تدشّن مصر الخميس قناة السويس الجديدة معلقة عليها آمالًا إقتصادية كبيرة، بينما يشكك الخبراء العالميون في جدوى هذا المشروع في الوقت الراهن.

دبي: لا شك في أن قناة السويس الجديدة، التي يدشنها المصريون الخميس، مشروع ضخم يخدم الاقتصاد العالمي. لكن مع التراجع الذي يسجله هذا الاقتصاد، مع تصاعد الديون السيادية الأوروبية، وتراجع أسعار النفط العالمية، ثمة سؤال يدور على ألسنة الخبراء حول العالم: "ما هي الجدوى الاقتصادية من هذه القناة الجديدة على المدى المنظور؟".

بعض مغالاة
&
تناولت صحيفة "إندبندنت" البريطانية هذا المسألة لتطرح &سؤالا: "هل هناك حاجة فعلية لهذه القناة؟"، رغم اعتراف الصحيفة أنها هدية من مصر إلى العالم، علمًا أن الحكومة المصرية تروج لهذا الحدث بشكل غير مسبوق.
والقناة الجديدة مجرى ملاحي طوله 35 كيلومترًا، يسمح بحركة ملاحة مزدوجة في اتجاهين في منطقة معينة من مجرى القناة الأساسية.
&
وتقول الصحيفة إن مصر قدمت تقديرات شديدة التفاؤل لعائدات المشروع، متوقعة أن تزيد من عائدات قناة السويس السنوية من 3,2 مليارات جنيه استرليني حاليًا إلى نحو 8,5 مليارات جنيه استرليني في العام 2023. إلا أن ثمة بعض مغالاة في هذا التوقع، بحسب إندبندنت، فالمشروع قد لا يكون بهذا الحجم، طالما أن الملاحة في السويس تعتمد أساسًا على مرور ناقلات &النفط والغاز المسال من الشرق الأقصى والشرق الأوسط باتجاه أوروبا، وبالتالي، يضاعف هذا المشروع حجم العبور في السويس، "لكن حركة العبور في القناة أصلا أقل من هذا الحجم حاليًا، تأثرًا بتراجع حجم التجارة العالمية، والاوروبية تحديدًا، منذ العام 2005.
&
لا إجابات شافية
&
نظم مسؤولون حكوميون مصريون جولة في المشروع في الأسبوع الماضي لشخصيات اقتصادية. وحين سألهم أحدهم عن مصدر تقديراتهم لعائدات المشروع، ما وجدوا إجابة شافية، إلا الفريق مهاب مميش، رئيس قناة السويس، الذي ردها إلى اقتصاديين عالميين من دون أن يحدد أسماءهم أو هوياتهم. ومميش نفسه قال سابقًا في تصريح صحافي لوكالة أنباء الشرق الأوسط إن المشروع يحقق 100 مليون دولار سنويًا.
&
كان بيتر هينشكليف، أمين عام غرفة التجارة العالمية، واحدًا من الشخصيات المشاركة في هذه الجولة، فأكد للصحيفة أن حركة الملاحة في قناة السويس مرتبطة بالتجارة العالمية، رافضًا التعميم في إجابته عن سؤال يتعلق بالفروق الكبيرة بين التقديرات العالمية والتقديرات المصرية، وقال: "سنرى قريبًا العائدات الحقيقية، وقد أصدرت الحكومة المصرية توقعها للأرباح، ولن أعلق على ذلك".
&
أما حسام أبو جبل، المحلل الاقتصادي في معهد الشرق الأوسط، فأخبر "إندبندنت" &أن الحكومة المصرية، كأي حكومة أخرى، تتوقع حدًا أقصى من عائدات مشاريعها، "لكن التوقعات ترجح تراجع نمو التجارة العالمية حاليًا، ما لن يتيح لقناة السويس استضافة ضعف السفن التى تمر فيها حاليًا، كما أن حركة الملاحة الراهنة في قناة السويس لا تصل إلى الحد الأقصى المتاح، فهي تعتمد على السوق الأوروبية، وهذه سوق متراجعة منذ سبعة أعوام".
&
آراء خبيرة
&
من ناحية أخرى، قال حمدي برغوت، خبير النقل الدولي المصري، لوكالة الأناضول التركية للأنباء إن هذا المشروع سيجذب حركة التجارة العالمية إلى القناة الجديدة، "ما يمثل ضربة للمشروع الإسرائيلي، وكانت الحكومة الإسرائيلية صادقت في شباط (فبراير) 2012 على مشروع يستهدف شق طريق بديل لقناة السويس، عبر مد خط مزدوج للسكك الحديد إلى إيلات لنقل المسافرين والبضائع".
&
يضيف برغوت: "المشروع ضرورة ملحة لمواجهة مشاريع الممرات الملاحية المنافسة، ولزيادة الطاقة الاستيعابية وحركة النقل البحري المارة عبر قناة السويس، ولتقليل التكلفة الاقتصادية للرحلات البحرية بتخفيض ساعات الانتظار". والهدف من المشروع مضاعفة الدخل بنسبة 259 بالمئة.
&
وقالت مجلة "بزنس إنسايدر" الأميركية إنه على الرغم من أن قناة السويس تظل الطريق الأساسي الذي يعبره النفط الخام من الخليج والشرق &الأوسط إلى أوروبا، فإنها تفقد أهميتها مع عدم عبور واردات النفط الصينية والهندية في أي قناة.
&
ونسبت المجلة إلى رالف يشيشينسكي، رئيسي قسم الأبحاث في مؤسسة بانشيرو كوستا بروكريج، قوله: "القناة الجديدة أساسية لعبور النفط &الخام من دول الخليج العربي إلى أوروبا، لكنها تفقد جدواها إذ أن واردات النفط الصينية والهندية، المصادر الأساسية للنمو في الطلب على النفط، لا تمر في أي قناة".
&