غواتيمالا: اذا كانت غواتيمالا تعتبر واحدا من اقوى الاقتصادات في اميركا الوسطى نظرا الى اجمالي ناتجها المحلي المزدهر وعملتها القوية، فان الفساد ينخر هذا البلد الذي تعد فيه كلفة العائدات الضريبية مرتفعة.

وقال فرنشيسكو دو باولا غيتيريز، الاستاذ في مدرسة اينكايي للتجارة في كوستا ريكا، ان "اقتصاد غواتيمالا يشهد نموا ثابتا جدا، ترافق مع ارتفاع تراوح بين 3 الى 4% سنويا لاجمالي الناتج المحلي في السنوات الاخيرة".

ومن هم كبار شركائها التجاريين؟ الولايات المتحدة واميركا الوسطى.

واوضح هذا الاستاذ ان ابرز ما تصدره غواتيمالا هو "البن والموز والسكر والمنتجات النسيجية". واشاد ايضا باستقرار عملتها، كتزال، فيما شهد القسم الاكبر من العملات الاميركية اللاتينية تراجعا في الفترة الاخيرة.

لكنه سارع الى القول ان "مؤشراتها على صعيد المنافسة والتنمية البشرية والفقر، ضعيفة جدا"، مبررا ذلك بالعائدات الضريبية المتدنية جدا، والتي "تناهز 10,5% من اجمالي الناتح المحلي"، في مقابل نسبة بلغ متوسطها 34,1% في اطار منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في 2014.

وقال ايضا مينور كابريرا الخبير الاقتصادي في المؤسسة الاقتصادية للتنمية (فيديس) في غواتيمالا، "نحن ننتمي الى مجموعة البلدان التي تسجل اقوى نمو" في اميركا الوسطى.

واضاف ان البلاد "تستند الى اربعة محركات كبيرة، هي القطاع المالي والاتصالات والطاقة والصناعات الاستخراجية مثل المناجم والنفط".

لكنه ينتقد ايضا العائدات الضعيفة التي تؤمنها الضرائب. وقال "لا تتوافر لغواتيمالا القدرة على صعيد العائدات الضريبية، لتأمين خدمات عامة نوعية".

وقد سرعت فضيحة فساد في جهاز الجمارك رفع الحصانة الثلاثاء عن الرئيس اوتو بيريو الذي يتهمه القضاء بترؤس هذه الشبكة التي كانت تعفي بعض المستوردين من الرسوم في مقابل رشاوى.

وبعبارة صريحة، اوجز مانفريدو موروكين، مدير منظمة اكسيون كيدادنا غير الحكومية، وهي الفرع المحلي لمنظمة ترنسبرنسي انترناشونال لمكافحة الفساد، الوضع بقوله ان "الفساد قد التهم الدولة".

واضاف ان "جميع الخدمات العامة قد انهارت تقريبا"، واعطى مثال المستشفيات "التي تطلب من الناس شراء كل شيء، فعلى العائلات ان تحضر القطن والمقصات، فالموظفون والاطباء موجودون وليس المواد حتى الاساسية منها، لمعالجة المرضى".

وعلى الصعيد التربوي قال "ثمة مدارس بنيت قبل 50 عاما، بلا سطوح ولا مقاعد لجميع التلاميذ، وقد وضعت اخشاب على ارضها".

لكن كيف يعرف بالضبط ما الذي يكلفه الفساد لخزينة الدولة؟ وقد اخذت مؤسسة اميركا الوسطى للدراسات الضريبية المسألة على عاتقها قبل اسابيع بالتعاون مع منظمة اوكسفام غير الحكومية.

وقال جوناتان مينكوس المدير التنفيذي للمؤسسة ان "ما وجدناه، حتى لو كان من الصعب جدا معرفة كثافة الفساد نظرا الى جانبه المظلم ووجوهه المتعددة، هو ان الفساد يبتلع حوالى 30% من الميزانية".

واضاف "اذا كان 20% من هذا المبلغ الاجمالي يضيع فعلا بسبب الفساد -المستوى الادنى الملاحظ في بقية انحاء العالم- فان خسائرنا تناهز 4,2 كتزال، اي 500 مليون دولار" سنويا.

واوضح ان "كلفة الفساد تشكل اربع مرات الميزانية الحالية للنيابة العامة المكلفة التصدي لهذا الفساد".

وللتشديد على استفحال هذه الظاهرة، قامت المؤسسة بعمليات مقارنة مع نفقات الدولة، كشفت الفوضى الاجتماعية التي تشكلها هذه الافة في بلد يعيش 53,7% من سكانه تحت عتبة الفقر، كما يؤكد البنك الدولي.

واوضحت ان ال 500 مليون دولار التي تبخرت "هي الى حد ما ثلاثة ارباع ميزانية الصحة العامة" وتحرم "3,5 ملايين طفل من دون تغذية في المدرسة" وتؤدي الى "خسارة حوالى 5000 منحة تعليمية".

والاخطر ايضا ان هذا المال المفقود يعني ان "800 الف شاب لا يستطيعون الاستفادة من برامج الوقاية من العنف، في بلد يشكل الشباب فيه وقودا للجريمة المنظمة" التي تحصد القسم الاكبر من القتلى سنويا.