كوكوتا: توترت العلاقات بين كولومبيا وفنزويلا في الاسابيع الاخيرة، من جراء ازمة هجرة غير مسبوقة على الحدود التي تعد منطقة لعمليات تهريب كثيفة يشجعها تجاور النظامين الاقتصاديين المتناقضين.

فسكان منطقة كوكوتا على الجانب الكولومبي يواجهون صعوبة في التأقلم مع الوضع المستجد. فمنذ اغلقت كراكاس الحدود في 19 آب/اغسطس، تناهز صفوف الانتظار امام محطات البنزين الكيلومترين.

وفي الاوقات العادية، يتزود القسم الاكبر من الناس بالمحروقات من السوق السوداء بأقل من دولار واحد للوقود الفنزويلي.

وتشمل عمليات التهريب هذه ايضا المنتجات الغذائية او المواد الاساسية المدعومة منلنظام الاشتراكي في فنزويلا، وتباع في كولومبيا بأسعار تتحدى اسعار اقتصاد السوق.

وقال مصدر حكومي كولومبي طلب عدم الكشف عن هويته "عندما تباع سلعة بسعر عادي في بلد، ويزداد سعرها 2000% في البلد الآخر، من الصعب منع التهريب حتى لو استنفرنا كل جيوش العالم".

وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال فرناندو فلوريس الذي كان ينتظر دوره امام المحطة، "نحن معتادون ويا للاسف على التهريب، على اسعار المحروقات في الجانب الاخر (في فنزويلا)، ولا نملأ خزانات سياراتنا بالوقود في المحطات الكولومبية إلا اذا حصلت مشكلة، كما هي الحال الان".

وتتمدد اعداد كبيرة من الاكواخ الخشبية المليئة بصفائح البنزين القديمة من كل الالوان، على طول طريق الحدود في كوكوتا. وهنا، على مرأى من الجميع، يعمد اشخاص الى ملء خزانات السيارات بواسطة انابيب عتيقة.

وقبل الازمة الحدودية، كانوا يذهبون كل يوم الى الجانب الاخر لشراء ارخص بنزين في العالم وبيعه في كولومبيا. وقال احدهم خوان كارلوس توريس "لولا فنزويلا، لما تمكنت من كسب قوت يومي".

وذكر رولان رودريغيز، استاذ العلوم السياسية في جامعة دل روزاريو الكولومبية ان هذه المنطقة هي واحدة من اكثر المناطق تأثرا بالبطالة. واضاف ان "الدولة الكولومبية تغض النظر عن بعض الظروف التي تشجع التهريب وتفضل الا تفرض عقوبات طالما لا يتسبب بعواقب اقتصادية كبيرة".

لكن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو لا ينظر الى الموضوع من هذه الناحية. فهو يريد استئصال انصار الجيش ومجموعات المافيا التي تنظم عمليات التهريب، كما يقول.

وفي اعقاب هجوم على جنود فنزويليين، امر باقفال عدد كبير من المراكز الحدودية واعلن حالة الطوارىء التي اسفرت عن ابعاد اكثر من 1300 كولومبي. وفر حوالى 10 الاف آخرون خوفا من ابعادهم وخسارة اموالهم.

وشددت كراكاس على القول ان معدلات الجريمة قد تراجعت منذ ذلك الحين في المنطقة، وان ان عمليات تزويد المتاجر بالسلع فيها قد تحسنت.

واذا كانت الحكومة الكولومبية تؤكد هي ايضا عزمها على التصدي للتهريب، فانها لا تؤيد استراتيجية مادورو الذي يتهمها باستغلال الأزمة لاغراض انتخابية، وبأنها تريد إلهاء الفنزويليين عن الفوضى الاقتصادية في بلادهم قبل الانتخابات التشريعية في السادس من كانون الاول/ديسمبر.

وقال الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس الاربعاء "نريد بالتأكيد القيام بكل ما في وسعنا لملاحقة هذه العصابات الاجرامية التي تتحكم في التهريب. لكن ذلك لا يتم عبر اقفال الحدود".

وبعد تسريحهم في العقد الماضي، انصرف عدد كبير من انصار الجيش الى التهريب الذي يؤمن، بسبب الهوة الاقتصادية مع فنزويلا، "ارباحا تفوق ما تؤمنه تجارة المخدرات"، كما يقول رودريغيز.

فاذا حصل تهريب "داخلي" للطحين او الحليب المدعومين اللذين تشتريهما الامهات في فنزويلا، وانصرف حاملو الحقائب الى البيع بكميات ضئيلة، تعبر شاحنات كبيرة محملة بالبنزين ومختلف انواع السلع الحدود ايضا بمباركة الجمارك التي افسدتها المافيات، كما يقول محللون.

وهذا الوضع ليس جديدا، لكنه اتسع من جراء الانهيار الفنزويلي. ويقول استاذ العلوم السياسية ان من السهل في الواقع "ان تقول فنزويلا ان المشكلة ناجمة عن انصار الجيش الكولومبيين، وليست ناجمة عن السياسات الاقتصادية السيئة طوال 16 عاما".