميل في اليوم من 3.6 مليون برميل في أواخر 2011. وبعد هروب الاستثمارات الأجنبية أُغلقت حقول نفطية كاملة في إيران، فيما أخذت حقول أخرى تعمل بمستويات متدنية من طاقتها الإنتاجية.&

وتبلغ صادرات إيران النفطية الآن نحو 1.1 مليون برميل في اليوم، أو نصف حجمها قبل العقوبات. وباستثناء حفنة من البلدان التي تتعامل مع إيران، وتشتري نفطها بأسعار مخفضة، فإن القيود الدولية على الشحن والتأمين وتطوير البنية التحتية والخدمات المصرفية وتحويل الأموال إلى إيران وغير ذلك من جوانب الصناعة النفطية، تضافرت كلها للحدّ بدرجة كبيرة من صادرات إيران النفطية، ودفع الاقتصاد الإيراني إلى ضائقة شديدة.&

الزمان والقدرة
ونقلت صحيفة فايننشيال تايمز عن ريتشارد مالنسون المحلل الجيوسياسي في شركة إنرجي أسببيكتس الاستشارية أن إيران ومجوعة 5 + 1، التي تضم الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا، اقتربت من تسوية نقطتين، هما أمد سريان أي اتفاق نووي، وقدرة إيران على تخصيب اليورانيوم. لكن ما زالت هناك خلافات على وتيرة رفع العقوبات وتدرجها.&

إذ تريد إيران رفع العقوبات فورًا، ولكن القوى الدولية الست تصرّ على التحرك تدريجيًا في رفع مستويات متداخلة من العقوبات على مدى سنوات، حسب التزام إيران ببنود الاتفاق. ويستطيع الرئيس الأميركي باراك أوباما تعليق العقوبات موقتًا، ولكن الكونغرس وحده له صلاحية رفعها بصورة دائمة.&

وقال المحلل مالنسون إن الأسابيع أو الأشهر التي ستعقب الاتفاق على التفاصيل التقنية في حال وضع رفع العقوبات على الطاولة يمكن أن تشهد تخفيف العقوبات الأوروبية على الشحن والتأمين والخدمات المصرفية وتجميد الأرصدة وحظر استيراد النفط الإيراني. وكان وزير النفط الإيراني بيجان زنكنة أعلن أن مليون برميل في اليوم من النفط الإيراني ستضاف إلى إنتاج إيران وصادراتها النفطية في غضون أشهر إذا رُفعت العقوبات.&

استعدادات مبكرة
وأعلنت وكالة الطاقة الدولية من جهتها أن إيران "قد تكون في وضع يتيح لها زيادة الإنتاج والتصدير بسرعة" في حال التوصل إلى اتفاق نووي. وأشارت الوكالة إلى أن الإيرانيين استعدادًا لهذه المرحلة أمضوا شطرًا كبيرًا من العام الماضي في "التأكد من عمل الآبار ووحدات التصفية على الوجه المطلوب مع اختبار شبكة الأنابيب".&

وسيكون بمقدور إيران زيادة الإنتاج والصادرات بواقع 800 ألف برميل في اليوم خلال 6 إلى 12 شهرًا من رفع العقوبات، ولكن من المستبعد أن تصل إلى مستويات الإنتاج والتصدير قبل العقوبات، كما يرى روبن ميلز من شركة منار إنرجي كونسلتنغ الاستشارية.&

وستحتاج إيران استثمارات كبيرة من الشركات الأجنبية لزيادة الإنتاج. وقال ميلز لصحيفة فايننشيال تايمز إنه إذا رفعت العقوبات في منتصف هذا العام، لن تظهر النتائج بين ليلة وضحاها. ومن دون اتفاق شامل، من المستبعد أن تتمكن إيران من استدراج شركات طاقة عالمية.&

وتخطط إيران لإنتاج 5 ملايين برميل في اليوم بحلول عام 2020. ويقدر ميلز أن يكلف ذلك 30 مليار دولار حتى نهاية العقد لتحقيق هذا الهدف من دون احتساب الاستثمار في قطاع الغاز وصناعة التكرير وأي مصروفات أخرى لإدامة الإنتاج الأساسي.&

فقدان رؤوس الأموال
وقال مهدي كاظم زادة من شركة إفراز أدفايزرز الاستشارية المتخصصة بالصناعة النفطية الإيرانية إن العقوبات تركت قطاعي النفط والغاز الإيرانيين بحاجة ماسة إلى رؤوس أموال. وفي حين أن مسودات العقود التي تلوّح بها إيران مغرية للشركات، فإنها "تبقى مسودات، ويتعيّن إعدادها بالصيغة النهائية وإقرارها ثم تنفيذها" بحسب كاظم زادة.&

في هذه الأثناء يواصل العراق زيادة إنتاجه، في حين أن الدول الأخرى الأعضاء في أوبك لا تبدي ما يشير إلى نيتها خفض إنتاجها. وفي وقت تجد السوق النفطية صعوبة في استيعاب مئات آلاف البراميل الفائضة، فإن وصول المزيد من النفط الإيراني لن يكون موضع ترحيب. ويبلغ سقف إنتاج أوبك الآن 30 مليون برميل في اليوم.&

قال إلهام حسن زادة الباحث في معهد أوكسفورد لدراسات الطاقة إن إيران كانت دائمًا تطالب بفسح المجال لتمكينها من زيادة إنتاجها. وأضاف "إن العربية السعودية ودول أخرى تنتج أكثر، وإن إيران ستصارع من أجل حصتها من السوق".