بقيت روسيا على مسافة من البلبلة التي تهز اوروبا بعد الـ"لا" في استفتاء اليونان، فهي تراقب وتدرس الخيارات. ذلك أن العملاق الروسي يتساءل عمّا اذا كان عليه تقديم الدعم المباشر لأثينا، وبالتالي توجيه صفعة الى الاتحاد الاوروبي الذي وصلت علاقاته معه الى الحضيض على خلفية النزاع الاوكراني.


موسكو: غداة الاستفتاء الذي اعرب فيه 61% من اليونانيين عن رفضهم لمقترحات الجهات الدائنة لأثينا، اتصل رئيس الوزراء الكسيس تسيبراس بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وعبر بوتين له عن "دعمه للشعب اليوناني" وتناقشا في "مسائل عدة مرتبطة بتطوير التعاون الروسي اليوناني".

واعتبر الكسندر باونوف الباحث في مركز كارنيغي في موسكو والدبلوماسي الروسي السابق الذي كان معتمدًا في اثينا، "أن تسيبراس بحاجة الى ملياري يورو&او ثلاثة مليارات لاعادة فتح المصارف اليونانية باسرع وقت، لذلك اتصل ببوتين".

لكن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف اكد أن اليونان العضو في الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الاطلسي "لم تطلب مساعدة" موسكو التي لم يكف تسيبراس عن التقرب منها منذ توليه السلطة في كانون الثاني/يناير الماضي.

ففي غضون ثلاثة اشهر، قام رئيس الوزراء اليوناني بزيارتين الى روسيا، في تقارب توج بإبرام اتفاق مبدئي يقدر بملياري يورو في 19 حزيران/يونيو لتمديد خط انابيب للغاز الروسي الى اليونان.

وما سهل عملية التقارب ايضًا برأي الخبراء الديانة المسيحية الارثوذكسية المهيمنة في كلا البلدين.

ولفت باونوف الى ان روسيا قد تكون راغبة في مساعدة اليونان، لكن هل تملك الوسائل؟ فهشاشة اقتصادها الذي دخل في حالة انكماش بسبب العقوبات الغربية التي فرضت عليها في اطار النزاع الاوكراني، هو احد الاسباب الكامنة وراء الموقف المتريث الذي يعتمده بوتين.

فضلاً عن ذلك، فإن الازمة اليونانية ليست "خبرًا اقتصاديًا سارًا" بالنسبة لروسيا، فالاسواق المصابة بحالة ذعر امام احتمال خروج اليونان من منطقة اليورو تسببت بتدهور الروبل مع اقتراب الاستفتاء اليوناني كما لحظ وزير الاقتصاد الروسي الكسي ييوليوكاييف الثلاثاء.

واعلن الاخير ايضًا أن مسألة تمويل اليونان من قبل دول بريكس (البرازيل، روسيا، الهند، الصين وجنوب افريقيا) المجتمعة في قمتها السنوية في اوفا بروسيا ليست مطروحة.

وقال باونوف "ما هي المصلحة في اعطاء اليونانيين المال، فيما نحن في خضم ازمة اقتصادية؟ لا سيما وانهم لا يؤثرون كثيرًا على السياسة الاوروبية".

اضافة الى ذلك، فروسيا غضبت من التصويت اليوناني مع تجديد العقوبات الاوروبية على روسيا بعد بضعة ايام فقط من دعوة تسيبراس في سانت بطرسبورغ الى وضع حد لهذه "الحلقة المفرغة".

واكد باونوف أن الرئيس الروسي "براغماتي وليس مثالياً. فقبل أن يعطي المال لأثينا يتساءل عمّا اذا كان ذلك سيساعد روسيا. وهو في الوقت الحاضر ما زال يوازن بين الحسنات والسيئات".

ونبّه الى أن هذا يشكل ايضا الدليل على أن "الاتحاد الاوروبي بنيان هش، كما اعتبرت موسكو على الدوام. واليونان هي الصدع الذي سيستغله الكرملين".

ورأى جيمس نيكسي خبير روسيا في مركز الابحاث شاثام هاوس، أن موسكو ليست لديها استراتيجية طويلة الامد بالنسبة لليونان لكنها تتصرف بانتهازية سيئة النية".

وقال المحلل سيرغي كاراغانوف من كلية الاقتصاد العليا "إن كل شيء مباح للضغط على بروكسل"، مذكرًا بأن تسيبراس يستخدم موسكو كفزاعة في المفاوضات مع الدائنين الاوروبيين.